الأمير محمد بن سلمان يصل إلى مسقط... والسلطان هيثم على رأس مستقبليه

استهل الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، جولته الخليجية، بوصوله مساء أمس إلى العاصمة العمانية مسقط، التي تعد المحطة الأولى ضمن جولته التي تشمل، إضافة إلى سلطنة عُمان، كلاً من الإمارات، وقطر، والبحرين، والكويت.
وتقدم مستقبلي ولي العهد بالمطار السلطاني الخاص، السلطان هيثم بن طارق بن تيمور سلطان عمان، كما كان في استقباله شهاب بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع، وخالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني، والفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني، وحمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية رئيس بعثة الشرف، وبدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، وفيصل بن تركي آل سعيد سفير سلطنة عمان لدى السعودية.
عقب ذلك، توجّه السلطان هيثم وولي العهد السعودي إلى السيارة الرئيسة التي أقلّتهما إلى ضيافة قصر العلم، مروراً بين صفين من الحرس السلطاني العُماني.
وكان الديوان الملكي السعودي أعلن في وقت سابق من أمس عن مغادرة ولي العهد البلاد في زيارات رسمية، تشمل دول مجلس التعاون الخليجي، وقال البيان إن زيارة ولي العهد تأتي بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وانطلاقاً من حرصه على التواصل مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعزيزاً لروابط الأخوة لما فيه خدمة ومصلحة شعوب دول المجلس؛ حيث يلتقي الأمير محمد بن سلمان في زياراته الرسمية لدول مجلس التعاون الخليجي بقادة «سلطنة عُمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، ومملكة البحرين، ودولة الكويت، لبحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في المجالات كافة، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك».
وتأتي أول زيارة رسمية لولي العهد إلى سلطنة عُمان في ظل تنامي العلاقات الثنائية بين البلدين، وبهدف بحث سبل تعزيز العلاقات في المجالات كافة، بما يخدم تطلعاتهما، إضافة إلى بحث مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك. وذكرت وكالة الأنباء العمانية أنه سيتم خلال هذه الزيارة بحث عددٍ من المجالات والجوانب ذات الاهتمام المشترك؛ خدمة لمصالح البلدين، وما يحقق تطلعات وآمال الشعبين العُماني والسعودي لمستقبل أكثر رخاءً، ونماءً، وازدهاراً.
وسوف يسهم تأسيس مجلس التنسيق السعودي العماني في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات كافة، ما يخدم توجهات البلدين لتحقيق رؤية «المملكة 2030» ورؤية «عمان 2040»، وما تتضمنه الرؤيتان ‎من مستهدفات ومشروعات للتنوع الاقتصادي قابلة للاستثمار بين الجانبين.
ويبحث ولي العهد مع السلطان هيثم بن طارق في مسقط، تعزيز التعاون الخليجي وتنسيق المواقف بين دول المجلس، فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، والعربية، والدولية، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. كما يبحث ولي العهد قضايا الأمن الخليجي، وخاصة الملف النووي والبرنامج الصاروخي الإيراني، وحلّ الأزمة اليمنية، بالإضافة إلى التطورات في العراق والوضع في سوريا وليبيا والقضية الفلسطينية.
وتشهد العلاقات السعودية نمواً متزايداً، فقد كانت الرياض هي الوجهة لأول زيارة خارجية قام بها السلطان هيثم بن طارق منذ تسلمه الحكم في يناير (كانون الثاني) 2020؛ حيث عقد في يوليو (تموز) الماضي قمة ثنائية مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في مدينة «نيوم» الساحلية على البحر الأحمر، وقد تُوّجت الزيارة بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي العماني، وفتحت آفاقاً أرحب وأوسع بين البلدين الشقيقين للتعاون في مختلف المجالات، وخاصة الاقتصادية.
وتزامناً مع زيارة ولي العهد السعودي لسلطنة عُمان، شهدت العاصمة العمانية مسقط أمس توقيع سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية التي تعزز الشراكة التجارية بين البلدين، كما عُقدت في مسقط أمس اجتماعات منتدى الأعمال العُماني السعودي، وعلى رأس الاتفاقيات التي أبرمها رجال الأعمال مشروعات الطاقة والمياه والخدمات اللوجستية.
وتُطلق زيارة ولي العهد لسلطنة عمان مجموعة من المبادرات المشتركة، تشمل الاستثمارات في مشروع إقامة منطقة صناعية في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم، والتعاون بمجال الطاقة. كما تتضمن الزيارة بحث الشراكة في مجال الأمن الغذائي، وافتتاح أول منفذ حدودي بري مباشر بين عمان والسعودية، عبر منفذ الربع الخالي، البالغ طوله 680 كيلومتراً، الذي سيسهم في فتح المجال أمام حركة البضائع من المملكة، مروراً بالطرق البرية في السلطنة، ووصولاً إلى موانئها التي ستسهّل تصدير البضائع السعودية والعُمانية إلى العالم.
ووقّعت سلطنة عُمان والسعودية، أمس، على 13 مذكرة تفاهم، من أجل العمل المشترك في مشروعات استثمارية بمليارات الدولارات، بين الجانبين السعودي والعُماني، عبر قيام عدد من الشركات المملوكة لجهاز الاستثمار العُماني والقطاع الخاص بتوقيع هذه المذكرات. وتتوزع هذه الاتفاقيات على قطاعات النفط والطاقة، والصناعات البتروكيماوية، والخدمات اللوجستية البحرية والبرية، والتعدين، والمشروعات العقارية، والصناعات الغذائية (استزراع الجمبري)، وستدعم هذه الاتفاقيات تحول الموانئ العمانية إلى منفذ للصادرات السعودية النفطية وغير النفطية إلى العالم.
وتتضمن الاتفاقيات اتفاقية بين شركة أرامكو للتجارة وشركة نفط عمان، لتزويد مصفاة الدقم بالمواد البترولية، وشراء مشتقات النفط من المصفاة، وتقييم مدى ملاءمة تخزين منتجات «أرامكو» من النفط والمنتجات البتروكيماوية بالدقم ورأس مركز، واتفاقية أخرى بين شركة «سابك» السعودية وشركة نفط عمان، لدراسة إنشاء مجمع بتروكيماويات مشترك في الدقم. كما تشمل الاتفاقيات بين الجانبين السعودي والعُماني، قيام شركة الخريف للبترول، بالتعاون والاشتراك مع شركة تطوير الأعمال الدولية العمانية (IDB)، بتوفير الدعم المحلي في كثير من المشروعات الخاصة بشركات «أوكسيدنتال» عمان، وشركة تنمية نفط عمان، وشركة بترول عمان، من أبرزها تصميم وبناء وتشغيل وصيانة منشآت لمعالجة النفط والغاز.
واتفاقية بين شركة النقل البحري السعودية، والمجموعة العُمانية العالمية للوجستيات (آسياد)، لتنفيذ مشروع للخدمات اللوجستية والمناطق الحرة، ومشروع للإرساء الجاف للسفن، ما يعد فرصة للاستثمار في التخزين وتوريد سلاسل الإمدادات الطبية والاستهلاكية.
واتفاقية ضخمة بين شركة «أكوا باور» السعودية، التي تعد من أبرز الشركات السعودية المستثمرة في السوق العمانية، مع شركة نفط عُمان، وشركة «Air Products»، لتنفيذ مشروعات في المنطقة الحرة بصلالة «SFZ»، تتعلق بإنتاج الهيدروجين الأخضر في السلطنة، وتقدر تكلفتها بـ7 مليارات دولار، وإنتاج «الأمونيا الخضراء» بمتوسط إنتاج قدره 1.003 مليون طن سنوياً.
كما ستسهم اتفاقية التعاون التي ستوقّع بين شركتي «معادن» السعودية و«تنمية معادن عمان»، في تعزيز فرص المواءمة بين عمليات التشغيل وسلسلة التوريد، ومشاركة الخبرات والتقنيات في مجال الاستكشاف والتطوير، وتشكيل فريق مشترك لتقييم التعاون المحتمل بمشروع شليم للحجر الجيري والديلومايت.
وتعزز اتفاقية التعاون، المقرر توقيعها بين مجموعة «تداول» السعودية وبورصة مسقط، العلاقات المشتركة بين الجانبين، من خلال تبادل الخبرات والمعلومات والعمل على تطوير السوق المالية في البلدين في مجالات الإدراج المزدوج للشركات في البلدين، والتقنية المالية ومشاركة البحوث والبيانات، وكذلك مجالات الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، والفعاليات المشتركة.
ومن بين هذه الاتفاقيات، توقيع شركتي «دار الأركان» السعودية، ونظيرتها «عمران» العُمانية، مذكرة تفاهم لإطلاق مشروع مجمع مغلق «كمباوند» فاخر ومميز، يحتوي على وحدات سكنية وفندقية وضيافة على مساحة 3.5 مليون متر مربع في شاطئ «يتي» بمسقط، وتقدر مدة تنفيذ المشروع 10 سنوات، وتفوق قيمة البيع المتوقعة 2.1 مليار دولار.
ويعمل البلدان على تعزيز التعاون المشترك في مجال الاستثمار والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، وإعداد خطة عمل حول العلاقات الاقتصادية المشتركة، بما يخدم توجهات البلدين لتحقيق رؤية «المملكة 2030» ورؤية «عمان 2040»، وما تتضمنه الرؤيتان ‎من مستهدفات ومشروعات للتنوع الاقتصادي، قابلة للاستثمار بين الجانبين.
ويتطلع البلدان إلى أن يسهم تأسيس مجلس التنسيق السعودي العماني في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما، ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية، وكذلك في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية.
وفي سياق متصل، عدّ السفير عبد الله العنزي سفير السعودية في مسقط زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى سلطنة عُمان تأكيداً للروابط والوشائج الأخوية الراسخة والتاريخية التي تجمع قيادتي البلدين، وشعبيهما الشقيقين، مع وحدة المصير المشترك.
وقال السفير العنزي: «إن زيارة ولي العهد لسلطنة عُمان ولقاءه السلطان هيثم بن طارق يأتيان ترسيخاً لعلاقات التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة، ويجسدان الرغبة في تحقيق التطلعات، وتلبية الطموحات، والارتقاء بجميع أوجه العلاقات القائمة، والعزم على رفع وتيرة التعاون الاقتصادي، من خلال تحفيز القطاعين الحكومي والخاص، للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية، تحقق طموحات الشعبين الشقيقين، وتعكس ما يملكه البلدان من إمكانات، ستسهم في تحقيق مستهدفات (رؤية السعودية 2030) و(رؤية عُمان 2040)».
من جانب آخر، يضمّ الوفد الرسمي لولي العهد؛ الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة، والأمير تركي بن محمد بن فهد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، والأمير عبد الله بن بندر وزير الحرس الوطني، والأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، والدكتور ماجد القصبي وزير التجارة. كما يضم الوفد المرافق لولي العهد كلاً من راكان الطبيشي نائب رئيس المراسم الملكية، وطراد سبأ باهبري رئيس الشؤون الخاصة لولي العهد، وعبد الله العنزي سفير السعودية لدى سلطنة عمان.