برلين تتمسك بتسويات مسار فيينا وترفض «وثيقة» طهران

أكدت ألمانيا تمسكها بتسويات 6 جولات من محادثات إنقاذ الاتفاق النووي، رافضة وثيقة إيرانية، خلال الجولة السابعة، الأسبوع الماضي، وذلك في ردّ سريع على تأكيد طهران انتظار الردّ الأوروبي. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية إن برلين تريد أن تقدم طهران «مقترحات واقعية» في المحادثات، مضيفة أن مقترحات إيران تنتهك تقريباً جميع التسويات التي جرى التوصل إليها سابقاً.
وقالت المتحدثة إن المقترحات «لا توفر أساساً لنهاية ناجحة للمحادثات... درسنا المقترحات... بعناية وباستفاضة، وخلصنا إلى أن إيران انتهكت تقريباً جميع التسويات التي تم التوصل إليها من قبل خلال شهور من المفاوضات الصعبة»، حسبما أوردت «رويترز».
في وقت سابق على ذلك، قال المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده: «ننتظر الطرف الآخر أن يقول رأيه بشأن الوثيقة التي قدّمناها، وإذا كانت لديهم مقترحات يقدمونها».
وستبدأ الجولة الثامنة نهاية الأسبوع الحالي، لكن تحديد التوقيت النهائي بانتظار تنسيق نهائي بين منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني.
ورأى أن ما هو مهم في الجولة المقبلة أن يأتي الطرف الآخر إلى طاولة «بمقترحات واضحة»، وقال: «ما لدينا (المسودتان) قابل للتفاوض، والدراسة. لكن الطرف الآخر إذا اعتقد أن التصريحات الإعلامية أو مواصلة لعبة إلقاء اللوم يمكنها أن تؤثر على صناع القرار والنخب الإيرانية، فإنه على خطأ». وأضاف: «نحن نعرف ما نريد، ولن نسمح لأحد أن يلعب بالوقت وطاقتنا في فيينا».
وبدأت القوى الكبرى محادثات في أبريل (نيسان) بهدف إعادة طهران وواشنطن إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، لكن المسار الدبلوماسي تعطل بعد انتخاب المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، في يونيو (حزيران)، قبل أن يستأنف في 29 نوفمبر (تشرين الثاني).
وأعرب دبلوماسيون من الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، الجمعة، عن «خيبة أملهم وقلقهم» إزاء المطالب الإيرانية، وقالوا إن «طهران تتراجع عن كل التسويات التي تم التوصل إليها بصعوبة» في 6 جولات، منددين بـ«خطوة إلى الوراء».
بدورها، انتقدت واشنطن، الجمعة، طهران على عدم تقديمها «اقتراحات بناءة». وقال مسؤول أميركي كبير مشارك في المفاوضات إن «إيران لم تظهر بموقف بلد يفكر جدياً في عودة سريعة» إلى اتفاق 2015. وتابع أن «اقتراحات طهران تشكل تراجعاً عن كل التسويات» في الجولات السابقة «المطالبة بالمزيد». وحذّر: «لا يمكن أن نقبل بوضع، تسرع فيه إيران وتيرة برنامجها النووي، مع المماطلة في دبلوماسيتها النووية».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أمس: «لن نقبل ما هو أقل من الاتفاق النووي، ولن نقدم التزامات أكثر من الاتفاق»، وأردف: «التزاماتنا النووية في إطار الاتفاق النووي واضحة، ويجب أن يُحدد مصير العقوبات».
وكرر خطيب زاده حرفياً الانتقادات التي نسبتها وسائل الإعلام الرسمية، أول من أمس، إلى مسؤول إيراني رفيع، قائلاً: «الوفد الإيراني دخل (مفاوضات) فيينا بمرونة، لكن لم يكن شيء من هذا القبيل على جدول أعمال الطرف الآخر».
وسئل عن مقترحات بشأن رفع العقوبات عن إيران، مثل الاتفاق المؤقت، أو اتفاق تدريجي (الخطوة مقابل خطوة)، إضافة إلى إثارة ملف الصواريخ الباليستية، وامتثال إيران إلى معايير مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف) المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. فاكتفى بالقول: «يعقدون اجتماعات عن بعض صواريخ لدينا، وهذا غير مقبول».
وفي إشارة إلى مسودتين، قدّمتهما إيران في الجولة السابعة من محادثات فيينا الأسبوع الماضي، قال خطيب زاده: «قدّمنا مسودة لرفع العقوبات، وكذلك كيفية توقف إيران عن الخطوات التعويضية مقابل رفع العقوبات من قبل الأطراف الأخرى»، وأضاف: «مثلما قلت سابقاً لا يوجد شيء اسمه اتفاق (خطوة مقابل خطوة) أو طروحات للاتفاق المؤقت».
وتابع: «ربما الطرف الآخر لم يتوقع أن يقدم الفريق الإيراني نصوصاً جاهزة في أقصر وقت ممكن، بمقاربة من شأنها أن تؤدي إلى اتفاق جيد». وقال: «ما إن قدمت النصوص طرحت بعض التسريبات، بما في ذلك أن النصوص لا يمكن العمل بها، أو فيها مطالب قصوى»، وادّعى أن «جميع ما في النصوص بناء على الاتفاق النووي، ومسودة الجولة السادسة».
وبشأن انتقادات من الأطراف الأخرى في المفاوضات، موجهة إلى المفاوضين الجدد، مفادها أنه لا يدرك أهمية المفاوضات وضرورتها، قال: «ما أقوله أنا ليس الرواية الأميركية عن فيينا، إنما رواية إيران عن هذه المفاوضات... إنها رواية دقيقة»، مطالباً مواطنيه بـ«الوثوق» بفريق المفاوضين الجدد.
وقال: «دخلنا المفاوضات بعزيمة راسخة، ونبذل كل جهدنا لكي نتوصل إلى اتفاق جيد من أجل الوفاء بالالتزامات على عاتق كل أطراف الاتفاق».
ودافعت الخارجية الإيرانية مرة أخرى عن أسباب إرسال وفد إيراني بعدد كبير من المسؤولين والخبراء، يصل عددهم إلى 40 شخصاً، وهو ما أثار جدلاً حول نفقات السفر والإقامة في العاصمة النمساوية. وقال خطيب زاده: «تشكيلة الوفد الإيراني، كماً وكيفاً، تظهر أن الهدف أن يكون الجمع الذي يتخذ القرار في طهران بشأن العقوبات، بعد رحلات ذهاباً وإياباً، سيتمكن من اتخاذ القرار هناك، لقد جمعنا الإدارة والخبراء معاً».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية إنه من غير المقبول أن تعمل إيران على تطوير قدراتها النووية بالتوازي مع المحادثات. وأضافت أن برلين تريد البناء على التقدم الذي أُحرز
بالفعل، ولا تزال «ملتزمة بالمسار الدبلوماسي، لكن نافذة الفرصة تنغلق أكثر فأكثر».
وفي ثالث أيام محادثات الأسبوع الماضي، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران بدأت عملية تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 20 في المائة في سلسلة واحدة تتألف من 166 جهاز طرد مركزي من الجيل السادس (آي آر 6) في موقع فوردو. وكفاءة هذه الأجهزة تصل إلى 10 أضعاف أجهزة الجيل الأول (آي آر 1)، التي يسمح بتشغيلها الاتفاق النووي.
جاء إعلان الوكالة بعد يوم من تقرير نشره موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، قال إن إسرائيل أطلعت واشنطن وحلفاء أوروبيين على معلومات مخابرات تشير إلى أن إيران تتخذ إجراءات فنية للإعداد لتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 90 في المائة، وهو المستوى اللازم لصنع سلاح نووي.
ونفى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، تقرير موقع «أكسيوس». وقال أمس خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري، فيصل مقداد: «أقول لكم صراحة إنها فقط محاولة اختلاق دعاية»، وأضاف: «إيران ستواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة وأعلى، في الإطار الذي أعلنته بشفافية، وفي إطار معاهدة حظر الانتشار النووي» وأضاف: «لن أوكد أي خبر عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المائة، إنها محض أكاذيب».