مشروعات جديدة تفتح شهية الطبقة المتوسطة للسكن شرق القاهرة

استمرار البناء في الضواحي الغربية رغم تغير مزاج المشترين

مناطق سكنية وترفيهية جديدة في شرق القاهرة ({الشرق الأوسط})
مناطق سكنية وترفيهية جديدة في شرق القاهرة ({الشرق الأوسط})
TT

مشروعات جديدة تفتح شهية الطبقة المتوسطة للسكن شرق القاهرة

مناطق سكنية وترفيهية جديدة في شرق القاهرة ({الشرق الأوسط})
مناطق سكنية وترفيهية جديدة في شرق القاهرة ({الشرق الأوسط})

يجلس حسين التهامي الموظف في بنك تابع للقطاع الخاص، ويبلغ من العمر 43 عاما، في نادي وادي دجلة فرع المعادي بشرق القاهرة، وسط أصدقائه ليعرض عليهم أسعار الشقق والأراضي المحيطة بالمنطقة. فبعد سنوات من افتتانها بالاستثمار والسكن في ضواحي «الشيخ زايد» و«أكتوبر» في غرب القاهرة، تتجه أنظار الطبقة المتوسطة إلى المناطق الشرقية من العاصمة المصرية.
تبدو خطط إقامة مشروع «عاصمة إدارية» شرق العاصمة الحالية كافية لفتح شهية هذه الطبقة للزحف ناحية طريق السويس، كما يقول حسين محمود، الخبير العقاري في إحدى الشركات الخاصة. ومع ذلك يشير إلى استمرار إقامة العقارات في الضواحي الكبرى غرب القاهرة، خصوصا في «الشيخ زايد» و«السادس من أكتوبر»، رغم تغير مزاج المشترين.
كثير من الشركات العقارية، المصرية والخليجية، تواصل توقيع اتفاقات البناء التي تتجه شرقا أيضا، بعد أن كانت تركز نشاطها على مناطق الغرب القاهرة أو في الضواحي القريبة مثل المقطم والنهضة ومدينة نصر. ويعتقد كثيرٌ ممن لديهم مدخرات ويسعون لوضع أموالهم في عقارات بالمناطق الشرقية من العاصمة، أن هذا سوف يحقق لهم عوائد جيدة، كما يذكر أحد السماسرة العقاريين: «المستقبل يبدأ من هنا، حيث المعادي، والتجمع الخامس.. المستقبل يمتد حتى العاصمة الجديدة».
ستبلغ الكلفة الإجمالية لمشروع العاصمة المقترحة أكثر من 300 مليار دولار، وفقا لما ذكره مستثمرون على هامش مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي عقد الشهر الماضي على البحر الأحمر. تسعى شركات مصرية تمتلك أراضي في شرق القاهرة للتعاون مع مستثمرين عقاريين من دول الخليج، للتوسع في بناء العقارات السكنية على طريق القاهرة السويس، وهي مناطق قريبة من مشروع العاصمة المزمعة.
على سبيل المثال جرى هذا الأسبوع توقيع مذكرة تفاهم بين شركة «بالم هيلز»، وشركة «مدينة نصر للإسكان»، لإقامة منطقة سكن متكاملة الخدمات على مساحة تبلغ نحو 100 فدان، من ضمن الأراضي التي تملكها الشركة في تلك المنطقة وتقدر بنحو 5 ملايين متر مربع.
وتدور أسعار صفوف طويلة من العمارات التي يبلغ ارتفاعها 5 طوابق إلى 12 طابقا، بين 400 ألف جنيه و800 ألف جنيه (الدولار يساوي نحو 7.60 جنيه)، في الامتدادات الجديدة في «وادي دجلة» و«زهراء المعادي» و«المعراج» و«خلف كارفور». وتبدو أسعار الشقق هنا متقاربة حتى بالنسبة إلى منطقة راقية مثل التجمع الخامس. مثلا توجد شقة «نصف تشطيب» في الطابق الرابع بمنطقة «فاطمة الشربتلي»، مساحتها 160 مترا مربعا، وفيها 3 غرف وسعرها 850 ألف جنيه.
وبعد هذه المنطقة بعدة كيلومترات، أي بجوار «قطامية ديونز» توجد عروض لشقق في مناطق سكنية مغلقة (كمبوند) بأسعار تزيد على مليون جنيه للشقة لكن بتسهيلات مثل سداد 15 في المائة من قيمتها عند التعاقد وسداد الباقي على دفعات حتى تسلم الشقة بنهاية عام 2017.
يقول أحد أصدقاء التهامي وقد اقتنع بفكرة شراء شقة في «زهراء المعادي» تبلغ مساحتها 300 متر مربع: «الأمر يبدو وكأن شرق القاهرة كان على موعد مع مشروع العاصمة الجديدة»، ويشير بيده إلى الآلات الضخمة التي تقطع الصخور من الجبل الواقع شرق المعادي استعدادا لإقامة توسعات جديدة، عقارات ومدارس ونوادٍ.
يوجد امتداد سكني وتجاري كبير لضاحية المعادي الراقية، يتمثل في منطقتي «زهراء المعادي» و«المعادي الجديدة»، لكن الطرق التي جرى مدها في السنوات الماضية ومنها «الطريق الدائري» ومحاور «سعد الدين الشاذلي» و«المشير طنطاوي»، جعلت الضواحي يقترب بعضها من بعض، وتصل بسهولة حتى مناطق راقية يسكنها الصفوة، وفيها ملاعب غولف وأماكن ترفيهية عالمية، مثل «مرتفعات القطامية» و«مدينتي»، ومن بعدها تمتد الأراضي التي ستقام عليها العاصمة الإدارية الجديدة، على بعد نحو 40 كيلومترا.
التهامي، مثل كثير من أبناء الطبقة فوق المتوسطة بمصر، لديه هواجس حول المستقبل ولذلك يحرص على توفير الضمانات التي تحقق له الاستمرار في نفس المستوى المعيشي له ولأولاده. لديه زوجة وولد وبنت في مراحل التعليم قبل الثانوي. عمل في الماضي لمدة 10 سنوات في الكويت، ويمتلك شقة مساحتها نحو 250 مترا مربعا، في «أكتوبر» التي تبعد عن قلب القاهرة بنحو 30 كيلومترا، لكنه لم يسكن فيها حتى اليوم منذ اشتراها حين كان في الكويت.
ورث عن أسرته شقة أخرى في منطقة إمبابة الشعبية القريبة من العاصمة، وهي مغلقة في الوقت الحالي، كما يفعل غالبية المصريين. ويقول إنه يتركها «للزمن.. الأولاد لديهم متطلبات حين يدخلون الجامعة، ولا أريد أن أفرط في شقة أكتوبر».
يقول الخبير العقاري، محمود، إن مواقع سماسرة الشقق السكنية ومواقع التواصل الاجتماعي ساعدت كثيرا في لفت انتباه الطبقة فوق المتوسطة، أي من موظفي البنوك وشركات البترول وغيرهم، للفرص الجديدة في شرق القاهرة. «الإقامة هنا تعد استثمارا غير مباشر أيضا.. مثلا كان المتر المربع في الشقة متوسطة التشطيب لا يزيد عن 1200 جنيه منذ عامين. اليوم لا يقل السعر عن 2500 جنيه لمن يدفع (كاش) و2700 جنيه لمن يسدد نصف الثمن ويقسط الباقي على سنة أو 18 شهرا».
ويضيف أن كثيرا من أصحاب المدخرات يتخوفون من ثبات الأسعار في «الشيخ زايد» و«أكتوبر»، بعد أن ظلت قيمة العقارات هناك تأخذ منحى تصاعديا لعدة سنوات.. «أعتقد أن الأسعار هناك وصلت إلى مرحلة التشبع حاليا. وجاء الدور على المناطق الجديدة شرقا. المساحات مفتوحة والظهير الصحراوي يمتد حتى أرض مشروع العاصمة الجديدة.. المنطقة هنا ستزداد أهمية».
ومع أن شركة «مدينة نصر للإسكان» لديها مشروعات في أكتوبر، وغيرها من مناطق غرب ووسط القاهرة، إلا أنها ترى أن اتجاهها شرقا لن يؤثر على استثماراتها الأخرى، كما يقول أحد المسؤولين في الشركة: «بل هو أمر إيجابي. لا نخشى من تراجع الطلب». ويعبر المهندس أحمد الهياتمي، مدير الشركة، عن تفاؤله بخصوص توقيع المذكرة الخاصة بالمشروع السكني قرب موقع العاصمة الجديدة.
وتملك «بالم هيلز» مثل شركة النصر وشركات أخرى، مشروعات في شرق القاهرة وفي غربها أيضا. يقول أحد المسؤولين في الشركة إن سوق العقارات بمصر تنمو بشكل سريع. لا يمكن القول في الوقت الراهن إن مناطق شرق العاصمة ستكون أفضل من المشروعات الموجودة في الغرب. ما زال يوجد تنافس قوي في أكتوبر وفي الأراضي التي يجري عليها توسعات هناك في الوقت الحالي.
طارق عبد الرحمن، الرئيس التنفيذي المشارك لـ«بالم هيلز» يرى أن المذكرة التي جرى توقيعها مع «النصر» تأتي في إطار «استراتيجية (بالم هيلز) للتوسع في مشروعاتها بشرق وغرب القاهرة وضخ مزيد من الاستثمارات لتحقيق طفرة نوعية في القطاع العقاري» بمصر.
يحاول كثير من الشركات الأخرى التي لديها مشروعات عقارية وتجارية ضخمة في غرب القاهرة إجراء توسعات جديدة في المواقع المحيطة بها، ومنح تسهيلات في السداد لراغبي السكن والاستثمار، مع إعلانات تقول إن الطرق إلى قلب القاهرة من الناحية الغربية أسهل منها في المنطقة الشرقية، وبغض النظر عن حقيقة هذا الأمر فإنه يعد إشارة مغرية لمن يمضون وقتا طويلا في سياراتهم بسبب الازدحام المعتاد على مداخل العاصمة.
رغم كل شيء لم تتوقف حركة البناء حول منطقتي الشيخ زايد وأكتوبر. حركة دائبة للمعاول والرافعات وخلاطات الإسمنت. مجمعات سكنية مستحدثة منها «نيو جيزة» و«الزمالك الجديدة» إضافة إلى مركز تجاري عملاق ما زال في طور الإنشاء يقع أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، وغيرها من المنشآت.
لكن، ومع كل ذلك، ما زالت صفوف من الفيلات التي تتكون من طابقين أو ثلاثة خاوية وتبحث عن مشترين، بعد أن بالغ أصحابها على ما يبدو في تقدير أسعار البيع التي يتراوح بعضها بين 3 ملايين جنيه و6 ملايين جنيه للفيلا الواحدة. أما بالنسبة إلى الشقق فيوجد كثير منها مغلق وينتظر أصحابها، مثل «التهامي»، تحرك الأسعار مستقبلا.
حين عاد من الكويت قبل سنة، ورغم ما كانت تبثه وسائل الإعلام عن الاضطرابات الأمنية والسياسية، فإن «التهامي» وجد عجلة البناء تدور بسرعة كبيرة مع صبح كل يوم. وقبل أن يقرر السكن في شقة أكتوبر، بجوار القصور والمجمعات السكنية الفاخرة، وجد أن مدخراته تكفي للتفكير في اقتناء شقة شرق العاصمة مع الإبقاء على شقتي «أكتوبر» و«إمبابة» لنفس المبرر المصري الشهير «من أجل الأولاد والمستقبل».



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»