الفنان خليل شوقي يرحل في هولندا.. ويترك «النخلة» حزينة عند «الجيران» ببغداد

رائد المسرح العراقي.. يموت غريبًا في لاهاي بعد أن قدم العشرات من الأعمال الفنية

الفنان الراحل خليل شوقي بعدسة المخرج السينمائي قتيبة الجنابي
الفنان الراحل خليل شوقي بعدسة المخرج السينمائي قتيبة الجنابي
TT

الفنان خليل شوقي يرحل في هولندا.. ويترك «النخلة» حزينة عند «الجيران» ببغداد

الفنان الراحل خليل شوقي بعدسة المخرج السينمائي قتيبة الجنابي
الفنان الراحل خليل شوقي بعدسة المخرج السينمائي قتيبة الجنابي

نعت الأوساط الثقافية العراقية الفنان المسرحي والسينمائي المعروف خليل شوقي الذي توفي في لاهاي بهولندا، أول من أمس، بعد أن أسس تاريخ الفن العراقي بالعشرات من أعماله المسرحية والسينمائية والتلفزيونية.
وقد يكون الجيل الجديد من متابعي مسيرة شوقي الإبداعية، قد تعرفوا عليه في عمله التلفزيوني المهم «الذئب وعيون المدينة» و«النشر وعيون المدينة»، تأليف عادل كاظم وإخراج إبراهيم عبد الجليل، عندما قدم شخصية مفاجئة في أسلوب أدائها وبنائها الدرامي (عبد القادر بك)، لكن صورته تبرز إلى الواجهة في ذاكرة جمهوره في مسرحية «النخلة والجيران»، تأليف غائب طعمة فرمان وإخراج قاسم محمد، التي قدمتها فرقة المسرح الفني الحديث عام 1969، حيث لعب شخصية مصطفى الدلال، إلى جانب زينب ويوسف العاني وفاضل خليل ومقداد عبد الرضا وناهدة الرماح.
شوقي ابن بغداد، ولد عام 1924 في أحد أزقة الحيدرخانة في شارع الرشيد، أول شارع في العاصمة العراقية، وارتبط بالفن بتشجيع من أخيه الأكبر، حيث دخل قسم التمثيل في معهد الفنون الجميلة ببغداد مع بداية تأسيس هذا القسم، لكنه هجر الدراسة فيه بعد 4 سنوات، وما لبث أن عاد إليه ليكمل دراسته ويتخرج منه عام 1954.
وكانت أول وظيفة تسند إليه في دائرة السكك الحديد؛ إذ أشرف على وحدة الأفلام فيها وأخرج لها كثيرا من الأفلام الوثائقية والإخبارية، وعُرضت في تلفزيون بغداد بين عامي 1959 و1964. إلا أن بداياته الفنية الحقيقة ارتبطت بالمسرح العراقي، مع أنه يعد فنانا شاملا (ممثلا وكاتبا ومخرجا) وعمل في التلفزيون والسينما. ولأن المسرح هو الأصل، وهو الوسيلة التي كان الفنان يستطيع أن يعبر عن إبداعاته من خلالها آنذاك، كان شوقي من مؤسسي «الفرقة الشعبية للتمثيل» في عام 1947، ولم تقدم الفرقة المذكورة آنذاك سوى مسرحية واحدة شارك فيها الفنان شوقي ممثلاً وكانت تحمل عنوان «شهداء الوطنية» وأخرجها الفنان الراحل إبراهيم جلال. وفي عام 1964 شكّل فرقة مسرحية بعنوان «جماعة المسرح الفني» بعد أن كانت إجازات الفرق المسرحية (ومنها الفرقة المسرحية المشهورة فرقة المسرح الحديث التي كان ينتمي إليها) قد ألغيت في عام 1963، وقد اقتصر نشاط الفرقة المذكورة على الإذاعة والتلفزيون. وكان أيضا ضمن الهيئة المؤسسة التي أعادت في عام 1965 تأسيس «فرقة المسرح الحديث» تحت مسمى «فرقة المسرح الفني الحديث» مع يوسف العاني وسامي عبد الحميد وقاسم محمد وانتُخب سكرتيرًا لهيئتها الإدارية. وعمل في الفرقة ممثلاً ومخرجًا وإداريًا وظل مرتبطًا بها إلى أن توقفت الفرقة المذكورة عن العمل. لقد أخرج للفرقة مسرحية «الحلم» عام 1965، وهي من إعداد الفنان الراحل قاسم محمد. ومن أشهر أدواره المسرحية التي قدمها، إضافة إلى «النخلة والجيران»، دور البخيل في مسرحية «بغداد الأزل بين الجد والهزل»، إضافة إلى دوره الراوي في مسرحية «كان يا ما كان» التي قدمتها الفرقة القومية للتمثيل في منتصف السبعينات.
ستطول قائمة الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية التي لعبها الفنان الراحل خليل شوقي، إلا أنه من المهم أن نثبت هنا أنه في مجال الإخراج السينمائي تهيأت له فرصة في عام 1967 لإخراج فيلمه «الحارس»، وهو فيلمه الروائي الوحيد الذي أخرجه. وقد شارك هذا الفيلم، الذي كتب قصته المخرج السينمائي العراقي قاسم حول، في عدد من المهرجانات السينمائية، ففاز بالجائزة الفضية في مهرجان قرطاج السينمائي عام 1968 كما فاز بجائزتين تقديريتين في مهرجاني طشقند وكارلو فيفاري السينمائيين. واشترك في تمثيله: زينب ومكي البدري وقاسم حول وسليمة خضير وكريم عواد وفاضل خليل. وفي مجال التلفزيون فإن شوقي يعد إضافة إلى كونه رائدا في المسرح العراقي، فإنه كذلك في التلفزيون، فقد عمل في تلفزيون بغداد منذ عام 1956 وهو عام تأسيسه، عمل مخرجًا وممثلاً بعد أن مر بفترة تدريب فيه. وكتب أول تمثيلية عراقية للتلفزيون، وهي ثاني تمثيلية تقدم من تلفزيون بغداد، ولكنها أول تمثيلية تكتب خصيصًا للتلفزيون. لقد خلد كثير من الكتاب والفنانين الرائد المسرحي شوقي بكتاباتهم أو أعمالهم، ولعل أبرز من رسمه الفنان علي المندلاوي بأسلوب الكاريكاتير بورتريه، كما أخرج الفنان السينمائي قتيبة الجنابي فيلما وثائقيا (خليل شوقي الرجل الذي لا يعرف السكون) ومن إنتاجه وتصويره، حيث استمر العمل به لسنوات لرصد مسيرة حياة هذا الفنان عندما كان حيًا وتم عرض الفيلم في مهرجانات عالمية.
ولعل أهم ما قدمه هذا الفنان الكبير، وأبرز ما تركه من إرث للفن العراقي هو عائلته الفنية المعروفة في الأوساط العراقية والعربية والعالمية، فابنته الكبرى مي شوقي واحدة من أبرز الممثلات العراقيات التي قدمت أعمالاً فنية مهمة على مسارح بغداد وبعض العواصم العربية، وابنته روناك شوقي ممثلة ومخرجة مسرحية عالمية قدمت أعمالاً مسرحية مهمة على مسارح لندن، أما نجله فارس شوقي فهو ممثل ومخرج تلفزيوني في هولندا، وعلي شوقي، نجله الأصغر، هو الوحيد الذي عرفته المسارح كموسيقي وليس مسرحيا، عازفا على آلات: الكلارنيت والأبوا والساكسفون.
في آخر لقاء لنا مع الفنان خليل شوقي في منزل ابنته روناك بلندن، قبل أقل من عام، كانت ذاكرته متوقدة، وابتسامته لا تزال تميز وجهه، وروحه المرحة تطغى على الجلسة، لكن حديثنا اقتصر وقتذاك عن كتابه، مذكراته المهمة عن بغداد، فهو ينجز هذا الكتاب منذ سنوات طويلة، وكلنا كنا في انتظار صدوره.. وما زلنا، قال: «كتبت كل شيء عن بغداد وعاداتها وتفاصيل حياتها»، بغداد التي عشقها، ومات بعيدا عنها.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.