«إيرباص» الفرنسية تعلن اعتزامها إنتاج طائرات في الهند.. وتوقع شراء 34 مقاتلة «رافال»

خبراء: الصفقة ستعزز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وتسهم في إنعاش اقتصادهما

الرئيس التنفيذي لايرباص فابريس بريجير (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي خلال زيارته للمصنع في تولوز ( أ. ب)
الرئيس التنفيذي لايرباص فابريس بريجير (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي خلال زيارته للمصنع في تولوز ( أ. ب)
TT

«إيرباص» الفرنسية تعلن اعتزامها إنتاج طائرات في الهند.. وتوقع شراء 34 مقاتلة «رافال»

الرئيس التنفيذي لايرباص فابريس بريجير (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي خلال زيارته للمصنع في تولوز ( أ. ب)
الرئيس التنفيذي لايرباص فابريس بريجير (يمين) ورئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي خلال زيارته للمصنع في تولوز ( أ. ب)

أعربت شركة «إيرباص» الفرنسية لصناعة الطائرات، أمس (السبت)، عن أملها في إنشاء خطوط تجميع نهائية لطائرات النقل العسكرية، وإقامة شركة تصنيع أجهزة استشعار إلكترونية في الهند.
وفي إطار زيارته الثانية لفرنسا المقرر أن تستمر ثلاثة أيام، زار رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، مدينة تولوز، مقر شركة «إيرباص»، والتقى الرئيس التنفيذي للشركة توم أندرز.
وتأتي زيارة مودي لفرنسا ضمن جولة تشمل ثلاث دول، تضم اثنتين من أكبر الأسواق في منطقة اليورو، وهما ألمانيا وفرنسا. ويبلغ نصيب دول الاتحاد الأوروبي من التجارة مع الاقتصاد الآسيوي المزدهر 20 في المائة.
وقال أندرز في بيان لـ«إيرباص»: «تلعب الهند دورا مركزيا بالفعل في أنشطتنا الدولية، ونريد زيادة إسهامها في منتجاتنا».
تدير «إيرباص» حاليا مركزا لهندسة الطيران المدني ومركز للهندسة الدفاعية وقسم أبحاث في الهند. وبشكل عام توظف نحو 400 شخص.
التقى مودي، أول من أمس (الجمعة)، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وأعلن الزعيمان عدة اتفاقيات ثنائية تشمل شراء 36 طائرة مقاتلة من طراز «رافال» واتفاقين منفصلين يتعلقان بمشروع للطاقة النووية في جايتبور، جنوب غرب الهند. وأضاف أندرز أن من بين المنتجات التي يجري بحث إنتاجها في الهند طائرات نقل عسكرية ومروحيات.
تجدر الإشارة إلى أن «إيرباص» تدير حتى الآن مراكز هندسة ومؤسسة بحث في الهند.
ويعتزم مودي افتتاح معرض «هانوفر» الصناعي اليوم (الأحد)، بصحبة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إذ إن الهند تعد ضيف شرف أكبر معرض صناعي في العالم.
وقال أندرز إن الهند تحظى بدور مهم في الأنشطة الدولية لـ«إيرباص». وكانت «إيرباص» فازت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بتعاقد من الهند يقدر قيمته بمليارات اليورو حيث كانت شركة «إنديجو» الهندية للطيران منخفض التكاليف وقعت اتفاقا مع إيرباص لشراء 250 طائرة «إيه 320 نيو». ورأى خبراء أن شراء الهند 36 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز «رافال»، في صفقة قيمتها مليارات الدولارات، ستعزز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين اللذين يسعيان إلى إنعاش اقتصادهما.
وصرح رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي، في أول زيارة له إلى باريس الجمعة بأنه طلب شراء 36 طائرة «(رافال) جاهزة للتحليق»، في إطار مساعيه لتحديث أسطول بلاده القديم من الطائرات الحربية.
ووضعت الصفقة حدا للتكهنات بشأن مصير الصفقة التي وقعت أول مرة في عام 2012، إلا أنها تعثرت بسبب مسألة السعر وإصرار نيودلهي على تجميع جزء من الطائرات البالغة التطور في الهند. كما تأتي وسط مساعي مودي جذب اهتمام المستثمرين خلال أول زيارة له إلى أوروبا، حيث يسعى إلى تصحيح سمعة الهند على أنها مكان يصعب الاستثمار فيه. وصرح مرينال سومانت الجنرال المتقاعد في الجيش وخبير المشتريات لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «مثل هذه الصفقات الكبيرة ليست تجارية بحتة، فهي جزء من استراتيجية أكبر للحكومة».
وقال إن ذلك «قرار يعتمد على المصالح الجيوسياسية والاستراتيجية للبلدين».
وتقوم الهند، التي تعتبر أكبر مشترٍ في العالم لمعدات الدفاع، حاليا، بتحديث معداتها العسكرية التي تعود إلى الحقبة السوفياتية لمواجهة جارتيها الصين وباكستان.
وتحاول الكثير من الدول الغربية التقرب من الهند للحصول على عقود لبيعها معدات عسكرية بمبالغ طائلة أثناء قيامها بجولة لشراء الأسلحة. ولكن الفوز بهذه الصفقة مهم بشكل خاص لفرنسا التي تعاني من نمو اقتصادي ضعيف للغاية، وارتفاع كبير في نسبة البطالة، وديون متراكمة هائلة. ويتوقع أن تعود الصفقة الجديدة على شركة «داسو» المصنعة لطائرات «رافال» بأكثر من خمسة مليارات يورو (5.3 مليار دولار) في أكبر طلبية عالمية تتلقاها لشراء هذه الطائرات.
وربما الأهم من هذا هو الصفقة التي يتوقع أن تقوم بموجبها شركة «اريفا» الفرنسية النووية العملاقة ببناء ستة مفاعلات نووية في ولاية ماهاراشترا الهندية، في اتفاق ينتظر المصادقة عليه بعد خمس سنوات من اتفاق ثنائي بشأن المفاعلات النووية المدنية.
وأعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن «سروره البالغ» بصفقة بيع الطائرات، وقال إنها ستنقل الشراكة بين البلدين إلى «مرحلة جديدة».
وقال سومانت إن «الطائرات تحمل الآن ضمانة سيادية محددة، وهو الأمر المطمئن للغاية للهند».
وأضاف أن «الصفقة ستسهم بشكل كبير في تقوية العلاقات بين البلدين وستمتد إيجابياتها إلى القطاعات الأخرى». واشتمل العقد الأصلي، الذي لا يزال قيد التفاوض، وتُقدر قيمته الآن بنحو 20 مليار دولار، على شراء 18 طائرة مقاتلة جاهزة للتحليق، و108 طائرات ستقوم شركة «هندستان إيرونوتيكس» الهندية بتجهيزها.
وقال امبر دوبي خبير الدفاع في مجموعة «كي بي إم جي» العالمية للاستشارات إن «النيات الحسنة الناجمة عن صفقة طائرات (رافال) يمكن أن تستخدم لتسوية مسائل عالقة في صفقات أكبر بشكل مربح للجانبين».
وقال إنها يمكن أن توفر أداة تفاوض في المفاوضات المستقبلية وسط مساعي مودي، الذي جاء إلى السلطة في مايو (أيار) الماضي بعد تعهداته بتطبيق إصلاحات اقتصادية، لتسريع جهوده لتحويل الهند إلى مركز للتصنيع والاستثمار. ونقلت صحيفة «منت» عن دوبي قوله إن «الحكومة الهندية يمكنها أن تتوقع كذلك بادرة تقدمها الحكومة الفرنسية بشأن مبادرة (يصنع في الهند) تتخطى صفقة (رافال)».
ورغم أن مودي تعهد بالمضي قدما في شراء المعدات العسكرية من السوق العالمية، الذي توقف في ظل الحكومات السابقة، فإنه وعد بأن يعود تطوير الجيش الهندي بالفائدة على صناعات الدفاع المحلية. ويريد رئيس الوزراء أن تشكل المعدات العسكرية المصنوعة محليا 70% من ميزانية الشراء خلال خمس سنوات، بارتفاع عن نسبة 40% الحالية بموجب مبادرة «يصنع في الهند».



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»