غموض حول مشاركة العسكريين في انتخابات السودان

مكتب البرهان قال إن حديثه فُهم خطأ

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
TT

غموض حول مشاركة العسكريين في انتخابات السودان

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

أصدر مكتب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق عبد الفتاح البرهان، تعميماً صحافياً يوضح فيه ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية «أن جميع القوى السياسية، وبينهم العسكريون، سيتمكنون من الترشح في الانتخابات المقبلة 2023»، ما بدا موقفاً يتناقض مع تعهدات سابقة له بعدم الترشح، حتى لو طلب منه الشارع ذلك، وهو ما تسبب في غموض حول حقيقة مشاركة العسكريين في انتخابات السودان المقبلة.
وقال البرهان، بحسب الوكالة، إن الانتخابات ستكون مفتوحة لجميع القوى السياسية التي شاركت في المرحلة الانتقالية، بما يشمل العسكريين وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه في المجلس، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي». وكان سؤال الوكالة الفرنسية للبرهان، أنه بعد انتهاء الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات، أعلنت عدم نيتك الترشح، لكن هل سيسمح لأي من أفراد المكون العسكري أو الدعم السريع أن يترشح في الانتخابات؟
وردّ البرهان بقوله إن هناك نصاً واضحاً في الوثيقة الدستورية يقول إن كل من يشارك في الفترة الانتقالية لن يسمح له بالمشاركة في الانتخابات في الفترة التي تليها، لكن اتفاق «سلام جوبا» أعطى بعض المشاركين في الفترة الانتقالية الحق أن يكونوا جزءاً من الحكومة المقبلة.
وأشار التعميم الصحافي لمجلس السيادة إلى أن وكالة الصحافة الفرنسية أوردت حديثاً مغايراً ومناقضاً لما قاله «البرهان»، وهو حديث مسجل صوتياً.
وذكر البيان أن «البرهان أكد بوضوح لا يساوره الشك أن مشاركة العسكريين في الانتخابات المقبلة غير ممكنة بنصّ الوثيقة الدستورية».
وأبان البرهان في الحوار الذي أجرته معه الوكالة، أن اتفاق سلام جوبا أعطى بعض الأطراف استثناءً بخصوص المشاركة في الانتخابات المقبلة وأجهزة السلطة، وذلك في إشارة للحركات المسلحة، بيد أنه لم يشر إلى أي مؤسسات تابعة للجيش أو مؤسسات الدولة.
وفي مقابلة للبرهان مع قناتي «العربية» و«الحدث» يوم الجمعة الماضي، ردّ قائد الجيش السوداني باقتضاب على نفس السؤال، قائلاً: «لدينا مهمة محددة، وعاهدنا عليها الشعب السوداني والقوات المسلحة بأن نكمل الفترة الانتقالية فقط»، مؤكداً أنه لن ينحو إلى تجارب بعض القادة الذين استبدلوا البزة العسكرية بالمدنية. وأضاف البرهان أنه لن يوافق إطلاقاً على الترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة، حتى لو طلب منه ذلك الشارع.
وقالت الوكالة الفرنسية، أمس، إن مكتب البرهان أوضح أن «رئيس مجلس السيادة ذكر الموقّعين على اتفاق سلام جوبا الذي أعطى بعض الأطراف استثناء بخصوص المشاركة في الانتخابات المقبلة». لكنه «لم يشر إلى أي مؤسسات تابعة للجيش أو مؤسسات الدولة، وهذا ما لزم التنويه بشأنه». والبرهان الذي يشغل منصب رئيس مجلس السيادة الانتقالي منذ الإطاحة بعمر البشير في أبريل (نيسان) 2019 أزاح في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي المدنيين من الحكومة وفرض حالة الطوارئ، ما قطع الفترة الانتقالية بعد انقضاء عامين على بدئها.
وكانت المقابلة التي أجرتها وكالة الصحافة الفرنسية مع البرهان واحدة من مقابلات مع وسائل إعلام دولية بعد يوم واحد من وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقرير قدّمه إلى مجلس الأمن الدولي، السودان بأنه «في حالة عداء مع الصحافيين». ووقّع البرهان في 21 من الشهر الماضي مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي كان البرهان قد عزله في أكتوبر، اتفاقاً سياسياً أعاده إلى السلطة. ويؤكد البرهان أن قراراته «لم تكن انقلاباً، لكنها خطوة لتصحيح الفترة الانتقالية».
وتولى البرهان في 25 أكتوبر الماضي السلطة في البلاد، فيما أسماه إجراءات تصحيحية، بينما اعتبرها الشارع والقوى السياسية انقلاباً عسكرياً على الحكم المدني، ينقض الوثيقة الدستورية التي تأسست عليها السلطة الانتقالية في البلاد. وأعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي أكثر من مرة عدم اعتزام الجيش تنفيذ انقلاب عسكري، وتعهد بإجراء الانتخابات في موعدها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».