الحكومة الإسرائيلية تشدد الرقابة على 35 ألف مقدسي

بعد التصدي لفلسطيني في حادثة طعن ومنع الإسعاف عنه

الشرطة الإسرائيلية في موقع حادث الهجوم الذي وقع السبت في القدس القديمة (إ.ب.أ)
الشرطة الإسرائيلية في موقع حادث الهجوم الذي وقع السبت في القدس القديمة (إ.ب.أ)
TT

الحكومة الإسرائيلية تشدد الرقابة على 35 ألف مقدسي

الشرطة الإسرائيلية في موقع حادث الهجوم الذي وقع السبت في القدس القديمة (إ.ب.أ)
الشرطة الإسرائيلية في موقع حادث الهجوم الذي وقع السبت في القدس القديمة (إ.ب.أ)

على الرغم من نشر شريط فيديو يبيّن بوضوح أن رجلَي الشرطة الإسرائيليين واصلا إطلاق الرصاص على الشاب الفلسطيني محمد سليمة، بعد طعنه شاباً يهودياً، ومنعا عنه العلاج تاركين إياه ينزف حتى الموت، تبنّت الحكومة برئاسة نفتالي بنيت، رواية الشرطة، وعدّت الشرطيين «بطلين قوميين». وقد طلب عدد من الوزراء، في جلسة أمس، تقييد حريات أهالي القدس الفلسطينيين، وقررت الحكومة في ختام مداولاتها، تشديد الرقابة على مداخل المدينة وتحركات مواطنيها الفلسطينيين.
وحسب وزير الاتصالات، يوعز هندل، فإن «هناك انفلاتاً في الحكم في مدينة القدس، يجعل الفلسطينيين يُهدرون دماء اليهود ويشعرون بأنهم يستطيعون طردنا بالقوة من عاصمتنا الأبدية». وطالب باستعادة هيبة السلطة، والضرب بيد من حديد على كل من يتطاول على القانون «ويسعى لإخافة اليهود ومنعهم من العيش في المدينة المقدسة أو زيارتها».
كانت جلسة الحكومة الإسرائيلية قد التأمت، أمس، في ظل انتقاد الشرطة إجراء تحقيق مع الشرطيين اللذين أطلقا الرصاص على الشاب الفلسطيني لمعرفة ملابسات الحادث. وراح الوزراء، وفي مقدمتهم بنيت، يدافعون عن الشرطيين، لكي يصدوا اتهامات المعارضة اليمينية.
يُذكر أن الحادث وقع في ساعات بعد الظهر من يوم السبت، مقابل منطقة باب العمود، المدخل المركزي للبلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة. ويتضح من شريط فيديو نُشر أمس، أن الشاب الفلسطيني، الذي تبين أنه الأسير السابق الذي لا ينتمي إلى أي تنظيم، محمد شوكت محمد سليمة (25 عاماً) من بلدة سلفيت في الضفة الغربية، كان يسير في الشارع وبشكل مفاجئ استدار وطعن بسكين كان يحمله الشاب اليهودي المتدين أفراهام إليميلخ (21 عاماً)، عدة طعنات في عنقه، فأصابه بجروح متوسطة. وحضر شرطيان وطلبا من الشاب الفلسطيني، الاستسلام، فركض نحوهما وهو يشهر السكين، فأطلقا عليه الرصاص وسقط أرضاً. ومع أنه كان مشلول الحركة وكان بالإمكان السيطرة عليه، استمرا بإطلاق الرصاص عليه وهو ممدد على الأرض. وانضمت في هذه الأثناء قوة شرطة كبيرة، ومنعت تقدم سيارة إسعاف لنقل المصاب، فظل ينزف حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
على أثر ذلك، اتهم شهود العيان من الفلسطينيين، الشرطيين الإسرائيليين، بإعدام الشاب سليمة، وعدّت السلطة الفلسطينية أن الأمر «جزء من مسلسل إعدامات تُنفَّذ بحق الفلسطينيين بقرار رسمي من حكومة الاحتلال». وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن «الإعدامات باتت سياسية رسمية في إسرائيل ضد الفلسطينيين» وعدّتها «إرهاب دولة».
وقد ثارت ثائرة المعارضة اليمينية بعد الحادثة، واتهمت الحكومة بـ«سياسة الخنوع وتشجيع الإرهاب الفلسطيني». ثم انضم مسؤولون في الحكومة والشرطة إلى الانتقاد، فأعلن الناطق بلسان الشرطة أن التحقيق إجراء روتيني لأي حادث إطلاق نار يسفر عن مقتل شخص. وأضاف أن التحقيق بيّن أن الحادث كان بمثابة «هجوم إرهابي»، ولكنّ نشر مقطع فيديو من مكان الحادث يُظهر الشرطيين وهما يطلقان النار على المشتبه به عدة مرات وهو ممدد على الأرض، «استدعى التدقيق». وخرج المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، كوبي شبتاي، بتصريحات يثني فيها على ما قام به الشرطيان وقال، خلال اتصال هاتفي مع ذوي الشرطيين: «لقد تصرفا بطريقة حازمة ومهنية وسريعة، وبفضلهما تم إنقاذ حياة الإنسان وليس لديّ شك في أنهما كانا بطلين آخرين لشعب إسرائيل في عيد حانوكا». وقال قائد شرطة حرس الحدود في القدس، أمير كوهين: «أؤيد بشكل كامل الجنود الذين استجابوا للحادث كما اقتضت الضرورة وقاموا بتحييد المنفذ، مما منعه من إلحاق المزيد من الأذى بالجنود والإسرائيليين الموجودين في المكان». وأضاف كوهين، في اتصاله مخاطباً ذوي الشرطيين: «شاهدنا جميعاً الفيديو، ورأينا أن ولديكما البطلين تصرفا وفقاً لطريقة تدريبنا لهما ونتوقع منهما أن يتصرفا كحماة للمدنيين».
وفي جلسة الحكومة، أمس، قال بنيت: «لقد تصرف الشرطيان بشكل سريع وحازم، كما هو متوقع من عناصر الشرطة، ضد إرهابي حاول قتل مدني إسرائيلي. أود أن أنقل لهما دعمي الكامل. هذه هي الطريقة التي يُتوقع أن تتصرف بها قواتنا وهذه هي الطريقة التي تتصرف بها. يجب ألا نسمح لعاصمتنا بأن تصبح بؤرة للإرهاب». وقال وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، المشرف على الشرطة: «بعد ثانية أو ثانيتين من إطلاق النار الأول، كان على الشرطيين أن يقررا ما إذا كان الإرهابي سينفّذ تفجيراً انتحارياً. عند وجود شك، ليس هناك شك. لذلك أطلقا الرصاص وضمنا حياة الناس».
وقال وزير الدفاع، بيني غانتس: «نفّذت قوات حرس الحدود في القدس ما هو واضح وهو تحييد المنفّذ بالوسائل التي معها وباحتراف، ويظهر من المواد التي لدينا ومن التحقيق الأوّلي ما جرى، وأسعى لدعم القوات». وكان الوزير العربي في الحكومة وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج، من حزب اليسار «ميرتس»، وحيداً في انتقاد سلوك الشرطة، فقال، خلال الجلسة: «في مواجهة محاولة قتل، يجب إطلاق النار على المهاجمين لإنقاذ الأرواح، ولكن ليس من أجل إزهاق أرواح (المهاجمين) عندما لا يشكلون تهديداً».
من جهتها، قالت النائبة العربية من كتلة «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية المعارضة، عايدة توما سليمان، إن الشرطة قامت بإعدام الشاب في الوقت الذي لم يعد يشكّل فيه خطراً. وعدّ زميلها في الكتلة، النائب عوفر كسيف، «إطلاق النار على الشاب سليمة، إعداماً بشكل تعسفي». وأضاف: «إطلاق النار على شخص مصاب ممدد على الأرض في الوقت الذي لم يعد يشكل فيه تهديداً، بغضّ النظر عن أفعاله، جريمة حرب».
وفي الجانب الفلسطيني، نشر مكتب الرئيس محمود عباس، بياناً ندد فيه بإطلاق النار ووصفه بأنه «اغتيال». وحثّ المجتمع الدولي على «التحرك الفوري لوقف جرائم إسرائيل». وطالبت وزارة الخارجية والمغتربين، المجتمع الدولي، بإعادة النظر في كل ما يسمى «الإرهاب»، الذي تطلقه إسرائيل جزافاً بحق الفلسطينيين تحت الاحتلال، وتقييم ودراسة سلوكيات الاحتلال برمّته، عقب احتضان أركان الحكومة الإسرائيلية لقتلة الشاب محمد سليمة، الذي أُعدم بدم بارد في مدينة القدس المحتلة. وأشارت إلى أنها تتابع هذه الجريمة الموثقة من جوانبها وتفاصيلها كافة، تمهيداً لرفعها إلى المحكمة الجنائية الدولية، متوقعين منها التحرك الفوري حتى لا تُتهم هي الأخرى بالتهرب من مسؤوليتها وخضوعها لابتزاز إسرائيل ومن يقف خلفها من دول عظمى تحميها من كل انتقاد.
في القاهرة، قال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة العربية، سعيد أبو علي، إن «ما قام به جنود الاحتلال الإسرائيلي من إعدام ميداني بحق الشاب الفلسطيني هو جريمة حرب بشعة تعبّر عن ماهية إسرائيل وعقليتها العدوانية المتطرفة والأوامر التي تُعطى لهم من المستويات السياسية بإطلاق النار والقتل المباشر». وطالب أبو علي في تصريح لوكالة «وفا»، أمس (الأحد)، بضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني قبل فوات الأوان.
كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد داهمت مدينة سلفيت، فجر أمس، واعتقلت شقيق منفذ عملية الطعن في القدس، كما داهمت مدينة رام الله واعتقلت اثنين من أصدقائه. وقررت الحكومة الإسرائيلية، أمس، تعزيز قواتها المرابطة في القدس وزيادة المراقبة على مداخل بوابات البلدة القديمة، التي يعيش فيها 35 ألف فلسطيني. وقال الوزير هندل، صاحب الاقتراح بذلك: «يجب تفتيش كل من يدخل البلدة، حتى لا يصل إليها مسلحون». وقد تم توثيق قيام شرطة الاحتلال باعتقال صبية فلسطينية، أمس، قرب منطقة باب العمود من دون سبب.



مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.


اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
TT

اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، مع إلزام قواتها بالانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، في إطار جهود الحكومة اليمنية للحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها إزاء تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي وتصعيده في حضرموت والمهرة، ومواجهة انقلاب الحوثيين المستمر منذ عام 2014.

وجاء في نص القرار الذي صدر عن العليمي، أن إلغاء الاتفاقية يستند إلى الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس المجلس الرئاسي، وبمقتضى القرار رقم (9) لسنة 2022، مؤكداً على أهمية حماية المواطنين وسلامة الأراضي اليمنية. كما نص القرار على تسليم المعسكرات كافة في محافظتي حضرموت والمهرة إلى قوات «درع الوطن».

وفي خطوة متزامنة، أصدر الرئيس اليمني قراراً بإعلان حالة الطوارئ في أنحاء اليمن كافة لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. القرار يستند إلى الصلاحيات الدستورية نفسها، ويستهدف مواجهة الانقلاب على الشرعية والفوضى الداخلية التي قادتها عناصر عسكرية، قالت الحكومة اليمنية إنها تلقت أوامر من الإمارات بالتحرك ضد المحافظات الشرقية بهدف تقسيم البلاد.

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية استهدفت شحنة عسكرية غير قانونية (رويترز)

وتضمنت إجراءات حالة الطوارئ، وفقاً للقرار الرسمي، فرض حظر شامل على الحركة الجوية والبحرية والبرية في جميع المواني والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات المصرح بها رسمياً من قيادة تحالف دعم الشرعية، الذي تمثله المملكة العربية السعودية. كما منح القرار محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات كاملة لإدارة شؤون محافظتيهما، والتعاون مع قوات «درع الوطن» حتى تسلُّم المعسكرات.

أشار القرار إلى أن جميع القوات العسكرية في حضرموت والمهرة مطالبة بالعودة فوراً إلى مواقعها ومعسكراتها الأساسية، والتنسيق التام مع قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، دون أي اشتباك، لضمان استقرار الوضعين العسكري والمدني في المحافظتين.

توضيح الموقف

في سياق بيان الموقف، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الالتزام بحماية المدنيين، وصون المركز القانوني للدولة، ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد، وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن، ويقوّض فرص السلام.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن اليمن (إ.ب.أ)

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة، وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

وأوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، تعدّ تمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

تأييد مجلس الدفاع الوطني

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد.

في ضوء هذا الاصطفاف، ترأس العليمي اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، ضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية، وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

وحسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ترحيب حكومي

أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وفي امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة اليمنية خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة اليمنية بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.