انعقاد مجلس الوزراء اللبناني مرهون بـ «التسويات»

جانب من جلسة سابقة للحكومة اللبنانية (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة سابقة للحكومة اللبنانية (الشرق الأوسط)
TT

انعقاد مجلس الوزراء اللبناني مرهون بـ «التسويات»

جانب من جلسة سابقة للحكومة اللبنانية (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة سابقة للحكومة اللبنانية (الشرق الأوسط)

تراجعت الآمال بإمكانية عقد جلسة للحكومة هذا الأسبوع رغم بعض الإشارات الإيجابية التي كانت قد بثّت في الأيام الماضية، في وقت عكست تصريحات وزراء ونواب في الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) رميهم كرة التعطيل في مرمى الآخرين عبر دعوتهم إلى إطلاق عمل الحكومة واعتبار حلّ الأزمة «مسألة غير مستعصية». مع العلم أن العقدة القديمة الجديدة لا تزال في مكانها وهي ربط الثنائي تفعيل عمل مجلس الوزراء بكف يد المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار وهو ما استدعى الحديث عن حلّ يقضي بإحالة التحقيق مع الوزراء والنواب إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، لكنه لم يجد طريقه إلى التوافق ولم يطرح ضمن جدول أعمال جلسة البرلمان يوم غدٍ الثلاثاء.
وأشارت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن البحث بهذا الطرح لا يزال مستمراً وربطت نتائجه بجلسة اللجان النيابية اليوم الاثنين التي ستبحث في إمكانية تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لإحالة المدعى عليهم إلى المجلس الأعلى، موضحة أنه «إذا تأمن التوافق على الحلّ وتأمين نصاب الجلسة وميثاقيتها (عبر حضور كتلة التيار الوطني الحر من دون أن تصوّت لصالحه) قد يطرح من خارج جدول الأعمال لبحثه في جلسة الثلاثاء البرلمانية».
وبعد نحو شهر على تعليق عمل جلسات الحكومة، أجمع كل من «حركة أمل» و«حزب الله» على تجديد التأكيد على ربط جلسة الحكومة بقضية المرفأ، وفي هذا الإطار، قال النائب في حركة أمل والصادرة بحقه مذكرة توقيف في القضية، علي حسن خليل، إن «الأولوية اليوم هي إطلاق عمل الحكومة إلى أوسع مدى ابتداءً من معالجتها للخلل القائم على صعيد تجاوز الدستور والقيام بواجباتها، في سبيل تصويب المسار القضائي الذي يجر البلد إلى أزمة عميقة تتصل بقضية احترام الدستور والقانون كأساس لانتظام عمل المؤسسات، ولحسن سيرها والقيام بما تمليه عليها واجباتها».
وقال: «اليوم الحكومة أمام محطة جديدة، ونحن دافعنا وساعدنا في إيجاد المناخات الملائمة لكي تقر برنامجاً إصلاحياً حقيقياً نستطيع معه أقله أن نضع أنفسنا على سكة المعالجة لأوضاع الناس الاقتصادية والمالية والاجتماعية. لن نيأس وسيبقى لدينا الأمل، وهو أمل مرتبط بكثير من المعطيات لأننا قادرون على الخروج من أزمتنا، ولكن هذا الخروج يتطلب جرأة في المعالجة وتحملاً للمسؤولية ورفضاً للخنوع، ومنطق الضغط الذي يمارس على الأجهزة القضائية والتنفيذية في البلد، مزيد من الضغط والحصار والتصفية السياسية».
من جهته، أبدى النائب محمد فنيش (حزب الله)، مرونة في تقديم الحزب بعض التنازلات، بحسب ما أشار في لقاء سياسي في الجنوب وقال: «نحن من أكثر الناس استعداداً لتقديم التنازلات وتسهيل تشكيل وعمل الحكومات السابقة والحالية وإبداء مرونة في هذا الخصوص، لأنه منهجنا في الداخل، ولا سيما فيما يتعلق بالتعامل مع القضايا الداخلية»، لكنه دعا في الوقت نفسه الحكومة إلى أن «تعالج الخلل الذي أدى إلى عدم اجتماع مجلس الوزراء، والمتمثل بأداء القاضي البيطار البعيد من الدستور، والذي تجاوز الصلاحيات الدستورية، ويعمل باستنسابية واستغلال وتوظيف لجريمة انفجار المرفأ والضحايا، فضلاً عن الخضوع لشعبوية ما، من أجل إلحاق ضرر وتحميل المسؤولية لجهة سياسية»، معتبراً أن «المسار القضائي الذي يعتمده القاضي بيطار بعيد من الحقيقة، ولا يؤدي إلى معاقبة وكشف المسؤولية عن الذي تسبب بهذه الجريمة، سواء باستحضار النيترات أو انفجارها، ومن المسؤول عن ذلك».
في المقابل، انتقد مطران الروم الأورثوذكس إلياس عودة مقاربة السياسيين لقضية المرفأ بهذه الطريقة وتعطيل عمل الحكومة في بلد أصبح فيه المواطن، جائعاً ومريضاً وفقيراً ومستعطياً الدواء، ومظلوماً «من حكام لا يبالون إلا بمصالحهم، وزعماء لا يعرفون إلا استغلاله من أجل الوصول إلى مآربهم، ومتى وصلوا نسوا كل شيء إلا التشبث بمراكزهم وكراسيهم ولو على حساب الشعب وحياته»، مضيفاً: «وما رد فعلهم على التحقيق في تفجير بيروت إلا عينة من أنانيتهم وقلة مسؤوليتهم وعدم اكتراثهم بشعبهم. والآن يعطلون عمل الحكومة من أجل غاياتهم وكأن البلد ملك لهم يتصرفون به حسب أمزجتهم ومصالحهم»، مشدداً: «وعوض أن تكون اجتماعات الحكومة مفتوحة ومتلاحقة وغير منقطعة من أجل إخراج لبنان من عمق أزماته، نراها معطلة مشرذمة وغير منتجة. وكلنا نعرف أن الفرصة التي تضيع لا تتكرر، وأن هدر الوقت يفاقم الأوضاع، وأنه لا حل خارج المؤسسات الدستورية التي يجب أن تعمل وفق أحكام الدستور والقوانين، ومن أجل خير الشعب». من هنا دعا الحكومة إلى «أن تتكاتف وتنصرف إلى العمل، وإن كان أعضاؤها واعين ثقل مسؤوليتهم، عليهم الإقلاع عن سياسة التعطيل وفرض الشروط، والعمل من أجل إخراج لبنان من أزمته المميتة، ومساعدة شعبه على البقاء على قيد الحياة... وعلى الجميع أن يعوا أن مصلحة لبنان فوق مصالحهم وأنهم في مراكزهم للخدمة والعمل، لا لتعطيل البلاد وقهر العباد».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.