الدولار يحكم تعاملات اللبنانيين

الفواتير بالعملة الصعبة... والتجار «يحمون» أنفسهم برفع الأسعار

TT
20

الدولار يحكم تعاملات اللبنانيين

أصبح اللبناني محكوماً بالاعتماد على العملة الصعبة في أغلب تعاملاته اليومية؛ فبدءاً بالمأكل والمشرب والملبس وفواتير مولدات الكهرباء والمحروقات، مروراً بالأدوات الكهربائية واللوازم المنزلية، وصولاً إلى الاستشفاء والطبابة، باتت التعاملات تحدد بالدولار أو ما يوازيه بالليرة اللبنانية على سعر صرف السوق السوداء (نحو 23 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد).
واستشاطت اللبنانية سلام غضباً عندما وصلت إليها رسالة هاتفية بعث بها صاحب المولد الكهربائي يبرر فيها أن فاتورة الاشتراك ستكون من الآن فصاعداً بالدولار أو على سعر صرف السوق الموازية، وتخبر «الشرق الأوسط» بأن «تكلفة 2.5 أمبير أصبحت 35.5 دولار (نحو 750 ألف ليرة لبنانية).
وتؤكد أنها طلبت من صاحب المولد تركيب عداد «ليأخذ كل ذي حق حقه» على حد وصفها، إلا إن الأخير لم يقبل، وبقيت أمام خيارين «إما الانصياع لأوامره وإما العيش في ظلام دامس» وسط ساعات التقنين الطويلة لتغذية التيار الكهربائي، وبالتالي تختار الخضوع للأمر الواقع، وفقاً لها.
وتشهد مختلف المناطق اللبنانية منذ الصيف الماضي ارتفاعاً كبيراً في عدد ساعات التقنين في وقت يعتمد فيه المواطنون على المولدات الكهربائية الخاصة لتغطية جزء من ساعات التقنين الطويلة.
ومع نضوب احتياطي المصرف المركزي بالدولار، شرعت السلطات منذ أشهر في رفع الدعم تدريجياً عن سلع رئيسية، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير. ومع رفع الدعم عن المحروقات ارتفعت فاتورة المولدات الكهربائية بشكل لافت، وعمد عدد من أصحابها إلى زيادة الأسعار على المواطنين بشكل عشوائي من دون التقيد بتسعيرة وزارة الطاقة والمياه.
وفي هذا الإطار، يؤكد نقيب أصحاب المولدات، عبدو سعادة، لـ«الشرق الأوسط» «حق أصحاب المولدات بتسعير الفواتير بالليرة اللبنانية بما يوازي السعر بالدولار في السوق الموازية، في ظل ارتفاع وانخفاض سعر صرف الدولار بشكل متكرر، وتعرض أصحاب المولدات لخسائر كبيرة في السابق». ويقول: «نحن لسنا ضد الناس؛ بل نحن معهم، ولكننا أيضاً نريد ضمان حقوقنا. فتفاوت سعر الصرف يتسبب لنا في خسائر في كثير من الأحيان، لذلك عمدنا إلى التسعير على سعر الصرف».
وإذ يطالب سعادة وزارة الاقتصاد بـ«إعطاء أصحاب المولدات سعر كيلوواط عادلاً»، يؤكد أن «أصحاب المولدات لن يلتزموا بالتسعيرة التي تفرضها الوزارة؛ لأنها غير عادلة»، محملاً إياها «مسؤولية الفوضى الحاصلة في هذا الشأن».
ويؤكد مصدر في وزارة الاقتصاد لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم التزام أصحاب مولدات الكهرباء بالتعريفة التي أصدرتها الوزارة والتي تبلغ 6508 ليرات لبنانية للكيلوواط بالساعة، وتقاضي مبالغ أعلى من التعريفة المفروضة، أمر مخالف للقانون».
ويشدد على أن «الوزارة سطرت وتسطر العديد من المحاضر بحق المخالفين، وعلى أصحاب المولدات الالتزام بالتعريفة وعدم فرض الدفع بالدولار»، وأشار المصدر إلى أن الوزارة سطرت الأسبوع الماضي 23 مخالفة بحق أصحاب المولدات. وينبّه المصدر إلى أن بعض أصحاب المولدات يطلبون مبلغاً يعدّونه «ضمانة مسبقة» و«هذا الأمر أيضاً مخالف للقانون، وسطرت الوزارة مخالفات بحق هؤلاء».
وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المائة من قيمتها، ودفعت الأزمة المالية في لبنان؛ التي وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ حالات الركود في التاريخ الحديث، 3 أرباع السكان إلى الفقر. وفي حين أصبح التسعير بالدولار يعني مضاعفة فاتورة اللبنانيين أكثر من 15 ضعفاً، فإنه يشكل صمام أمان للتجار الذين يحاولون المحافظة على رساميلهم بالدولار خوفاً من الخسارة.
وفي متاجر الثياب والأحذية وحتى عبر التسوق الإلكتروني، تلاحظ اللبنانية سارة تغير الأسعار صعوداً ونزولاً متأثرة بسعر صرف الدولار في السوق السوداء، وتخبر «الشرق الأوسط»: «أعجبني حذاء رياضي بينما كنت أتجول في أحد المجمعات التجارية بمنطقة فردان (بيروت)... لم يكن معي المبلغ الكامل لشرائه يومها، لكن عندما ذهبت في اليوم التالي حاملة رزمة من الليرات، كان سعره قد ارتفع».
ووفقاً لسارة؛ في اليوم الذي رأت فيه الحذاء كان سعر الصرف في السوق الموازية يساوي 21 ألف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد، وفي اليوم التالي ارتفع السعر إلى 24800 ليرة في غضون ساعات، تقول: «حتى تسوق الملابس الإلكتروني أصبح يسعر بالدولار».
في المقابل، تتخوف السيدة ندى؛ وهي صاحبة أحد محال الألبسة النسائية المستوردة، حسبما تخبر «الشرق الأوسط»، من تقاضي ثمن بضاعتها بالعملة اللبنانية، مؤكدة أن هذا الأمر عرضها في السابق لخسائر، وتقول: «مع قفزات الدولار الجنونية في اليوم الواحد بشكل غير مبرر؛ أصبح من الصعب جداً البيع بالليرة اللبنانية، فأحياناً لا يتسنى لنا تصريف ما نتقاضاه بالعملة الوطنية إلى الدولار قبل أن يتغير سعر الصرف».
وتؤكد أن «هامش الربح أصبح محدوداً، مما يعني أن أي خطوة غير محسوبة قد تؤدي إلى خسارة التجار رساميلهم».
ويترقب اللبنانيون بشكل يومي العتبة الجديدة التي سيبلغها انهيار عملتهم، خصوصاً أن كل التحليلات الاقتصادية تنذر بالأسوأ. وفي حين دفعت الأزمة الاقتصادية بالعديد من المؤسسات التجارية إلى إغلاق أبوابها، حافظ أسامة على مؤسسته لبيع الأدوات الكهربائية في صيدا (جنوب) من خلال تخفيض هامش الربح مقابل تقاضي ثمن المبيع بالدولار، حسبما يشرح لـ«الشرق الأوسط».
ويقول: «إذا تصفحنا اليوم كل مواقع المحال التي تبيع أدوات كهربائية؛ فسنجد أن التسعير بالدولار، وهذا الحل يضمن حق التاجر ولا يظلم الزبون. بضائعنا كلها مستوردة، وجنون الدولار لم يترك أي مجال للتجار في المساومة».
ويضيف: «أما في حال لم يكن بحوزة الزبون دولار نقدي؛ فنتقاضى منه ثمن ما ابتاعه بالليرة اللبنانية ولكن بفارق صرف يضمن حقنا... فمثلاً إذا كان سعر الصرف في السوق السوداء 23 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، فإننا نأخذ الثمن من الزبون بالليرة اللبنانية على سعر صرف 23500؛ أي بهامش يتيح لنا أن نصرّف المبلغ على الدولار من دون أن نخسر».



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.