العامري يوظف تقريراً «قديماً» ضد مفوضية الانتخابات العراقية

في إطار مساعيه المتكررة لتجاوز خسارة تحالفه في اقتراع أكتوبر

زعيم تحالف الفتح يتحدث في مؤتمر صحافي ببغداد أمس (أ.ف.ب)
زعيم تحالف الفتح يتحدث في مؤتمر صحافي ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

العامري يوظف تقريراً «قديماً» ضد مفوضية الانتخابات العراقية

زعيم تحالف الفتح يتحدث في مؤتمر صحافي ببغداد أمس (أ.ف.ب)
زعيم تحالف الفتح يتحدث في مؤتمر صحافي ببغداد أمس (أ.ف.ب)

في إطار مساعيه الرامية إلى تلافي الخسارة التي مني بها تحالف «الفتح» المؤلف من غالبية القوى والفصائل المسلحة في الانتخابات البرلمانية التي جرت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقد رئيس التحالف ومنظمة «بدر» هادي العامري، أمس، مؤتمراً صحافياً، انتقد فيه مفوضية الانتخابات وشكك في عملها ونتائج الانتخابات.
ورغم اكتفاء العامري بالتأكيد على الاعتراضات القانونية وعدم تطرقه إلى مسار التصعيد عبر الاحتجاجات والمظاهرات، تتوقع بعض الأوساط السياسية في بغداد، عودة جماعات «الإطار التنسيقي» إلى المسار الاحتجاجي لفرض شروطها في الاستحقاق الحكومي المقبل، خصوصاً مع مصادقة مفوضية الانتخابات على النتائج النهائية التي أظهرت حصول «الفتح» على 17 مقعداً فقط في مقابل حصوله في الدورة النيابية الماضية على 48 مقعداً. ولوحظ أن تحالف «الفتح» ركز في حججه الجديدة على تقرير «قديم» بشأن فاعلية أجهزة التصويت لشركة «هنسولدت» الألمانية الفاحصة.
وقال العامري في مؤتمره الصحافي الذي عقده بمقر حركة «عصائب أهل الحق» ببغداد إن «المفوضية كانت غير مهيأة لإجراء الانتخابات في الوقت المحدد ولم تجرِ الانتخابات في الأجواء التي كنا نطمح لها». وأضاف أن «التخوف من التزوير لم يكن وليد الصدفة، بل كان لدينا الشك في هذه الأجهزة منذ البداية، والمفوضية لم تقدم أي تقرير عن الانتخابات لغاية حل مجلس النواب وهذه مخالفة قانونية». وتابع، أن «المفوضية كان يجب عليها تسليم النتائج إلى جميع المرشحين لكنها لم تلتزم بهذا الشيء، هناك فرق واسع في أشرطة الأصوات التي سلمت إلى المرشحين وعن إعلانها للنتائج».
وأكد العامري قيام تحالفه بـ«تقديم طعون إلى المحكمة الاتحادية ولدينا الأدلة على التزوير وفق العرف القانوني ولدينا 6 تقارير على ملف التزوير ومخالفات المفوضية لقانونها».
بدوره، قال العضو الفائز في الانتخابات عن «عصائب أهل الحق» عدنان فيحان، خلال المؤتمر: إن «الشركة الألمانية الفاحصة أكدت في تقاريرها وجود مشكلات في قراءة بصمات أصابع الناخبين». وأعاد التذكير بجميع الملاحظات والتفاصيل التي ذكرها تقرير سابق لشركة «هنسولدت» الألمانية الفاحصة لمجمل الأجهزة الإلكترونية المتعلقة بعملية التصويت.
ويلاحظ أن تحالف «الفتح» ورغم اعتراضه المبكر على نتائج الانتخابات وقيامه بدفع اتباعه ومؤيديه إلى التظاهر والاحتجاج واتهام أطراف عديدة في المساهمة بتزويرها، لم يحاجج سابقاً بتقرير الشركة الألمانية، ما يعزز فرضية أن «الفتح» وجماعات الإطار التنسيقي قد انتبهوا لهذه «الحجة» بعد أن وردت في أحد البرامج الحوارية التلفزيونية الأسبوع الماضي.
وكانت مفوضية الانتخابات، ردت الأسبوع الماضي، على ما ورد بشأن تقرير الشركة الألمانية، وأكدت «عدم وجود أي تلاعب بنتائج الانتخابات وقرارات القضاء هي الحد الفاصل والملزم للجميع». وقال عضو فريقها الإعلامي عماد جميل بخصوص الشركة الفاحصة إن «ما يشاع وينقل عن الشركة كان ملاحظات قبل الانتخابات، إذ تم إحضار الشركة لمركز عد البيانات واطلعت على الأجهزة وقطع غيارها ودققتها وهي وضعت ملاحظات وتمت معالجتها من قبل الشركة الكورية المنتجة للأجهزة». وأكد أن «المفوضية لم تخف تقرير الشركة الألمانية والشركة قالت في تقريرها النهائي بوجه عام، إن إجراءات الفتح والإغلاق ونقل النتائج ومطابقتها والعمليات الأخرى ذات الصلة كانت تعمل بصورة صحيحة خلال التصويتين العام والخاص».
وأضاف جميل «رغم حدوث مشكلات في التصويت فقد استجابت المفوضية لهذه المشكلات في الوقت المناسب ولم يكن لمشكلات النظام الانتخابي تأثير مادي على نتائج الانتخابات». وتابع، أن «الشركة لفتت في تقريرها إلى أن المفوضية تصرفت بسرعة وفاعلية وعالجت بنجاح جميع المشكلات والتي أتاحت القدرة على التحقق من مدخلات ومخرجات البيانات على مستويات متعددة توفر درجة عالية من الثقة بسلامة البيانات الانتخابية ولم تحاول أي جهة خارجية في أي وقت التأثير على التدقيق أو التدخل فيه».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.