الرئيس الجزائري يشتكي من قوى «تنشر الرشوة»

مع قرب انتهاء نصف مدة ولايته الأولى

الرئيس عبد المجيد تبون (رويترز)
الرئيس عبد المجيد تبون (رويترز)
TT

الرئيس الجزائري يشتكي من قوى «تنشر الرشوة»

الرئيس عبد المجيد تبون (رويترز)
الرئيس عبد المجيد تبون (رويترز)

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن مسيري الاستثمار، والشركات العمومية «لا ينبغي أن يخافوا السجن لأنه مكان اللصوص وليس المسؤولين المسيرين النزهاء»، وذلك في رسائل أراد من خلالها طمأنة جل مسؤولي المؤسسات والهيئات، ممن يتحاشون اتخاذ إجراءات وإصدار قرارات في مجال الاستثمار والخدمات، خوفا من أن تطولهم المتابعة القضائية في حال وقعوا في أخطاء.
وكان تبون يتحدث بمناسبة مؤتمر للتنمية الصناعية والإنعاش الاقتصادي، بدأت أشغاله أمس بالعاصمة، ملمحاً إلى مئات الكوادر المسيرين، الذين يخشون أن يلقوا مصير عشرات المسؤولين الحكوميين من عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بعد أن أدانهم القضاء خلال العامين الماضيين بأحكام ثقيلة بالسجن، بتهم سوء التسيير والفساد، وتحويل مال عام إلى الخارج.
ومنذ تسلم تبون الحكم في نهاية 2019، بات الاستثمار والتنمية معطلين بسبب غياب المبادرة بإطلاق مشروعات في كل المجالات، خاصة الصناعة.
ومنذ شهرين، أعطى تبون أوامر للحكومة بإعداد تعديلات لإدخالها على القوانين، التي تتشدد في متابعة المسؤولين القائمين على قطاع الاستثمار، في حال ارتكبوا أخطاء أو تجاوزات. علماً بأن رئيسي الوزراء سابقا، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، والعديد من الوزراء السابقين، أنزلت بهم المحاكم أحكاماً قاسية بالسجن، بسبب منح مشروعات عمومية لرجال أعمال، ثبت حسب تحقيقات أجهزة الأمن أن ذلك تم بدافع التربح الشخصي، والحصول على رشى وعمولات لا يسمح بها القانون.
وأكثر ما لفت الانتباه في خطاب الرئيس أمام الناشطين في الاقتصاد والتجارة، تذمره من أشخاص، لم يذكرهم بالاسم، قال إنهم يحولون دون تنفيذ قراراته في مجال التنمية الاقتصادية والاستثمار. واشتكى الرئيس مراراً من «عصابات» في كل المنشآت والمرافق تعطل، حسبه، الإقلاع الاقتصادي. وغالباً ما اتهم «قوى» محسوبة على الرئيس بوتفليقة ومحيطه سابقاً، وأشار إليهم فيما يخص ندرة الكثير من المنتجات والسلع وأزمة مياه الشرب، ونقص السيولة في البنوك والبريد. غير أن هذه الاتهامات ليست مقنعة، وتعكس، في نظر مراقبين، عجز الفريق، الذي استخلف بوتفليقة في الحكم، عن حل مشاكل كبيرة تعاني منها البلاد.
وأكد تبون بهذا الخصوص أنه أمر بـ«رفع القيود عن 402 مشروع معطل لفائدة 57 مشروعاً وفي ظرف قصير. لكن نتساءل هل هناك تجميد عمدي وعرقلة مبيتة للسياسة الصناعية الجديدة؟ هل جاء ذلك دفاعاً عن مصالح مشبوهة وتصرفات بيروقراطية، تسببت في خسائر فادحة للاقتصاد الوطني؟». وقال إنه «يحذر بشدة كل من يحاول عرقلة سير المشروعات، وأدعو كل متضرر إلى الاتصال فوراً بوسيط الجمهورية، في حالة كان ضحية عراقيل بيروقراطية».
وتابع الرئيس تبون بنبرة متفائلة: «نحن على يقين بأننا قادرون على رفع التحدي، ومصممون عبر خطوات ملموسة ومؤثرة على رفع العراقيل عن المشروعات والمصانع الناشئة».
وعلَّق أستاذ علم الاجتماع السياسي، نوري إدريس، على كلام الرئيس قائلاً: «قبل عام اشتكى الرئيس في اجتماعه مع الولاة من قوى تعطل تطبيق قراراته وبرنامجه، وتعطل استراتيجية الدولة بشكل عام... وبعد عام، وفي ندوة الإنعاش الاقتصادي، يشتكي الرئيس من نفس القوى ومن انتشار الرشوة وتعطيل للاستثمار... وخلال السنة التي فصلت بين الخطابين، ضاعفت السلطة من الهياكل البيروقراطية ومن أجهزة الوساطة البيروقراطية للقضاء على هذه القوى المعطلة غير المرئية. فمن جهاز وسيط الجمهورية إلى تفكير السلطة في خلق مفتشية تابعة للرئاسة... لا تريد السلطة أن تفهم أن الاقتصاد هو شأن ونشاط خاص، وأنه لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي بالمزيد من البيروقراطية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».