السعودية تبدأ مرحلة التحول إلى المدن الذكية لجذب الاستثمارات وخلق فرص العمل

تتطلع لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق النمو المستمر

مخطط تخيلي لمدينة المعرفة وهي إحدى أبرز المدن الذكية الجاري تشييدها في السعودية (واس)
مخطط تخيلي لمدينة المعرفة وهي إحدى أبرز المدن الذكية الجاري تشييدها في السعودية (واس)
TT

السعودية تبدأ مرحلة التحول إلى المدن الذكية لجذب الاستثمارات وخلق فرص العمل

مخطط تخيلي لمدينة المعرفة وهي إحدى أبرز المدن الذكية الجاري تشييدها في السعودية (واس)
مخطط تخيلي لمدينة المعرفة وهي إحدى أبرز المدن الذكية الجاري تشييدها في السعودية (واس)

يرتبط موضوع المدن الذكية بشكل مباشر بالتطوير والتخطيط العمراني، وتعد المدن الذكية سمة أساسية لجذب الاستثمارات وخلق فرص للعمل وتعزيز مستوى المعيشة بشكل مستمر، وذلك من خلال مفاهيم الإدارة الذكية للموارد، لذا يظهر على السطح أحد الأسئلة المهمة، وهو «ما مفهوم المدن الذكية على وجه الدقة وبشكل أوضح، ما الدوافع أو الخلفيات التي تدعم هذا المفهوم».
وعلى الرغم من أن البعض يرى أن المدن الذكية ظهرت كحل لعدد كبير من التحديات التي نشأت عن معدلات التحضر العالية الموجودة في العالم، ووفق التقرير السنوي للبنك الدولي تعدت نسبة السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية 52.6 في المائة، وتستمر هذه النسبة في الزيادة بمعدل سنوي 2.1 في المائة، وفي السعودية أيضا تعدت نسبة التحضر 80 في المائة، وجاءت مباشرة خلف الولايات المتحدة الأميركية في الترتيب العالمي.

تخلق الضغوط المستمرة على البنية التحتية الحضرية الناتجة عن التوسع السكاني تحديات جديدة ومتوالية بغرض الكفاءات التشغيلية في الإدارة الحضرية، وتقديم أعلى مستويات معيشية، وتوسيع فرص العمل، وتحسين تخصيص الموارد ودعم التنمية الصناعية والنمو الاقتصادي المستمر وتنمية الناتج المحلي الإجمالي. ووفقا لدراسات أعدتها جهات حكومية التي من بينها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، فإن جوانب أخرى لا تقل أهمية، يتحتم التركيز عليها، كمجالات الأمن والسلامة، سواء من ناحية الحماية الشخصية أو من ناحية حماية الممتلكات، وكذلك الحماية من الكوارث الناتجة عن صنع الإنسان مثل الحوادث الأمنية، والحماية من الأوبئة والكوارث الطبيعية مثل الزلازل، الحرائق وغيرهما، التي تنذر بالخطر مع تزايد عدد السكان.
وذلك يضيف ضغوطا أخرى على النظام بشكل عام والموارد المختلفة التي جرى تمديدها وتوصيلها فعليا للتعامل مع الزيادة السكانية، فعلى سبيل المثال، تعد الزيادة في عدد السيارات التي قد تسبب نقص الإنتاجية مع الازدحام ووقتا أطول لساعات الذروة ونسبا أعلى من انبعاثات الكربون التي قد تتسبب في ارتفاع غازات الاحتباس الحراري وزيادة الإنفاق على إنشاءات الطرق وبرامج الصيانة والخسارة في الأرواح، لا قدر الله، الناتجة عن الارتفاع في حوادث الطرق، حيث إن سعة الطرق في العادة لا تضاهي الزيادة في أعداد السيارات المتنامية.
وزاد عدد السيارات في السعودية إلى ما يقارب تسعة ملايين سيارة بزيادة 75 في المائة عن عام 2005، وقدرت تكاليف حوادث الطرق بقيمة 13 مليار ريال سعودي، بما يعادل 0.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وذلك وفق مصلحة الإحصاءات العامة في السعودية.
وفي هذا الشأن، يشير الدكتور مروان الأحمدي، المتخصص والباحث في قطاع الاتصال الذي يعمل أيضا نائبا للرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال بشركة موبايلي في بحث حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن توسع المدن الذكية يأتي لتوفير الخدمات الكافية في الوقت التي تواجه فيه أمورا إدارية وحوكمية تزداد تعقيدا بسبب البنية التحتية الهرمة، فهذه التحديات دفعت المخططين الحضريين إلى إعادة النظر في أفضل الطرق التي تؤدي للاستفادة من الموارد، وفي نفس الوقت تدعم أكبر عدد من السكان وتحافظ على النمو الاقتصادي، وهذا أدى إلى ظهور دوافع قوية للبحث عن حلول تقنية بشأن الإدارة الفعالة للمدن الذكية عن طريق استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتطورة والاستفادة من مفاهيم الإدارة المعلوماتية. وأوضح الأحمدي في بحثه أنه يمكن للمرء أن يتخيل المدينة الذكية مماثلة للجهاز الحسي مع حواس مختلفة لالتقاط المعلومات من البيئة الخارجية، وهنا يقوم الجهاز العصبي بنقل المعلومات الحسية للمخ ثم تنفيذها استنادا إلى المعلومات التي انتهت معالجتها أو على عمليات الذكاء أو الابتكار، وحيث إن الابتكار دائما ما تصاحبه رؤى أفضل تتيح المزيد من المعلومات أو الحلول الناجحة لأية إشكالية، كما أن مفاهيم ومقتضيات المدن الذكية تكون أحيانا مرادفة للإبداع أو الابتكار، لذلك شرعت الكثير من المدن الرائدة في العالم، بما فيها سيول، نيويورك، طوكيو، شنغهاي، جوانزو، سنغافورة، أمستردام، استوكهولم، قطر ودبي، في إنشاء مشروعات المدن الذكية كحل للتحضر السريع، وهنا نعود للسؤال الأول فيما يخصُّ تعريف المدينة الذكية.
ويعرف الدكتور الأحمدي المدينة الذكية بأنها «منطقة حضرية متطورة، تجسد التنمية الاقتصادية، فالكفاءة العالية وجودة الحياة والبيئة الآمنة السليمة»، مشيرا إلى أن المدن الذكية تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق الأهداف الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، وتتطلب انتشارا أكبر للنظم والبرامج لإنشاء نموذج إدارة متكامل للمدينة للحصول على أكبر الفوائد الممكنة، وعادة ما يجري تقييم المدن الذكية من خلال ابتكاراتها وقدرتها على حل المشكلات والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين القدرة على تعزيز مستويات المعيشة والنمو الاقتصادي.
ويضيف الأحمدي، أن مدنا اقتصادية في السعودية عملت على تبني المدينة الذكية لتعزيز التنمية المستديمة، إلا أنه يرى أن هناك المزيد من الفرص لتوظيف مفهوم المدينة الذكية مع المدن القائمة والمناطق الصناعية مثل الرياض، وجدة والهيئة الملكية في الجبيل وينبع ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية.
وقال الأحمدي، إنه من المهم التطرق إلى استراتيجيات مفهوم المدن الذكية، سواء في حالة المدن الموجودة أو المدن الجديدة، وخصوصا أنه يمكن تطبيق مفاهيم المدينة الذكية على كل من المدن الاقتصادية الجديدة، وكذلك المراكز الحضرية القائمة، لكن الاختلاف الوحيد يكمن في سرعة ونطاق تطبيقات المدينة الذكية في المدن الاقتصادية الجديدة مقارنة بالمراكز الحضرية القائمة، وذلك لأهمية أن تبنى المدن الجديدة بشكل ذكي منذ البداية، حيث يجري تصميمها لتجذب الأعمال والسكان مع خطة أساسية تستخدم تقنية المعلومات والاتصالات لتقديم خدمات فعالة لصالح المواطنين، والأمثلة على ذلك مما ذكرنا تشمل المدن الاقتصادية الجديدة في المملكة مثل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة، ومدينة قطر للطاقة، ومدينة مصدر في أبوظبي، والمدن الجديدة التي تظهر في آسيا التي تلبي الزيادة السكانية الحضرية، مثل مدينة سونجدو في كوريا، ومدينة جوانزو للمعرفة في الصين.
وتعد تكلفة بناء المدينة الذكية قليلة مقارنة بالفوائد المتحققة التي يمكن الحصول عليها نتيجة لذلك، التي تتمثل بشكل رئيس في خفض تكلفة إدارة المدن والنظر إلى الزمن المستقبل، وتلك لها نتاجها على المدى البعيد، بالنسبة للفوائد المتحققة من حيث إنقاذ الأرواح وزيادة السعة للبنية التحتية القائمة للطرق وأيضا تقليل الوقت غير المنتج الذي يُقضى في انتظار حركة المرور بتحديثات المعلومات المرورية والتكاليف المتعلقة بحوادث الطرق.
وتتبنى المدن الذكية تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمعالجة الأهداف الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، ويمكن أن تجمع المدينة الذكية بين البنية التحتية المادية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويمكن أن تستند فقط على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كجزء من نهج أكثر تكاملا لتقنية المعلومات والبيانات، وتتطلع دائما وبشكل مستمر المدن ذات الحلول الذكية والبيانات المفتوحة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة وتحقيق النمو المستمر.
ويقول الأحمدي: «يظهر لنا بشكل متكرر موضوعان رئيسان للاستثمار في تطبيقات المدن الذكية العالمية، هما تحسين الكفاءة، وتعزيز السلامة والأمن لإدارة أفضل وتغيير البنية التحتية للمدينة لتلبية التحديات المتجددة، ويظهر لنا أيضا ثلاثة لاعبين محوريين في موضوع المدن الذكية، يلعب كل منهم دوره الخاص ويستنبط القيم منها كجزء من البيئة المستديمة، وهم الحكومة بوصفها مزود الخدمات الحكومية والقانون والنظام العام، وصاحب المشروع للاستثمار والوظائف وخلق القيمة، والمواطنون للمواهب وكعمود فقري للعملية الاقتصادية».
ويشدد البحث على أن تطوير المدينة الذكية ما زال في مراحله الأولى، حيث لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، كل مشروع لمدينة ذكية يختلف عن الآخر، فالدوافع الاقتصادية والاجتماعية مختلفة، والأهداف مختلفة، ومصادر التمويل مختلفة.
ويشير الباحث إلى أن القاسم المشترك بين مشروعات المدن الذكية هو استخدام تقنية المعلومات والاتصالات للحصول على المعلومات ومعالجتها كمدخل لإدارة المدينة المتكاملة التي تحسن ما يطلق عليه «ذكاء المدينة»، والاختلاف الأساسي عن أنظمة تقنية المعلومات التقليدية التي جرى تنفيذها في منطقة واحدة من الإدارة الحضرية هي أن الاستجابة المنسقة في الوقت الفعلي لم تكن ممكنة، لأن تبادل البيانات بين الأنظمة المتعددة لم يكن جزءا من التصميم الأصلي، حيث يجري تحميل الذكاء في النظام عن طريق تنسيق وتشارك المعلومات من مصادر مختلفة للحصول على أكثر الاستجابات ملاءمة في الوقت الحقيقي.
أما فيما يخص الاتجاهات الاستثمارية للمدن الذكية فقد توقعت منظمات الأبحاث السوقية، أن تتعدى الاستثمارات السنوية في المدن الذكية تريليون دولار بحلول عام 2016، وستأتي أغلبها في أكثر من 700 مدينة على مستوى العالم مع نصف مليون نسمة أو أكثر من السكان، حيث تتحول للحفاظ على النمو الحضري بصورة أفضل، وستتجه تلك الاستثمارات نحو تطوير البنية التحتية للشبكات استعدادا للإدارة المتكاملة للمدينة التي تعد حجر الزاوية للمدن الذكية، والمكون الرئيس للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي تدعم جوانب محددة مثل النقل الذكي، الشبكة الذكية وما شابه ذلك والخدمات مثل التصميم، الاستشارات، الهندسة والتركيب.



سحب الجنسية الكويتية من رجل الأعمال معن الصانع

معن الصانع
معن الصانع
TT

سحب الجنسية الكويتية من رجل الأعمال معن الصانع

معن الصانع
معن الصانع

أصدرت الحكومة الكويتية، اليوم، مرسوماً بفقدان الجنسية الكويتية من خمسة أشخاص بينهم الملياردير معن عبد الواحد الصانع، وذلك وفقاً لنص (المادة 11) من قانون الجنسية الكويتية.

كما ترأس رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الدفاع ووزير الداخلية الشيخ فهد يوسف الصباح، اليوم (الخميس)، اجتماع اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، إذ قررت اللجنة سحب وفقدان الجنسية الكويتية من عدد (1647) حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

وشرعت السلطات الكويتية منذ مطلع شهر مارس (آذار) الماضي، من خلال اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، في حملة إسقاط جنسيات وذلك لأسباب مختلفة، يأتي في مقدمتها التزوير، كما تشمل عمليات سحب الجنسية، الأشخاص والتابعين الذين حصلوا عليها من دون استيفاء الشروط القانونية، ومن بينها «صدور مرسوم» بمنح الجنسية، حيث دأب أعضاء في الحكومات السابقة على تخطي هذا القانون ومنح الموافقات على طلبات الحصول على الجنسية دون انتظار صدور مرسوم بذلك.

ومعن الصانع هو رجل كان يحمل الجنسيتين السعودية والكويتية، اشتهر بكونه مؤسس «مجموعة سعد»، التي تضم مجموعة شركات كبيرة تعمل في قطاعات مثل البنوك، والعقارات، والإنشاءات، والرعاية الصحية.

ومع مطلع الألفية الثانية أصبح أحد أغنى رجال الأعمال في السعودية والخليج، وكان على قائمة «فوربس» لأغنى مائة رجل في العالم عام 2007، لكنَّ أعماله تعرضت للانهيار بعد خلافات اتُّهم خلالها بالاحتيال، لينتهي الخلاف مع عائلة القصيبي وآخرين في أروقة المحاكم، وتعثرت «مجموعة سعد»، إلى جانب شركة أخرى هي «أحمد حمد القصيبي وإخوانه»، في عام 2009، مما وصل بحجم الديون غير المسددة للبنوك إلى نحو 22 مليار دولار.

وفي مارس (آذار) 2019 وافقت محكمة سعودية على طلب رجل الأعمال المحتجز والمثقل بالديون وشركته لحل قضيتهما من خلال قانون الإفلاس الجديد في المملكة.

وقبيل نهاية عام 2018 طُرحت عقارات مملوكة لمعن الصانع للبيع في مزاد علني، من أجل سداد أموال الدائنين التي تقدَّر بمليارات الريالات، حيث كلَّفت المحكمة شركة متخصصة بالمزادات ببيع الأصول على مدار خمسة أشهر في مزادات في المنطقة الشرقية وجدة والرياض.