اليمن: مجلس للدفاع عن الأقليات الدينية تصدياً لانتهاكات الحوثيين

ميليشيا الحوثي خلال تجمع يهدف لحشد مزيد من المقاتلين لجبهات القتال في صنعاء (أ.ف.ب)
ميليشيا الحوثي خلال تجمع يهدف لحشد مزيد من المقاتلين لجبهات القتال في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

اليمن: مجلس للدفاع عن الأقليات الدينية تصدياً لانتهاكات الحوثيين

ميليشيا الحوثي خلال تجمع يهدف لحشد مزيد من المقاتلين لجبهات القتال في صنعاء (أ.ف.ب)
ميليشيا الحوثي خلال تجمع يهدف لحشد مزيد من المقاتلين لجبهات القتال في صنعاء (أ.ف.ب)

بعد أكثر من عام على ترحيل آخر مجموعة دينية من البلاد، اتفق ممثلون للأقليات الدينية في اليمن على تشكيل مجلس تنسيقي يضمهم مع ممثلي أقلية المهمشين، للدفاع عن وجودهم وحقهم في حرية الاعتقاد والمواطنة المتساوية أمام بطش ميليشيات الحوثي وتنكيلها المتواصل بالأقليات الدينية ومنعها من ممارسة شعائرها وتهجير رموزها وإجبار المهمشين على القتال في صفوفها.
ويعد هذا أول تجمع للأقليات الدينية في تاريخ اليمن، المعروف بتعدد جماعاته الدينية والمذهبية وتعايشها، خصوصاً منذ الإطاحة بنظام حكم الأئمة في ستينات القرن الماضي، حيث ينص الدستور اليمني على أن جميع المواطنين متساوون بالحقوق والواجبات.
مصادر من الأقليات الدينية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن التحضيرات جارية لإشهار المجلس التنسيقي للأقليات الدينية والعرقية، والذي يضم ممثلين عن أتباع الديانات المسيحية واليهودية والبهائية إلى جانب أقلية المهمشين، وهي الفئات الأكثر تضرراً من ممارسات ميليشيا الحوثي والتي تعرض رموزها للنفي خارج البلاد.
وأضافت هذه المصادر أن هذا المجلس يضم 8 شخصيات، بينها 4 نساء، ويهدف إلى مواجهة النهج الاستئصالي لميليشيا الحوثي والحفاظ على التعدد الديني والعرقي في اليمن، وأنه تم اختيار ممثلي الأقليات الدينية الرئيسية الثلاث في البلاد، وهي المسيحية واليهودية والبهائية، إلى جانب أقلية المهمشين.
ووفق المؤسسين، فإن الهدف من تأسيس مجلس التنسيق الوطني للأقليات هو تعزيز قيم الشراكة فيما بينها، وتوحيد المواقف تجاه القضايا الحقوقية والمدنية والسياسية والوطنية، بما يُسهم في تعزيز قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر والمواطنة المتساوية، وتبني قضايا هذه المجموعات في المحافل الوطنية والإقليمية والدولية، خصوصاً بعد الممارسات العنصرية لميليشيا الحوثي بحق فئة المهمشين، الذين تقول إحصائيات غير رسمية إن عددهم يزيد على ثلاثة ملايين شخص، وبعد قيام ميليشيا الحوثي بترحيل رموز الطائفة البهائية وترحيل آخر الأسر اليهودية من البلاد، والتنكيل بأتباع الديانة المسيحية وترحيل رموزها بعد إغلاق أماكن العبادة الخاصة بهم.
وجاء تشكيل هذا المجلس بعد أن قامت ميليشيات الحوثي باعتقال رموز الطوائف الدينية، ومن ثم إرغامهم على الرحيل خارج البلاد، وتوجيه زعيم ميليشيا الحوثي بتجنيد أبناء المهمشين للقتال مستغلاً حالة الفقر وغياب التعليم عن تجمعاتهم التي أقيمت على أطراف المدن، وحرمانهم من أي حقوق اجتماعية وسياسية، إضافة إلى إطلاق صفات عنصرية على هذه الطائفة، كما لا تزال الميلشيات تعتقل أحد أبناء الطائفة اليهودية للسنة السادسة على التوالي رغم إصدار المحكمة التي تديرها أحكاما بتبرئته من التهم الموجهة إليه، ومقايضة الميليشيا لأسرته بالرحيل عن البلاد مقابل إطلاق سراحه.
إلى ذلك، لا تزال الميليشيات تصادر أموال ومكاتب الجماعة البهائية، وتمنع عليها التعاملات المالية، وتحظر عليها ممارسة شعائرها، بعد أن اعتقلت رموزها لسنوات عدة ثم رحلتهم إلى دولة اللوكسمبورغ.
وكان أتباع الديانات الثلاث، اليهودية والمسيحية والبهائية، قبل انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية، يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية، كما كانوا يشاركون في الفعاليات والمناسبات العامة والخاصة، حيث يقدر عدد هؤلاء بالآلاف، بعد هجرة أغلب أتباع الطائفة اليهودية لأسباب اقتصادية مطلع التسعينيات والألفية الجديدة، كما أن أقلية المهمشين كانت جزءاً فاعلاً في مؤتمر الحوار الوطني، وتم استيعاب مطالبها والتاكيد على ضرورة إدماجها في المجتمع من خلال إلحاق أبنائها بالتعليم العام وتحسين الظروف المعيشية لتلك الطائفة التي تعرضت للتهميش طوال عقود من الزمن.
وذكر تقرير حديث لـ«مركز أكابس الدولي للدراسات» أن ميليشيات الحوثي تطبق منذ عام 2015، تدريجياً، سياسات مرتبطة بقمع الممارسات الدينية لبعض الطوائف الإسلامية. وزادت المعلومات عن مثل هذه الحوادث بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، حيث تقمع الميليشيات السكان بطريقتين مختلفتين، الأولى عن طريق فرض أعراف دينية عامة، بما في ذلك الاحتفالات والأعراس والمراكز السلفية وصلاة التراويح، والثانية عن طريق الجبايات المالية بغرض زيادة الإيرادات من خلال جباية الزكاة وفرض الضرائب على الاحتفالات الدينية، إضافة إلى تشجيع الناس على الانضمام إلى القتال من خلال الخطب والرسائل الدينية الأخرى، وبالتالي زيادة عدد المقاتلين، والتأكيد على أن «المؤمنين الحقيقيين» هم أولئك الذين ينتمون إلى مذهب الميليشيات، ما يعني أن غير المنتسبين لمذهبهم كفار.
ويرصد التقرير «محاولات متعمدة لخلق الانقسام بين الناس من مختلف الطوائف الإسلامية»، إذ تم الإبلاغ عن حوادث متعلقة بالممارسات الدينية منذ منتصف العام الحالي، مرتبطة بحوادث سابقة متعلقة بتحصيل الضرائب ومنع الموسيقى وإغلاق المساجد السنية واستبدال الأئمة السنة الذين لم يعملوا وفق سياسات الحوثيين، وإجراء تغييرات في المناهج الدراسية، خصوصاً في ما يتعلق بالتاريخ والدراسات الإسلامية والاجتماعية، لتعزيز المبادئ الأساسية للفكر الطائفي للميليشيات.
وبالإضافة إلى ذلك، تقوم ميليشيات الحوثي بفرض ضرائب على أصحاب المتاجر لإقامة الاحتفالات الدينية، مثل عيد الغدير والمولد النبوي ويوم الصرخة وأسبوع الشهيد وذكرى ميلاد فاطمة، ويتم تحصيل هذه الضرائب من قبل المشرفين الحوثيين، ومن يرفضوا الدفع يتعرضوا لإغلاق محالهم أو الاحتجاز أو العنف الذي يؤدي إلى فقدان مصدر رزقهم. وتستخدم الضرائب المحصلة لتغطية تلك الاحتفالات وتوفير رأس المال للمجهود الحربي. كما أُغلقت المساجد التابعة لطوائف إسلامية غير الطائفة الحوثية، مثل السلفيين أو الجماعات السنية الأخرى، أو إعادة توظيف هذه المساجد لصالح التوجهات الحوثية. ومنذ يونيو (حزيران) الماضي، تم إغلاق نحو 16 مركزاً سلفياً وهدم واحد منها، كما تم اختطاف اثنين من أئمة المساجد واحتجازهما في مدينة إب لعدم اتباع توجيهات الميليشيات ورفع شعارها المعروف باسم «الصرخة»، وهو شعار الثورة الإيرانية على نظام حكم الشاه.
وخلص الباحثون إلى أن القمع الديني الذي تمارسه ميلشيات الحوثي يؤثر على الطوائف الإسلامية والأطفال والنساء والموسيقيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، خصوصاً وأنها ربما المرة الأولى في تاريخ الجمهورية اليمنية التي يتم فيها تهجير كل أتباع الديانات الأخرى والتضييق على المذاهب الإسلامية وفرض نموذج مذهبي بالقوة في المناهج الدراسية وفي المساجد ووسائل الإعلام وتحويل هذه الممارسات القمعية إلى سلوك يومي، حتى في الشارع.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.