القاهرة: إدارة السد الإثيوبي بشكل منفرد أضرت بدولتي المصب

قالت إنها أبدت مرونة كبيرة للتوصل إلى اتفاق عادل

وزير الري المصري يتوسط مجموعة من الدبلوماسيين المجريين في بودابست (الحكومة المصرية)
وزير الري المصري يتوسط مجموعة من الدبلوماسيين المجريين في بودابست (الحكومة المصرية)
TT

القاهرة: إدارة السد الإثيوبي بشكل منفرد أضرت بدولتي المصب

وزير الري المصري يتوسط مجموعة من الدبلوماسيين المجريين في بودابست (الحكومة المصرية)
وزير الري المصري يتوسط مجموعة من الدبلوماسيين المجريين في بودابست (الحكومة المصرية)

أكدت مصر أن إدارة إثيوبيا لسد النهضة بـ«شكل منفرد» أضر بدولتي المصب.
وقالت إنها «أبدت مرونة كبيرة خلال مراحل التفاوض للتوصل إلى اتفاق (عادل ومُلزم)»، فيما لفت وزير الري المصري محمد عبد العاطي إلى أن «الندرة المائية والتغيرات المناخية تزيد من صعوبة الوضع في إدارة المياه بمصر وتجعلها شديدة الحساسية تجاه أي مشروعات (أحادية) يتم تنفيذها في دول حوض النيل، دون وجود اتفاقيات (قانونية مُلزمة) لتنظيم هذه المشروعات والحد من تأثيراتها السلبية على المياه بمصر».
وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا منذ عام 2011 حول «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى دولتا مصب نهر النيل (مصر والسودان)، من تأثيره سلبياً على إمداداتهما من المياه، وكذا تأثيرات بيئية واجتماعية أخرى، منها احتمالية انهياره. وتطالب القاهرة والخرطوم، أديس أبابا بإبرام اتفاقية «قانونية مُلزمة» تضمن لهما الحد من التأثيرات السلبية المتوقعة للسد، وهو ما فشلت فيه المفاوضات الثلاثية، والممتدة بشكل متقطع منذ 10 سنوات.
من جهته، أشار وزير الري المصري إلى ما «أبدته مصر من مرونة كبيرة خلال مراحل التفاوض لرغبتها في التوصل لاتفاق (عادل ومُلزم) فيما يخص ملء وتشغيل (السد)»، لافتاً إلى «ضرورة وجود إجراءات محددة للتعامل مع حالات الجفاف المختلفة في ظل اعتماد مصر الرئيسي على نهر النيل»، مؤكداً أن «مصر قامت بمحاولات عديدة لبناء الثقة خلال مراحل التفاوض؛ إلا أن ذلك لم يقابل بـ(حُسن نية) من الجانب الإثيوبي»، موضحاً أن «أي نقص في المياه سوف يسبب مشاكل اجتماعية، وعدم استقرار أمني في المنطقة، ويزيد من (الهجرة غير المشروعة)». جاءت تصريحات الوزير المصري خلال محاضرة للدبلوماسيين المجريين على هامش مؤتمر «كوكب بودابست» في المجر.
وبحسب بيان لمجلس الوزراء المصري، فقد أشار الوزير عبد العاطي إلى «تعمد الجانب الإثيوبي إصدار بيانات (مغلوطة)، وإدارة (السد) بـ(شكل منفرد)، ما تسبب في حدوث أضرار كبيرة على دولتي المصب، مع الإشارة إلى الأضرار التي تعرض له السودان نتيجة الملء (الأحادي) العام الماضي».
وقال عبد العاطي إن «(الأفعال الأحادية) لملء وتشغيل (السد)، والزيادة السكانية، والتغيرات المناخية، ومحدودية الموارد المائية، تستلزم وضع سياسات واتخاذ العديد من الإجراءات، وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى لتحقيق الإدارة المتكاملة والمثلى للموارد المائية، باعتبار أن قضية المياه، هي قضية محورية في مجال تحقيق التنمية المستدامة، الأمر الذي يستلزم زيادة التعاون وتبادل الخبرات بين دول العالم في مجال المياه».
وجرت آخر جلسة لمفاوضات «السد» في أبريل (نيسان) الماضي، برعاية الاتحاد الأفريقي، أعلنت عقبها الدول الثلاث فشلها في إحداث اختراق، ما دعا مصر والسودان للتوجه إلى مجلس الأمن، الذي أصدر «قراراً رئاسياً» منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي للوصول إلى اتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة».
من جانبه، أكد عبد العاطي أن «مصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية من خلال العديد من المشروعات التي يتم تنفيذها على الأرض، فمصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل؛ لكن إنشاء سد بهذا الحجم الضخم (أي سد النهضة)، من دون وجود تنسيق بينه وبين السد العالي (مصر) هو سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذي يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين، وهو الأمر الذي ترفضه إثيوبيا، رغم أن مصر عرضت على إثيوبيا العديد من السيناريوهات، التي تضمن قدرة (السد) على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 85 في المائة في أقصى حالات الجفاف»، مضيفاً أن «وجود آلية تنسيقية في إطار اتفاق (قانوني عادل) يُعد ضمن إجراءات التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية»، موضحاً أن «مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، الذي يهدف لتحويل نهر النيل لمحور للتنمية يربط بين دول حوض النيل، يحقق التكامل الإقليمي ويجمع دول الحوض».
ووفق مجلس الوزراء المصري، مساء أول من أمس، فقد أكد الوزير عبد العاطي أن «مصر تعتمد بنسبة 97 في المائة على مياه نهر النيل، وتصل احتياجات مصر المائية إلى نحو 114 مليار متر مكعب سنوياً تقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ60 مليار متر مكعب سنوياً، بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنوياً».
في سياق موازٍ، التقى وزير الري المصري، أمس، على هامش مؤتمر «كوكب بودابست»، وزير المياه والبيئة الأوغندي سام مانجوشو شيبتوريس، ووزير الطاقة والمياه الأنغولي لوكريسيو ألكسندر، ووزير الموارد المائية السيراليوني فيليب لانسانا، وكريم حسني وزير الموارد المائية الجزائري، لبحث لتعزيز التعاون.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.