تركيا تواجه إجراء «تأديبياً» أوروبياً لاستمرار حبس كافالا

غضب بسبب ترخيص قبرصي للتنقيب عن النفط شرق المتوسط

رجل الأعمال التركي عثمان كافالا الذي تتهمه السلطات بالتجسس والتورط في محاولة انقلاب فاشلة وتمويل احتجاجات في إسطنبول (رويترز)
رجل الأعمال التركي عثمان كافالا الذي تتهمه السلطات بالتجسس والتورط في محاولة انقلاب فاشلة وتمويل احتجاجات في إسطنبول (رويترز)
TT

تركيا تواجه إجراء «تأديبياً» أوروبياً لاستمرار حبس كافالا

رجل الأعمال التركي عثمان كافالا الذي تتهمه السلطات بالتجسس والتورط في محاولة انقلاب فاشلة وتمويل احتجاجات في إسطنبول (رويترز)
رجل الأعمال التركي عثمان كافالا الذي تتهمه السلطات بالتجسس والتورط في محاولة انقلاب فاشلة وتمويل احتجاجات في إسطنبول (رويترز)

قرر مجلس أوروبا إطلاق إجراء تأديبي بحق تركيا لرفضها الامتثال لقرار محكمة حقوق الإنسان بالإفراج عن رجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، الذي تتهمه السلطات بالتجسس والتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة وتمويل احتجاجات جيزي بارك في إسطنبول عام 2013 عبر مؤسسة «الأناضول» الثقافية التي يرأسها والتي أدرجتها السلطات على لائحة الإرهاب الشهر الماضي. ويعد الإجراء، الذي أعلنه المجلس أمس (الجمعة)، خطوة غير مسبوقة في تاريخه، إلا مرة واحدة عندما استخدمت ضد أذربيجان لسبب مماثل عام 2017. ولم ينظر المجلس إلى مطالبة الخارجية التركية، عشية القرار، بـ«احترام القضاء التركي المستقل». واتفقت لجنة الوزراء الحقوقية التابعة للمجلس الأوروبي على اتخاذ ذلك الإجراء، بعدما رفضت تركيا مراراً الامتثال إلى حكم صادر عام 2019 عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يقضي بالإفراج عن كافالا، بحسب بيان للمجلس. ويسود قلق أوروبي متصاعد حيال انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، لا سيما عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) عام 2016 ونسبتها السلطات إلى الداعية المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، وحركة الخدمة التابعة له، التي صنفتها منظمة إرهابية، فضلا عن الاستهداف المتكرر لـ«كافالا» من جانب الرئيس رجب طيب إردوغان، بشكل شخصي، في خطاباته وتصريحاته، ووصفه بأنه «بقايا سورس» في إشارة إلى رجل الأعمال الأميركي من أصل مجري جورج سورس، مؤسس «منظمة المجتمع المفتوح». وذكر مجلس أوروبا، في بيانه أن لجنة الوزراء الحقوقية التابعة له تعتبر أن تركيا ترفض الالتزام بالحكم النهائي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بضمان الإفراج الفوري عن كافالا».
وأمهل المجلس تركيا حتى 19 يناير (كانون الثاني) المقبل، كحد أقصى، للرد، وبعدها ستحيل اللجنة القضية مجدداً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اجتماعها المقبل في الثاني من فبراير (شباط)، بينما من المقرر أن تنعقد الجلسة المقبلة في قضية كافالا في إسطنبول بتاريخ 17 يناير. ويضع قرار اللجنة الوزارية للمجلس، الذي يحتاج موافقة أغلبية الثلثين، تركيا حالياً قيد مذكرة رسمية مفادها بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ستتولى النظر بفشلها في إطلاق سراح كافالا. وستقرر المحكمة بعد ذلك بشأن إن كان عدم تطبيق تركيا لقرارها يمثل انتهاكاً إضافياً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وكان القضاء التركي قرر، الأسبوع الماضي، إبقاء كافالا (64 عاماً)، الذي اعتقل عام 2017 وأعيد اعتقاله بعد تبرئته من قبل من تهمة تمويل احتجاجات جيزي بارك وتغيير الاتهام إلى التجسس ودعم محاولة الانقلاب، في السجن حتى موعد الجلسة المقبلة في 17 يناير، حيث يواجه عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة السعي لزعزعة استقرار تركيا. وسبق أن دفع تمديد توقيف كافالا، في أكتوبر الماضي، سفراء عشر دول غربية، بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، إلى الدعوة إلى «الإفراج العاجل» عنه. وهدد إردوغان باعتبار هؤلاء السفراء «شخصيات غير مرغوب فيها» تمهيداً لطردهم، قبل أن يغير رأيه بعد رسالة تهدئة من ممثل الولايات المتحدة، شاركتها على الفور الدول الأخرى المعنية على تويتر.
وعشية قرار لجنة المجلس الأوروبي، حثت الخارجية التركية على لسان متحدثها الرسمي، تانجو بيلجيتش، في بيان أصدره الليلة قبل الماضية، المجلس على عدم إطلاق الإجراء التأديبي «احتراماً للعملية القضائية الجارية»، محذرا من أن الخطوة ستمثل تدخلا في شؤونها الداخلية. وأوضح البيان، أن تركيا نفذت 3 آلاف و674 قراراً صادراً عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بينها 128 قراراً خلال العام الجاري، معتبرا أن إبراز قرار المحكمة بحق كافالا، على وجه الخصوص دون غيره من القرارات الصادرة عن المحكمة نفسها وغير المنفذة حيال قضايا أخرى في دول مختلفة، «نهج غير متسق».
على صعيد آخر، عبرت الخارجية التركية، عن رفضها إصدار قبرص ترخيصاً للتنقيب عن الغاز الطبيعي في منطقة قالت إنها تنتهك الجرف القاري لتركيا في شرق البحر المتوسط. وقال بيلجيتش، في بيان آخر، بشأن أنباء عن منح الحكومة القبرصية ترخيصاً لكونسورسيوم بين شركة «إكسون موبيل» و«قطر للبترول» للتنقيب عن الغاز الطبيعي فيما يسمى بالمنطقة الخامسة في شرق المتوسط، إن «الأنباء المتعلقة بمنح ترخيص للتنقيب عن الغاز فيما يسمى بالمنطقة الخامسة التي حددتها قبرص من جانب واحد وبشكل يتجاهل حقوق بلادنا وحقوق القبارصة الأتراك، تظهر مجددا وبوضوح من يؤجج التوتر في شرق المتوسط». ولفت إلى أن الترخيص المذكور ينتهك جزءا من الجرف القاري لتركيا، ومن جهة أخرى، تتجاهل هذه الخطوة الأحادية حقوق القبارصة الأتراك الذين هم شركاء في ملكية جزيرة قبرص. وأكد بيلجيتش أن تركيا لم تسمح في السابق لأي دولة أجنبية أو شركة أو سفينة بالتنقيب عن النفط والغاز في مناطق الصلاحية البحرية التابعة لها دون ترخيص منها، ولن تسمح بذلك مستقبلا. وشدد على أنها ستواصل الدفاع عن حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في شرق المتوسط.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.