تصعيد الحوثيين يرغم 16 ألف نازح على الفرار خلال شهر

TT

تصعيد الحوثيين يرغم 16 ألف نازح على الفرار خلال شهر

مع استمرار ميليشيات الحوثي تصعيد أعمالها العدائية باتجاه مدينة مأرب، واصل الوضع الإنساني تدهوره خلال الشهر الماضي في شكل كبير ما أجبر النازحين المستقرين بالفعل في مواقع النزوح على الفرار، حيث سجلت المنظمة الدولية للهجرة فرار أكثر من 16000 شخص من المناطق المتضررة من النزاع إلى أماكن أكثر أماناً في محافظة مأرب، كما تم إجبار الشركاء المحليين على إغلاق أحد عشر مخيماً، حيث فر النازحون بشكل رئيسي إلى منطقة شرق مأرب النائية، حيث الخدمات محدودة.
ووفق آلية تتبع النزوح الداخلي فإن النزوح الجديد يؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية الحالية، ويزيد بشكل كبير من الحاجة إلى المأوى والغذاء والمستلزمات المنزلية الأساسية والمياه والصرف الصحي والتعليم وخدمات الحماية - لا سيما للنساء والأطفال. حيث تعتبر الأمراض مثل الإسهال المائي الحاد والملاريا والتهابات الجهاز التنفسي العلوي شائعة بين النازحين حديثاً، ما يزيد من الحاجة الملحة لتوسيع خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في مواقع النزوح الجديدة.
ونبه تقرير المنظمة إلى أن تدهور حالة النزوح في محافظة مأرب يؤدي إلى خسائر فادحة في المجتمعات المضيفة، وإرهاق البنى التحتية والخدمات العامة الحالية. وبالإضافة إلى ذلك هناك من بين المتضررين نحو 3500 مهاجر معظمهم من القرن الأفريقي تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء المحافظة. إذ يواصل خط المواجهة المتغير إعاقة الرحلات التي يقوم بها المهاجرون للوصول إلى مأرب، وكان القريبون من مناطق القتال أكثر عرضة للاحتجاز، والعمل القسري والعنف الجنسي منذ التصعيد الأخير للنزاع.
وتؤكد البيانات الأممية أن الأعمال العدائية المتجددة منذ أوائل سبتمبر (أيلول) أثرت بشكل كبير على المدنيين في محافظة مأرب والمناطق المحيطة بها ما تسبب في نزوح جماعي، بالإضافة إلى تقييد حركة المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة نزح أكثر من 45450 شخصاً منذ سبتمبر؛ سعيا للحصول على الأمان في مدينة مأرب والمناطق المحيطة بها هم من بين الفئات الأكثر ضعفاً، بعد أن نزحوا بالفعل مرتين أو ثلاث مرات، مع وصول معظمهم إلى مواقع النزوح المكتظة بالفعل مع إمكانية وصول محدودة للغاية أو منعدمة إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك المياه والصرف الصحي والمرافق الصحية.
عاينت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن كاتارينا ريتز بنفسها آثار الدمار الكبير الذي خلفه النزاع على جانبي جبهات القتال. وقالت في أعقاب زيارتها فرق اللجنة الدولية العاملة على تقديم المساعدات إلى المجتمعات المحلية الواقعة على خطوط المواجهة في مأرب والحُديدة إن « أعمال العنف التي تستهدف مدنيين وأفراداً يخضعون لسيطرة أطراف النزاع لا تمثل فقط انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، وإنما تخالف أبسط مبادئ الإنسانية». وأكدت أن الكثيرين ممن نزحوا غادروا ديارهم بلا متاع، ويكافحون لتأمين مأوى لائق وفرصة للحصول على أبسط الخدمات لأنفسهم ولعائلاتهم، في ظل بنية تحتية منهكة أصلاً.
وقالت ريتز: «احتدام القتال واستمرار النزوح. وتضرر نظام الرعاية الصحية في عموم البلاد بشدة جراء النزاع الذي طال أمده، فإن اشتعال القتال في مأرب والحُديدة أضاف عبئا جديدا ينوء به النظام الصحي، فكثير من المستشفيات والمراكز الصحية تعاني نقصاً في الكادر البشري والأدوية وغيرها من المستلزمات، ما يجعل هذه المرافق عاجزة عن التعامل مع ضحايا النزاع والاحتياجات المتزايدة الأخرى». في حين ذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن الفرق الصحية، بما في ذلك العيادات الطبية المتنقلة، تقدم خدمات الرعاية الصحية الطارئة، وأعادت تزويد العيادات والمستشفيات المحلية بالإمدادات الضرورية في مواقع النزوح وفي المناطق التي يأوي الناس فيها المجتمعات المضيفة. كما يقدم شركاء الحماية الدعم النفسي والاجتماعي، وكذلك نشر المعلومات حول الخدمات المتاحة، وتحديد ذوي الاحتياجات الخاصة وإحالتهم للحصول على الدعم، بما في ذلك المساعدة القانونية بشأن الوثائق الشخصية.
وفي الوقت نفسه يعمل فريق التنسيق الإقليمي في مأرب مع الشركاء الإنسانيين والسلطات المحلية لتسريع الاستجابة للنازحين حديثاً، وتقييم المناطق المتضررة بالمحافظة، كما تقوم أيضاً بتعبئة مخزون الطعام والمأوى والمواد غير الغذائية والأدوية ليتم تخزينها مسبقاً في مدينة مأرب وفي منطقة سيئون في محافظة حضرموت المجاورة. لكنها أكدت الحاجة إلى تمويل إضافي لاستمرار وتوسيع نطاق عملية الإغاثة في مأرب للأشهر الثلاثة القادمة. لأن القطاعات الحيوية مثل الصحة والمياه والصرف الصحي والمأوى وإدارة المخيمات والحماية تكافح لتلبية الاحتياجات المتزايدة بسبب النزوح.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.