مشروع قانون للمساواة يهدد تماسك ائتلاف حكومة بنيت

لا يتضمن كلمة مساواة رغم مرور 74 عاماّ على قيام إسرائيل

TT

مشروع قانون للمساواة يهدد تماسك ائتلاف حكومة بنيت

ينوي حزب «كحول لفان»، الذي يترأسه وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، طرح مشروع قانون للمساواة بين الأفراد، تحول إلى لغم في طريق حكومة نفتالي بنيت، لأن عدداً من النواب والوزراء ينوون التصويت ضده، فيما ينوي عدد من نواب المعارضة التصويت لصالحه، وهو ما يجعل الائتلاف الحكومي مترهلاً.
وطرح المشروع النائب إيتان غينزبورغ، رئيس كتلة «كحول لفان» البرلمانية، وهو عبارة عن تعديل لقانون أساسي لاحترام الفرد وحريته، يضيف على القانون القائم بنداً ينص على المساواة، ويقول: «كل المواطنين متساوون أمام القانون، ولا يجوز المساس بحقوق الفرد بدافع الانتماء الديني أو الجنس أو الميول الجنسية أو المكانة الشخصية أو العرق أو الجيل أو أي قيود أخرى».
وحسب غيزنبورغ، جاء هذا المشروع بناء على تعهدات غانتس خلال المعركة الانتخابية أمام الناخبين العرب من أبناء الطائفة الدرزية وغيرها من الطوائف، وأمام الناخبين اليهود من أصول إثيوبية أو شرقية أخرى.
وقال: «نحن نزف بشرى للمواطنين الذين يعانون التمييز اليوم بسبب انتماءاتهم المختلفة. فلدينا إخوتنا الدروز الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وجاء قانون القومية ليميز ضدهم، والمواطنون من مختلف الشرائح الضعيفة، عرباً أو إثيوبيين أو متدينين أو نساء، والمواطنون المثليون ذوو الميول الجنسية المغايرة. كل هؤلاء يشعرون بالتمييز. لقد وعدناهم بتحقيق المساواة، والآن نريد تنفيذ الوعود».
وأضاف: «منذ قيام إسرائيل، اعتمدت وثيقة استقلال تنص على تطبيق المساواة في الحقوق الاجتماعية، وحتى السياسية، لجميع المواطنين، بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الديني أو الجنسي. فهذا حق أساس. ولا يعقل أن تبقى إسرائيل، بعد 74 عاماً، دولة من دون قانون يضمن المساواة. نحن اليوم نعتمد على بعض قرارات المحاكم التي رفضت التمييز، ولكن القانون ما زال خالياً من كلمة المساواة ومن قيم المساواة. ونحن قررنا تصحيح هذا الوضع».
يذكر أن غانتس كان قد وعد الناخبين العرب بتعديل قانون القومية، الذي يعطي أفضلية واضحة لليهود. ولكن حزبي اليمين، «يمينا» بقيادة رئيس الحكومة نفتالي بنيت و«أمل جديد» برئاسة وزير القضاء غدعون ساعر، عارضاً ذلك، فقرر الالتفاف على هذه المعارضة بطرح مشروع مساواة عام.
ولكيلا يظهر المشروع مخصصاً للعرب، تعمد غانتس طرح مشروع يتحدث عن مساواة الأفراد وليس مساواة المجموعات. وقد طرح لأول مرة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في الدورة السابقة، قبل حوالي تسعة شهور، لكن بحثه لم يكتمل بسبب حل الكنيست والتوجه لانتخابات جديدة. وفي حينه صوت حزب «الليكود» والأحزاب الدينية ضد المشروع. ولكن هناك من يميل إلى التصويت لصالح المشروع من المعارضة، خصوصاً «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية وبعض نواب «الليكود». إلا أن نواب حزبي بنيت وساعر في الائتلاف يترددون وينوون التصويت ضده. وفي حالة كهذه سيسقط القانون، أو يمر بأصوات المعارضة وبمعارضة وزيرة الداخلية أييلت شاكيد، وغيرها من نواب الائتلاف والوزراء، ما يهدد بظهور الوضع الحكومي هشاً.
وسيطرح المشروع على النقاش أمام اللجنة الوزارية لشؤون التشريع بعد غد الأحد، مسبباً حالة توتر في الائتلاف الحكومي. وينوي رئيس الوزراء دعوة رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي إلى بلورة صياغات ومواقف تمنع انفجار أزمة تهدد مكانة الحكومة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.