مستقبل مانشستر يونايتد يمكن أن يكون مشرقاً إذا بُني حول سانشو وليس رونالدو

بعد فترة وجيزة من نهاية الشوط الأول لمباراة مانشستر يونايتد أمام فياريال في دوري أبطال أوروبا، بدأ مشجعو النادي الإسباني وكالمعتاد يرددون كلمات أغنية «الغواصات الصفراء»، التي يستمد منها النادي لقبه المميز. ورداً على ذلك، بدأ جمهور مانشستر يونايتد في الطرف الشمالي من الملعب يغني قائلاً: «رقم واحد هو جورج بيست، رقم اثنين هو جورج بيست».
ويدفعنا هذا إلى طرح السؤال التالي: كم عدد القواعد الجماهيرية الأخرى التي ما زالت تتغنى باسم لاعب سابق لم يلعب للفريق منذ 50 عاماً تقريباً؟ قد يكون من السهل السخرية من تمجيد وتبجيل مانشستر يونايتد لماضيه، والنداءات اللامتناهية للحنين إلى الماضي، وقرار تعيين أولي غونار سولسكاير مديراً فنياً للفريق بشكل دائم على الرغم من عدم امتلاكه خبرات تذكر في مجال التدريب ولمجرد أنه كان أحد أساطير النادي السابقين. لكن كل هذا يعكس شيئاً مهماً حقاً، وهو الإحساس بالعراقة وبوجود خيط غير منقطع يربط الحاضر بالماضي والجذور والأصول.
وتقول كلمات الأغنية التي رددها جمهور مانشستر يونايتد عن جورج بيست في عام 2021: «نحن لا نعرف حقاً إلى أين نحن ذاهبون. نحن لا نعرف حقاً من نحن الآن، لكننا نعرف حقاً من كنا في السابق». فهل لا يزال الماضي مهماً؟ في الواقع، إنه سؤال أكثر تعقيداً مما يبدو للوهلة الأولى. لقد أثبتت إقالة سولسكاير أنه لا يمكن قيادة نادٍ عملاق من قبل مدير فني لمجرد أنه كان لاعباً بارعاً. يمكن للماضي أن يلهمك، لكنه لا يستطيع تشكيل ما ستصبح عليه. لكن من ناحية أخرى، لديك كريستيانو رونالدو؛ ذلك اللاعب الذي يخلق ماضيه هذه الهالة المذهلة من حوله، ويجعل المدافعين يصابون بالذعر عندما يقترب منهم ويكسبه بعض المميزات الإضافية. ومن دون تلك الهالة، يمكن النظر إلى رونالدو على أنه مجرد لاعب مخضرم في السادسة والثلاثين من العمر. لكن بالنسبة لرونالدو، فإن الماضي مهم للغاية.
لكن، وعلى الرغم من حقيقة أن رونالدو شخص رائع وبغض النظر عن عدد الأهداف القاتلة التي يحرزها في اللحظات الأخيرة من المباريات، فإن رونالدو لن يُظهر لك إلى أين ستذهب في المستقبل. وإذا كان فريق مانشستر يونايتد لعام 2024 لا يزال يبنى حول رونالدو، فهذا يعني أن خطأ ما قد حدث وبشكل خطير. فلكي تكون هناك لمحة حقيقية عما يمكنك تحقيقه في المستقبل، فأنت بحاجة إلى لاعبين شباب أمامهم مستقبل مشرق ويمكنهم تقديم الكثير خلال السنوات المقبلة، أو بمعنى آخر لاعبين يمكنك أن تبني الفريق حولهم لسنوات مقبلة، مثل النجم الصاعد جادون سانشو.
وفي ليلة باردة على ساحل فالنسيا، سجل سانشو أخيراً هدفه الأول بقميص مانشستر يونايتد، قبل أن يستغل هفوة من الإيطالي جورجينيو بعدها بأيام لينفرد بالمرمى ويسجل بسهولة في مرمى حارس تشيلسي. الهدف في شباك فياريال جاء في الدقيقة 90 ضد منافس شرس، لكن هذا الهدف لم يحدث تغييراً في النتيجة، حيث كان الفريق الإنجليزي فائزاً بالفعل، وكان هذا هو الهدف الثاني.
لكن على الرغم من ذلك، كان هناك شعور بأن هذه لحظة استثنائية وتعكس القدرات والفنيات الهائلة لسانشو، الذي حرك قدميه من فوق الكرة ثم سددها بقوة هائلة من زاوية صعبة للغاية في المرمى، لكي يثبت اللاعب الإنجليزي الشاب أنه ما زال جيداً في مثل هذه المواقف. ربما كان أداء سانشو أمام فياريال أفضل أداء له بقميص مانشستر يونايتد، وإن كان الأمر قد استغرق وقتاً طويلاً من أجل التكيف والانطلاق.
وعلى مدار فترات طويلة من الدقائق السبعين الأولى، بدا مانشستر يونايتد تماماً كأنه فريق يتولى تدريبه مدير فني مؤقت، حيث ظهر الفريق بشكل غير جيد، وكان فياريال يتحكم تماماً في إيقاع المباراة، على الرغم من الفشل في تحويل تلك السيطرة إلى أهداف في نهاية المطاف. ولو لم يقدم جيرونيمو رولي هدية ثمينة لفريد ويفقد الكرة أمامه بشكل غريب ليحرز منها مانشستر يونايتد الهدف الأول قبل 12 دقيقة من نهاية المباراة، لكان من الممكن أن تكون هذه الأمسية قاتمة وصعبة للغاية بالنسبة للمدير الفني المؤقت لمانشستر يونايتد، مايكل كاريك.
لكن حتى وسط هذه الفترات الطويلة من الجمود والأداء السيئ، كان سانشو لا يزال أفضل لاعب في مانشستر يونايتد، وشكل خطورة هائلة على مرمى فياريال من خلال أفضل فرصة في المباراة، عندما تبادل التمريرات الرائعة مع برونو فرنانديش قبل أن يسدد الكرة لينقذها رولي قبل دخولها المرمى.
وعلاوة على ذلك، كان سانشو يقوم بواجباته الدفاعية على النحو الأمثل ويغطي خلف الظهير الأيمن آرون وان بيساكا.
صحيح أن سانشو لم يظهر كثيراً خلال اللقاء، لكنه في كل مرة يتسلم فيها الكرة كان يشكل خطورة كبيرة على مرمى المنافس.
مايكل كاريك المدرب المؤقت ليونايتد لم يعطِ الفرصة كاملة لسانشو في مباراة تشيلسي وبدله في الشوط الثاني بكريستيانو رونالدو الذي كان قد بدأ المباراة على مقعد البدلاء.
من المؤكد أن الكثيرين سيشيرون إلى أن سانشو قدم هذه المستويات الجيدة بعد رحيل سولسكاير، لكن في واقع الأمر كان اللاعب الشاب سيقدم هذا الأداء الجيد على أي حال، لأنه وقبل أي شيء لاعب مبدع كان بحاجة فقط لبعض الوقت من أجل التكيف والتأقلم.
ومع ذلك، يمكننا بالطبع أن نتخيل مدى الإحباط الذي يصيب لاعباً من الطراز العالمي عندما يعلم أنه يلعب تحت قيادة مدير فني لا يعرف كيف يستغل موهبته ويساعده في تقديم أفضل ما لديه داخل الملعب وغير قادر على تطويره وتحسينه ومساعدته في الفوز بالبطولات والألقاب.
ومع ذلك، فإن المفارقة تكمن في أنه على الرغم من كل تعثرات مانشستر يونايتد في السنوات القليلة الماضية، والأموال التي أهدرها والأوقات التي أضاعها والأزمات التي واجهها في الأيام الكارثية الأخيرة لسولسكاير، فإن مستقبل مانشستر يونايتد يبدو مشرقاً جداً في واقع الأمر، لأن الفريق يضم عدداً من اللاعبين الموهوبين الشباب، مثل دوني فان دي بيك الذي يبلغ من العمر 24 عاماً، وماسون غرينوود البالغ من العمر 20 عاماً.
يبلغ سانشو من العمر 21 عاماً فقط، وفي حال وجود مدير فني جيد وخط وسط قادر على التحكم في زمام الأمور وظهير أيمن لا يصاب بالذعر في كل مرة يعبر فيها خط المنتصف، فيمكن لمانشستر يونايتد أن يبني الفريق بالكامل حول سانشو خلال السنوات العشر المقبلة، لأنه لاعب جيد للغاية ويمتلك إمكانات وقدرات هائلة.