أزمة أدوية في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا

أسعارها تزيد على الأسعار في دمشق بـ30 %... وأصناف كثيرة «محرّرة»

أكراد يعرضون دمية «عروس المطر» في شمال شرقي سوريا في 19 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أكراد يعرضون دمية «عروس المطر» في شمال شرقي سوريا في 19 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

أزمة أدوية في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا

أكراد يعرضون دمية «عروس المطر» في شمال شرقي سوريا في 19 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أكراد يعرضون دمية «عروس المطر» في شمال شرقي سوريا في 19 الشهر الماضي (أ.ف.ب)

تتدهور الحالة الصحية لوالدة عفاف المريضة بجلطة في المخ نتيجة لعدم وجود الدواء الذي تتناوله لتنشيط الدماغ، ولا يتوفر حتى بدائله، وأصبحت أمها لا تتذكر الأشياء أو التعرف على من يتحدثون حولها.
وتنشغل عفاف بمهمة البحث عن الدواء في كل مكان دون جدوى، وأثناء دخولها صيدلية في قطاع الإدارة بمركز مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، تحدثت إلى الصيدلي بصوت عالٍ تشكو حالتها لتقول «حالة والدتي تسوء يوماً بعد يوم! قولوا لي ماذا أفعل، حتى أنني سافرت للقامشلي وطلبت قريباً جاء من الرقة للبحث عنه فلم أجده أيضاً».
وتصاعدت حدة نقص الأدوية في مناطق الإدارة الذاتية شرقي الفرات، وبدأت المشكلة تظهر بشكل كبير بعد إغلاق القوات الحكومية جميع المعابر البرية مع مناطق الإدارة منذ مارس (آذار) الماضي؛ ما أدى إلى توقف دخول الأدوية إلى مناطق سيطرة الإدارة الأمر الذي دفع عناصر الفرقة الرابعة الموالية للرئيس السوري بشار الأسد لفرض رسوم وإتاوات باهظة وصلت إلى 40 ألف دولار أميركي.
وتقول نافية وتبلغ من العمر ثلاثين سنة وكانت تحتضن طفلها المريض أثناء بحثها عن الدواء، كيف فشلت في الحصول على خافض للحرارة في جميع الصيدليات، ولم تجد هذه السيدة دواء «تيمبرا» الخاص بخفض الحرارة في معظم الصيدليات التي بحثت فيها فاضطرت إلى شراء البديل، لكن بسعر مرتفع، وذكرت أن «طفلي أصيب بإسهال وارتفعت حرارته بسبب برودة الطقس وتقلب الأجواء في ظل انقطاع التيار الكهربائي، بحثت عن الدواء فلم أجده وقمت بشراء شبيه له، لكن بسعر غالٍ».
ومن أهم الأصناف المفقودة في مناطق الإدارة الذاتية شرقي الفرات أدوية الأمراض القلبية والصرع إلى جانب أدوية قطرات الأذن والأمراض الموسمية المعدية، وأحياناً يظهر المستحضر الدوائي ثم يعود ينقص فترات طويلة ليتم طرح مستحضر شبيه، لكن بأسعار مرتفعة ومتذبذبة. ويقول الصيدلاني عبد الحكيم رمضان ويمتلك صيدلته في شارع فلسطين التجاري وسط مدينة الحسكة ضمن قطاع الإدارة الذاتية، إن المشكلة ليست بفقدان أدوية أمراض الجلطات والأمراض المزمنة «بقدر ما نعاني صعوبة في تأمين الدواء بسبب حصار معابر الفرقة الرابعة مع مناطق سيطرة الحكومة، وربط شراء المواد الأولية بالدولار ووجود المعامل والشركات في دمشق وحلب والتي تتحكم بالأسعار»، منوهاً بأن أغلب أدوية أمراض السكري والضغط وحبوب الغدة وقطرات الأذن والعين تتحكم بأسعارها الشركات والمعامل «نضطر إلى شرائها محرراً، أي بسعر العموم، مثلاً هناك قطرات لمرض العيون سعرها في المنشأ 3500، لكن نشتريها بسعر مرتفع يصل إلى 5 وأحياناً 6 آلاف، وهذا يضاعف أسعار الأدوية هنا».
وأعرب حسين الذي بحث عن دواء في شارع الأطباء لمرض ابنه المصاب في أذنه الوسطى، عن أن غلاء أسعار الأدوية في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وانخفاض قيمة الليرة السورية، يزيد من مشقات حياته، وقال «حقيقة أسعار الأدوية عالية جداً، وأنا موظف وضعي لا يسمح، فمعاينة الطبيب ولائحة أدوية لشراء قطرة أذنيه ومخفض آلام وأدوي ثانية تطلبت مبلغاً كبيراً من المال ولا أملكه كله».
وبحسب تسعيرة البنك المركزي السوري يبلغ سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية للمعامل وشركات الأدوية لشراء المواد الأولية لصناعة الأدوية نحو 1256 ليرة، أما التسعيرة الرسمية لبيع الأدوية تبلغ 2512، في حين يبلغ سعر الصرف الدولار اليوم في الأسواق 3515 ليرة، ويقول مندوب مبيعات أدوية وصاحب مستودع، إن هذا الفرق ويبلغ قيمته ألف ليرة تذهب لخزينة البنك المركزي الذي يتحكم بالأسعار.
وأوضح نيجرفان الذي يمتلك مستودعاً للأدوية يقع في المنطقة الفاصلة بين مناطق النظام والإدارة بالقرب من ساحة النجمة، أن زيادة ارتفاع أسعار الأدوية بشكل كبير وفقدان الكثير من الأصناف، مردها الشركات والمعامل التي رفعت الأسعار، وأكد أن أدوية الأمراض المزمنة شبه مفقودة «مثل (كارباتيك 400) وهو مفقود ويستخدم لمرضى الصرع، أما مسكنات الألم (دراما دول) و(ديازيبام) و(دورميتا)، هذه الأصناف مقطوعة وإن توفرت تكون أسعارها مرتفعة جداً»، لافتاً إلى أن السيرومات مصدرها تركيا، وهناك أصناف من حليب الأطفال إيرانية الصنع، وبعض أدوية مسكنات الألم والمخفضات يكون مصدرها أجنبياً»، وشدد قائلاً «لكن الطلب يكون على الدواء السوري لكنها غالية فعلبة الديالين والتي كان سعرها بالجملة سابقا 1535 ليرة تباع اليوم 10500 ليرة وكل أنبولة منها سعرها 2700 ليرة».
ويشكو كثيرون من المرضى فقدان أدوية أمراض مزمنة مثل أدوية القلب والضغط وأدوية الكوليسترول، فضلاً عن القطرات والصرع، إضافة إلى أن بدائل هذه الأدوية غالية الثمن والمريض لا يأخذها إلا بعدما يرجع للطبيب، وتعاني مناطق الإدارة الذاتية من هشاشة في نظام الرعاية الصحية لنقص الدواء وأعداد العاملين القائمين على الرعاية الطبية، وخروج العشرات من المشافي العامة والمئات من النقاط الطبية عن الخدمة جراء الحرب المستمرة.، وما يزيد من تعقيد المشهد الحصار المفروض من قبل القوات الحكومية وإغلاق معبر اليعربية - تل كوجر مع دولة العراق المجاور الذي يعد رئة المنطقة الإنسانية.
ونقل صاحب مستودع ثاني بالحسكة، أنه اتفق مع تاجر وصاحب شركة شحن على نقل دفعة من السيرومات من دمشق إلى مناطق الإدارة، وبعد حصوله على جميع الموافقات الأمنية واصطحابها معه وأثناء وصوله إلى حاجز الفرقة الرابعة عند مدخل بلدة الطبقة التابعة لمدينة الرقة شمالاً، أوقفه عناصر الحاجز وطلبوا منه دفع رشوة ومبلغ 10 آلاف دولار أميركي، ليحتج سائق السيارة ورفض دفع المبلغ المطلوب ليأمره عناصر الحاجز بالعودة إدراجه، ونقل هذا التاجر أن كل شحنة أدوية تصل مناطق الإدارة تصل قيمة رشوتها بين 30 و40 ألف دولار أميركي.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».