الحكومة الليبية تُلوّح بتأجيل الانتخابات لـ«دواع أمنية»

تزامناً مع صدور حكم قضائي يقضي بإعادة الدبيبة إلى قائمة المرشحين

عودة الدبيبة لسباق الانتخابات بعد رفض الطعون المقدمة ضده (أ.ف.ب)
عودة الدبيبة لسباق الانتخابات بعد رفض الطعون المقدمة ضده (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الليبية تُلوّح بتأجيل الانتخابات لـ«دواع أمنية»

عودة الدبيبة لسباق الانتخابات بعد رفض الطعون المقدمة ضده (أ.ف.ب)
عودة الدبيبة لسباق الانتخابات بعد رفض الطعون المقدمة ضده (أ.ف.ب)

مهدت حكومة الوحدة الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الطريق أمام احتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية، المقررة نهاية الشهر الجاري، رغم تعهد الأمم المتحدة بتقديم المساعدات اللازمة لإنجازها في موعدها. وفي غضون ذلك قضت محكمة استئناف طرابلس برفض الطعون المقدمة لمنع الدبيبة من الترشح للرئاسة.
وحذر خالد مازن، وزير الداخلية، من أن الاستمرار في عرقلة الخطة الأمنية الموضوعة لحماية العملية الانتخابية، واتساع رقعة الانتهاكات والاعتداءات، سيؤدي إلى الإضرار بسير العملية برمتها، وعدم الالتزام بإنجازها في موعدها.
واعتبر مازن في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع حليمة إبراهيم، وزيرة العدل مساء أول من أمس في العاصمة طرابلس، أن الاستمرار في هذه الانتهاكات والاعتداءات «سيؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية وخروجها عن السيطرة، ما يهدد الأمن القومي وسلامة البلاد والعباد». مشيرا إلى أن وزارتي الداخلية والعدل «تابعتا ببالغ القلق اتساع الخروقات الأمنية بعد انطلاق العملية الانتخابية في البلاد، وهو ما يهدد سلامتها، والاستمرار فيها على النحو الآمن المشروط». كما تحدث عن تلقي الوزارتين عددا من الشكاوى من الأطراف المختلفة «ما يمس نزاهة العملية الانتخابية وسلامة إجراءاتها، ويعرقل عملية تأمينها».
وأضاف مازن أنه «لم يعد مقبولا السير في العملية الانتخابية بشكل طبيعي، بعد أن اعتذرت مجددا اليوم اللجنة المشكلة بمحكمة سبها على النظر في الطعون، في ظل الانفلات الأمني، الناجم عن عوامل طارئة هددت الخطة الأمنية الموضوعة».
وتابع مازن موضحا أن الاعتداءات الحاصلة في العمليات الانتخابية «لم تكن وليدة اليوم، فقد مورست في السابق عدة ضغوطات على أطر وزارة الداخلية والمؤسسات التابعة لها. إلا أنها آثرت ضبط النفس، وعدم التصعيد الإعلامي، التزاما بخطاب حكومة الوحدة الوطنية الذي يحاول قدر الإمكان والتهدئة، والدفع نحو نجاح العملية الانتخابية». مشيرا في هذا السياق إلى الاستيلاء على معدات وتقنيات خاصة بتأمين الانتخابات في مدينة أجدابيا، إضافة إلى ما وقع من تهديدات مباشرة لعدد من المسؤولين الأمنيين كانوا قد حضروا دورة تدريبية للانتخابات بمدينة طرابلس.
في المقابل، تعهد رئيس بعثة الأمم المتحدة، يان كوبيش، خلال اجتماعه مساء أول من أمس مع مازن، بتقديم المساعدة للوزارة لأداء مهامها الكاملة، وضمان حماية هذا الاستحقاق بهدف الوصول إلى انتخابات نزيهة.
وقال بيان لمازن إنه استعرض خلال الاجتماع جملة من التحديات الأمنية التي قد تعترض سير العملية الانتخابية، والإجراءات المتبعة بالخصوص، موضحاً أن المسؤولية تقع على الشعب الليبي في إنجاح الانتخابات.
كما أبلغ المبعوث الأممي رئيس مفوضية الانتخابات، عماد السائح، خلال اجتماعهما بطرابلس التزام منظمة الأمم المتحدة بالوقوف إلى جانب الليبيين لتحقيق تطلعاتهم نحو دولة الديمقراطية المنشودة.
من جهة ثانية، أكد كوبيش على ضرورة تجنب «تسييس» المؤسسة الوطنية للنفط في البلاد، والمحافظة على نزاهتها ووحدتها بعيدا عن أي تجاذبات سياسية، وذلك خلال لقائه رئيس إدارة المؤسسة مصطفى صنع الله، في طرابلس، حيث تم خلال اللقاء بحث سبل دعم المؤسسة وشركاتها على جميع الصعد، كي تتمكن من تسيير أعمال النفط والحفاظ على معدلات الإنتاج الحالية واستدامته.
من جانبه، أكد سفير الاتحاد الأوروبي، خوسيه ساباديل، الذي التقى السائح أيضا، استمرار الدعم الدولي «لتحقيق تطلعات الليبيين والليبيات للاحتكام إلى صناديق الاقتراع».
بدوره، قال السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إن «الولايات المتحدة تشارك الليبيين والمجتمع الدولي مخاوفهم بشأن خطر العنف الذي يهديد الانتخابات». ودعا في بيان له أمس «جميع الأطراف إلى تهدئة التوترات، واحترام العمليات الانتخابية القانونية والإدارية الجارية، التي يقودها الليبيون».
وكان مصدر بمفوضية الانتخابات قد أعلن أن تأجيل الانتخابات وارد إذا تأخرت مرحلة الطعون، وأوضح أن المفوضية قد تلجأ إلى تقديم مقترح لمجلس النواب بتحديد موعد جديد للاقتراع.
في سياق ذلك، رحب الدبيبة ضمنيا بقرار محكمة استئناف طرابلس رفض الطعون، المقدمة لمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وكتب عبر موقع تويتر «موعدنا 24 ديسمبر (كانون الأول)... بدأنا ومكملين».
وقال عبد الرؤوف قنبيج، محامي الدبيبة، إنه كسب الاستئنافين المرفوعين ضده. بينما نقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن مصادر مطلعة أن الدبيبة عاد مجددا لسباق التنافس في الانتخابات، بعد رفض المحكمة الطعون المقدمة ضده.
في المقابل، التزم المشير خليفة حفتر، القائد العام السابق للجيش الوطني، الصمت حيال قبول لجنة الطعون بمحكمة الزاوية الابتدائية، مساء أول من أمس، طعنا ضده، وإصدارها حكما باستبعاده من الترشح. لكن مقربين من حفتر قالوا إن الحكم «غير قانوني وغير ملزم». مشيرين إلى أن المحكمة ليست مخولة بالنظر في الطعون ضد مرشحي الانتخابات الرئاسية، التي قصرتها مفوضية الانتخابات على ثلاث مدن فقط ليس من بينها الزاوية.
وتوقعت مصادر قضائية وإعلامية نقـل تقديم طعن سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، إلى محكمة بمدينة أخرى لتعذر النظر فيه بمحكمة سبها (جنوب).
من جهة أخرى، قالت مصادر ليبية، طلبت عدم تعريفها، مطلعة على أعمال المراقبين الدوليين المكلفين مراقبة وقف إطلاق النار، إنه سيتم عقد اجتماع لاحق مع بقية المراقبين، عقب جولة المفاوضات التي ستعقدها اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في تركيا وروسيا، بشأن المرتزقة الأجانب والقوات الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية. مشيرة إلى أن محادثات اللجنة مع المسؤولين الأتراك في أنقرة ستسعى لإقناعهم بتسريع وتيرة سحب العناصر الأجنبية من ليبيا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.