البرلمان اليمني: دعوة جباري وبن دغر لا تمثّل مصالح الشعب

غلاب قال لـ«الشرق الأوسط» إنها تهدف لتدمير الشرعية من الداخل

TT

البرلمان اليمني: دعوة جباري وبن دغر لا تمثّل مصالح الشعب

شن مسؤولون يمنيون هجوماً حاداً على الدعوة التي أطلقها أحمد بن دغر رئيس مجلس الشورى، وعبد العزيز جباري نائب رئيس مجلس النواب اليمني، لتشكيل تحالف إنقاذ وطني، لافتين إلى أن هذه الدعوة تستهدف بشكل مباشر مؤسسة الرئاسة، وتدمير الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً.
وفي حين قالت رئاسة مجلس النواب اليمني إن البيان الثنائي كان صادماً مفاجئاً، ويعبر عن رأي فردي لا يمثلها من قريب أو بعيد، أكدت أن مضمون البيان لا يعبر عن مصالح الشعب اليمني، ولا يحقن دماء أبنائه.
ومن جانبه، أوضح الدكتور نجيب غلاب وكيل وزارة الإعلام اليمنية أن البيان يعكس مخططات استهداف الشرعية من داخلها، ويستهدف مؤسسة الرئاسة، ويحاول خلق الفوضى، بما يخدم مصالح الجماعة الحوثية.
وكان كل من جباري وبن دغر قد دعوا، في بيان لهما أول من أمس، إلى تشكيل ما سمياه «تحالفاً منقذاً» يرفض الإمامة ويصون الجمهورية، متهمين الشرعية بالتنازل كثيراً عن دورها القيادي للمعركة. إلا أن ما أثار استغراب كثير من اليمنيين توقيع أحمد بن دغر اسمه بصفته رئيساً سابقاً للوزراء، وتجاهل كونه رئيساً حالياً لمجلس الشورى اليمني.
وتعليقاً على البيان، وصفت هيئة رئاسة مجلس النواب البيان الصادر عن جباري وبن دغر بأنه كان «مفاجئاً صادماً، لا يعبر إلا عن رأي فردي، ولا يمثل مجلس النواب ولا هيئة رئاسته من قريب أو بعيد».
وأضاف البيان الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» صحته رئيس المجلس سلطان البركاني، مشيراً إلى أن النائب عبد العزيز جباري عضو هيئة رئاسة المجلس «لم يضعها في صورة البيان، ولم يناقشه معها، ولا ترى في ذلك البيان، لا في مكنونه ولا في مضمونه، ما يعبر عن مصالح الشعب اليمني، ويحقن دماء أبنائه».
وبحسب رئاسة مجلس النواب، فإن «السلام قضية وهدف الشرعية، والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، بالدرجة الأولى، وتحقيقه يتطلب معادلة ميدانية أخلاقية، بعيداً عن القفزات الفردية والمصالح الشخصية التي تضر بالقضية اليمنية».
ومن جهته، أكد الدكتور نجيب غلاب وكيل وزارة الإعلام اليمنية أن هذا البيان يعكس مخططات استهداف الشرعية من داخلها، ولا يحمل أي مشروع وطني، وإنما مشروع قد يتلبس باسم الشرعية.
وأضاف في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: «من ناحية عملية، مآلاته نشر الفوضى والتخريب، وتدمير الشرعية من داخلها، ومحاولة إنهاء الشرعية الحالية المعترف بها دولياً، وخلق شرعية موازية تنهي عملياً فكرة الدولة اليمنية».
وعد غلاب مضمون البيان «استهدافاً مباشراً للمؤسسة الرئاسية، ومحاولة لخلق بديل، من خلال الدعوة للتوافق الوطني. كما يمثل البيان مغازلة واضحة للحوثية تسير باتجاه واحد هو إعادة خلق مسار لإدانة الشرعية والتحالف في الوقت نفسه، وهذا الأمر يخدم مصالح الحوثيين».
وتساءل وكيل وزارة الإعلام: «هل طموحات بن دغر وجباري أن يكونا بديلاً للشرعية، وشرعنة الحوثي». واستطرد قائلاً: «هما لا يشكلان أي قوة حقيقية، لا على المستوى الميداني ولا السياسي، وبالتالي هما عبارة عن ظاهرة صوتية فوضوية كانت صادمة لكافة اليمنيين المناهضين للحركة الحوثية، وحتى الحوثية نفسها تعاملت معهما كمراهقين سياسيين لا يفهمون ما يجري».
واختتم الدكتور نجيب حديثه بتحذير القوى الوطنية كافة من أن «ممارسة الشغب الذي تديره مؤامرات بعض القوى الدولية غير قابل للتطبيق في اليمن، وهناك مسار وطني واضح لا لبس فيه، ومشروع عربي يعمل على قدم وساق لإنقاذ اليمن من هذه الورطة التي تريد تحويل اليمن إلى جغرافيا فوضوية لابتزاز الخليج».
وفي سياق متصل، أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن عن اعترض وتدمير طائرة مسيرة بعد إقلاعها من مطار صنعاء الدولي، مشدداً على أن محاولة استهداف المدنيين ستقابلها استجابة فورية للتهديد. وأشار التحالف إلى أن الطائرة المسيرة أقلعت من مطار صنعاء، واعترضت في أجواء محافظة عمران.
ونجحت قوات التحالف كذلك في تدمير زورق مفخخ للميليشيا الحوثية، قبل تنفيذ هجوم وشيك جنوب البحر الأحمر، لافتاً إلى أن انطلاق الزورق المفخخ كان من محافظة الحديدة، محذراً في الوقت نفسه من أن التهديد الحوثي لحرية الملاحة يهدد الأمن الإقليمي والدولي.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».