بعثة الاتحاد الأوروبي تنتقد الانتخابات الفنزويلية وتثير حفيظة مادورو

TT

بعثة الاتحاد الأوروبي تنتقد الانتخابات الفنزويلية وتثير حفيظة مادورو

أرسل الاتحاد الأوروبي، لأول مرة، منذ 15 عاماً، بعثة لمراقبة الانتخابات المحلية والإقليمية التي جرت في مطلع الأسبوع الماضي في فنزويلا. وضم الفريق ألف مراقب، وسيقدم تقريره الكامل خلال شهرين. إلا أن البعثة قالت في تقريرها الأولي إنها جرت في ظروف أفضل من الانتخابات السابقة، رغم إبدائها مخاوف بشأن الحظر التعسفي على المرشحين لأسباب إدارية، والتأخير في فتح مراكز الاقتراع و«الاستخدام الموسع لموارد الدولة في الحملة». هذا الانتقاد أثار حفيظة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي ندد يوم الأحد بأعضاء البعثة، ووصفهم بأنهم «جواسيس»، واتهمهم بالتطلع إلى «تشويه» الانتخابات.
وصف مادورو المراقبين الأوروبيين، بأنهم «أعداء» و«جواسيس»، نافياً المخالفات التي أشاروا إليها في تقرير مهمتهم. وقال مادورو «أولئك الذين أتوا كأعداء، وفد جواسيس الاتحاد الأوروبي، لم يجدوا أي عنصر لينتقدوا النظام الانتخابي»، منتقداً التقرير «المليء بالارتجال والمكتوب بشكل سيئ».
وأضاف: «هؤلاء لم يكونوا مراقبين دوليين» بل «جواسيس الاتحاد الأوروبي». وتابع في كلمة ألقاها على التلفزيون العام إنهم «سعوا (...) إلى تشويه العملية الانتخابية الديمقراطية، التي لا تشوبها شائبة في فنزويلا، لكنهم لم ينجحوا». وأردف مادورو: «لقد حصلت انتخابات شفافة وموثوقة ونزيهة وآمنة وحرة. وقد حققت التشافية نصراً ساحقاً».
وتنافس في هذه الانتخابات سياسيون معارضون للمرة الأولى منذ عام 2017، ولكنهم تعرضوا لهزيمة نكراء. وحقق معسكر مادورو الذي لم يعترف جزء من المجتمع الدولي بإعادة انتخابه رئيساً لفنزويلا عام 2018، نصراً ساحقاً، إذ فاز بـ20 من مناصب الحكام وبرئاسة بلدية كراكاس. ولم يحصل المعارضون إلا على ثلاثة مناصب فقط من بين 23 منصباً لحكام الأقاليم و117 منصباً لرؤساء البلديات. ورحب مادورو على الفور بالفوز، قائلاً: «نصر جميل جاء نتيجة العمل الدؤوب».
وشاركت المعارضة المنقسمة، للمرة الأولى في اقتراع منذ 2017، بعدما كانت قاطعت في السابق الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ورغم خطبها المتمحورة حول الوحدة والحوار، لم تنجح في توحيد لوائحها الانتخابية. وقالت البعثة إنه على الرغم مما وصفتها بأنها «ظروف أفضل» مما كانت عليه في الانتخابات السابقة، إلا أنها لاحظت «عدم التزام بسيادة القانون».
واعتبرت رئيسة البعثة إيزابيل سانتوس، أن «بعض القوانين أثر في تكافؤ الظروف والتوازن وشفافية الانتخابات».



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.