تونس: جدل حول مشاركة {نواب} في مؤتمر دولي

TT

تونس: جدل حول مشاركة {نواب} في مؤتمر دولي

خلفت مشاركة نواب البرلمان التونسي المنتمين إلى الائتلاف الحاكم السابق بزعامة حركة النهضة في أشغال الدورة 143 للاتحاد الدولي للبرلمانيين المنعقدة في مدريد، جدلا سياسيا واسعا حول شرعية تلك المشاركة ومحاولة أحزاب سياسية الضغط على الداخل التونسي من خلال عرض الأزمة السياسية في المحافل الدولية.
وكان نواب برلمانيون ينتمون إلى كل من حركة النهضة وحزب قلب تونس و«ائتلاف الكرامة» ومن النواب غير المنتمين إلى كتل برلمانية أكدوا مشاركتهم في أشغال الدورة الحالية للاتحاد الدولي للبرلمانيين وقد تناولت موضوع «كيفية حماية الديمقراطية البرلمانية من تعسف السلط التنفيذية وتحصينها» وهو ما يصب في نفس المطالب التي بلورتها تلك الأحزاب وقوبلت بدعم من قبل عدة أطراف خارجية على غرار البرلمان الأوروبي والخارجية الأميركية التي طالبت بعودة الديمقراطية البرلمانية في تونس لتجاوز الأزمة السياسية التي ظهرت إثر قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 25 يوليو (تموز) الماضي بتجميد البرلمان ورفع الحصانة عنهم وإقالة حكومة هشام المشيشي، والسيطرة على القرار السياسي.
وتزامنت هذه المشاركة مع تصريحات رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي في اجتماع مع القيادات الجهوية لحركة النهضة بولاية - محافظة – بنزرت (60 كلم شمال العاصمة التونسية) قال فيها إن «البرلمان المجمدة أعماله عائد أحب من أحب وكره من كره» وهو ما أثار الكثير من ردود فعل خاصةً أن الرئيس التونسي قيس سعيد قد اعتبر في كثير من تصريحاته أن البرلمان التونسي «يمثل خطرا داهما وجاثما» على حد تعبيره.
وأضاف الغنوشي أنه تلقى دعوة للمشاركة في أشغال الدورة الـ143 للاتحاد البرلماني الدولي بإسبانيا، لكنه فضل عدم تقديم طلب للسفر لرئيس الجمهورية كما جرت العادة حتى لا يتحول الصراع السياسي في تونس إلى «صراع بين قيس والغنوشي» إذا ما رفض الرئيس التونسي الموافقة على تلك المشاركة على حد تعبيره.
وأشار الغنوشي إلى أن البرلمان التونسي المعلقة أعماله حقق إنجازات وصفها بـ«الكبيرة» غير أن أعداء الثورة في تقديره عملوا جاهدين من أجل تشويهه والتحريض ضد نواب البرلمان والتشهير بهم.
وفي السياق ذاته، أكدت سميرة الشواشي نائبة رئيس البرلمان المعلقة أشغاله إن البرلمان التونسي كان تلقى دعوة رسمية من قبل الاتحاد الدولي للبرلمانيين معتبرة أن في ذلك «اعترافا بشرعية المؤسسة التشريعية في تونس والتأكيد على أن تعليق أعمال البرلمان كان خارج الأطر الدولية وخارج الدستور التونسي»، على حد تعبيرها، ووصفت الشواشي ما حدث بالخطوة المهمة جدا.
وأضافت الشواشي أن رئاسة البرلمان تلقت دعوة فعلية للمشاركة في أشغال هذه الدورة المنعقدة في مدريد لكن رئيس البرلمان فضل عدم المشاركة والاكتفاء بتمثيل تونس بنواب موجودين حاليا في الخارج.
من جهته، قال أسامة الخليفي القيادي في حزب «قلب تونس» إنه شارك في نقاش بشأن سبل تعزيز حماية النواب في العالم ضد الانتهاكات وتطوير الآليات للدفاع عن نواب البرلمان والتصدي لكل أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خلال أدائهم لمهامهم النيابية. واعتبر أن «العالم لا يعترف بالتجميد والانقلاب على الديمقراطية» على حد تعبيره.
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن توجيه مثل هذه الدعوات إلى نواب البرلمان التونسي بما في ذلك الرئيس ونائبته تخفي وراءها مواقف عدة دول أوروبية وغربية مما حدث في تونس قبل نحو أربعة أشهر، وهذه المواقف تصب في نفس المطالب التي بلورتها الزيارات التي أداها ممثل البرلمان الأوروبي إلى تونس وكذلك ممثل الإدارة الأميركية التي طالبت بالعودة إلى المسار الديمقراطي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.