«الشارقة الثقافية»: حضور المرأة في روايات نجيب محفوظ

«الشارقة الثقافية»: حضور المرأة في روايات نجيب محفوظ
TT

«الشارقة الثقافية»: حضور المرأة في روايات نجيب محفوظ

«الشارقة الثقافية»: حضور المرأة في روايات نجيب محفوظ

صدر أخيراً العدد 62 لشهر ديسمبر (كانون الأول) من مجلة «الشارقة الثقافية» عن دائرة الثقافة بالشارقة، وتناولت الافتتاحية الإرث اللغوي والبلاغي الذي خلفه العلماء العرب، والذي شكل جسراً للتواصل الحضاري والثقافي، من خلال انتشار مؤلفاتهم وأفكارهم ونظرياتهم في العالم
أما مدير التحرير نواف يونس؛ فتوقف في مقالته عند «شخصية العام الثقافية... جائزة التميز والتفرد» التي تمنح من دون ترشيح لجنة تحكيم، بل بناء على توجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وذلك مع بدء فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، اعترافاً بالدور الفاعل والحيوي للفائز بالجائزة، التي منحت هذا العام للأديب الكويتي طالب الرفاعي.
وفي تفاصيل العدد، بين يقظان مصطفى دور العرب في «صناعة الحيل»، وحاور حسن الوزاني المستشرق الأميركي جوستان ستيرنس. أما أحمد عبد الرزاق فتناول العلاقة بين الأندلس والشرق وحضارة الغرب، وسلط محمد فؤاد علي الضوء على مدينة القناطر الخيرية التي نفذها وبناها محمد علي باشا عن فكرة لنابليون بونابرت، فيما توقف حسن بن محمد عند سحر الطبيعة في مدينة أفران التي تعد من أقدم المدن المغربية.
أما في باب «أدب وأدباء»؛ فتتبع أحمد فضل شبلول حضور المرأة في روايات نجيب محفوظ الذي رآها «نصف الدنيا»، وقرأت ثراء هاني سيرة الشاعر والروائي المغربي الدكتور محمد السرغيني، وكتبت زمزم السيد عن محمد السباعي الذي أشاد به طه حسين ورثاه العقاد، وقدمت ليندا إبراهيم مداخلة عن نصوص منير خلف، فيما استعرضت غنوة عباس تجربة سعد مكاوي، وتناول أمير شفيق حسانين تجربة الشاعر السوداني إدريس جماع، بينما كتبت رويدا محمد عن الأديب والمسرحي بشر فارس. واحتفى عذاب الركابي بسيرة الشاعر محمد الشحات. أما رابعة الختام فكتبت عن الأديب عبد العال الحمامصي.
وفي مكان آخر من المجلة، حاور خليل الجيزاوي الدكتور إبراهيم السعافين، ونقرأ مقابلة مع الناقدة الدكتورة أماني فؤاد، ولقاء أجراه ياسين عدنان مع محمد إقوبعا مدير المركز المتنقل للفنون ببلجيكا.
وفي باب «فن. وتر. ريشة»، نقرأ الموضوعات الآتية: «أحلام عباس تحول الصوت والحكاية إلى لغة بصرية» حوار محمد بابا حامد، و«إسماعيل شموط وظف المرأة بصيغة جمالية رمزية» لمحمد العامري، وحكاية ما وراء فيلم «الرجل الأعمى الذي لم يرغب بمشاهدة فيلم تيتانيك» – لأسامة عسل، (عندما يهب الأب لإنقاذ ابنه)، و«فيلم روماني يجمع بين الواقعية والموجة الجديدة» لمحمد سيد أحمد، و«خالد الصديق وملحمته القصيدة فيلم (بس يا بحر)» لأنور محمد، و«نعمان عاشور... رائد الواقعية في المسرح العربي» لأنور الدشناوي، و«سحر موسيقا الشرق ألهم المبدعين في الغرب» لعبد الله بن محمد، و«عظماء وقادة غيروا التاريخ وخلدتهم كتاباتهم المسرحية» لمحمود كحيلة.
وأفرد العدد مساحة للقصص القصيرة والترجمات لمجموعة من الكتاب العرب: عبد الكريم المقداد (سلبي... إيجابي) قصة قصيرة، («سلبي... إيجابي» عنوان مكثف لكارثة إنسانية) نقد لد. عاطف البطرس، ومحسن الوكيلي (سراب) قصة قصيرة، باسم سليمان (العطار) قصة قصيرة، الزهراء عبد الحميد (الخروج من العتمة) قصة قصيرة، حسام حسني بدار (الطبيب والعمدة) قصة مترجمة، إضافة إلى «أدبيات» من إعداد فواز الشعار.
تضمن العدد أيضاً مجموعة من المقالات الثابتة.



طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين
TT

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

يحتلّ موقع الدُّور مكانة كبيرة في خريطة المواقع الأثرية التي كشفت عنها أعمال المسح المتواصلة في إمارة أم القيوين. بدأ استكشاف هذا الموقع في عام 1973، حيث شرعت بعثة عراقية في إجراء حفريّات تمهيديّة فيه، وتبيّن عندها أن الموقع يُخفي تحت رماله مستوطنة تحوي بقايا حصن. جذب هذا الخبر عدداً من العلماء الأوروبيين، منهم المهندس المعماري البريطاني بيتر هادسون، الذي قام بجولة خاصة في هذا الموقع خلال عام 1977، وعثر خلال تجواله على طبق نحاسي علاه الصدأ، فحمله معه، واتّضح له عند فحصه لاحقاً أنه مزيّن بسلسلة من النقوش التصويرية تتميّز بطابع فنّي رفيع.

وجد بيتر هادسون هذا الطبق في ركن من جهة جنوب شرقي الموقع، وحمله بعد سنوات إلى الشارقة حيث كشفت صور الأشعّة عن ملامح حلية تصويرية منقوشة غشيتها طبقة غليظة من الصدأ. نُقلت هذه القطعة المعدنية إلى كلية لندن الجامعية، وخضعت هناك لعملية تنقية وترميم متأنية كشفت عن تفاصيل زينتها التصويرية بشكل شبه كامل. يبلغ قُطر هذه القطعة الفنية نحو 17.5 سنتيمتر، وعمقه 4.5 سنتيمتر، وتتألّف قاعدة حليته التصويرية من دائرة ذات زينة تجريدية في الوسط، تحوطها دائرة ذات زينة تصويرية تزخر بالتفاصيل الدقيقة. تحتل الدائرة الداخلية الصغرى مساحة قاع الطبق المسطّحة، ويزينها نجم تمتدّ من أطرافه الخمسة أشعة تفصل بينها خمس نقاط دائرية منمنمة. تنعقد حول هذا النجم سلسلتان مزينتان بشبكة من النقوش، تشكّلان إطاراً لها. ومن حول هذه الدائرة الشمسية، تحضر الزينة التصويرية، وتملأ بتفاصيلها كل مساحة الطبق الداخلية.

تتمثّل هذه الزينة التصويرية بمشهد صيد يحلّ فيه ثلاثة رجال، مع حصانين وأسدين، إضافةً إلى أسد مجنّح له رأس امرأة. يحضر رجلان في مركبة يجرها حصان، ويظهران متواجهين بشكل معاكس، أي الظهر في مواجهة الظهر، ويفصل بينهما عمود ينبثق في وسط هذه المركبة. يُمثّل أحد هذين الرجلين سائق المركبة، ويلعب الثاني دور الصياد الذي يطلق من قوسه سهماً في اتجاه أسد ينتصب في مواجهته بثبات، رافعاً قائمته الأمامية اليسرى نحو الأعلى. من خلف هذا الأسد، يظهر صياد آخر يمتطي حصاناً، رافعاً بيده اليمنى رمحاً طويلاً في اتجاه أسد ثانٍ يرفع كذلك قائمته الأمامية اليسرى نحوه. في المسافة التي تفصل بين هذا الأسد والحصان الذي يجرّ المركبة، يحضر الأسد المجنّح الذي له رأس امرأة، وهو كائن خرافي يُعرف باسم «سفنكس» في الفنين الإغريقي والروماني.

يحضر كل أبطال هذا المشهد في وضعية جانبية ثابتة، وتبدو حركتهم جامدة. يرفع سائق المركبة ذراعيه نحو الأمام، ويرفع الصياد الذي يقف من خلفه ذراعيه في وضعية موازية، ويبدو وجهاهما متماثلين بشكل متطابق. كذلك، يحضر الأسدان في تأليف واحد، ويظهر كل منهما وهو يفتح شدقيه، كاشفاً عن لسانه، وتبدو مفاصل بدنيهما واحدة، مع لبدة مكونة من شبكة ذات خصل دائرية، وذيل يلتفّ على شكل طوق. في المقابل، يفتح «سفنكس» جناحيه المبسوطين على شكل مروحة، وينتصب ثابتاً وهو يحدّق إلى الأمام. من جهة أخرى، نلاحظ حضور كائنات ثانوية تملأ المساحات الفارغة، وتتمثّل هذه الكائنات بدابّة يصعب تحديد هويتها، تظهر خلف الأسد الذي يصطاده حامل الرمح، وطير يحضر عمودياً بين حامل القوس والأسد المواجه له، وطير ثانٍ يحضر أفقياً تحت قائمتَي الحصان الذي يجر المركبة. ترافق هذه النقوش التصويرية كتابة بخط المسند تتكون من أربعة أحرف، وهذا الخط خاص بجنوب الجزيرة العربية، غير أنه حاضر في نواحٍ عديدة أخرى من هذه الجزيرة الواسعة.

يصعب تأريخ هذا الطبق بشكل دقيق، والأكيد أنه يعود إلى مرحلة تمتد من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد، ويُشابه في الكثير من عناصره طَبَقاً من محفوظات المتحف البريطاني في لندن، مصدره مدينة نمرود الأثرية الواقعة قرب الموصل في شمال العراق. كما على طبق الدُّوْر، يحضر على طبق نمرود، صيادٌ برفقة سائق وسط مركبة يجرها حصانان، ملقياً بسهمه في اتجاه أسد يظهر في مواجهته. يحضر من خلف هذا الأسد صياد يجثو على الأرض، غارساً رمحه في قائمة الطريدة الخلفية. في المسافة التي تفصل بين هذا الصياد والحصانين اللذين يجران المركبة، يحضر «سفنكس» يتميّز برأسٍ يعتمر تاجاً مصرياً عالياً.

ينتمي الطبقان إلى نسق فني شائع عُرف بالنسق الفينيقي، ثمّ بالنسق المشرقي، وهو نسق يتمثل بمشاهد صيد تجمع بين مؤثرات فنية متعددة، أبرزها تلك التي تعود إلى بلاد الرافدين ووادي النيل. بلغ هذا النسق لاحقاً إلى جنوب شرق الجزيرة العربية حيث شكّل نسقاً محلياً، كما تشهد مجموعة من القطع المعدنية عُثر عليها خلال العقود الأخيرة في مواقع أثرية عدة تعود اليوم إلى الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان. وصل عدد من هذه القطع بشكل كامل، ووصل البعض الآخر على شكل كسور جزئية، وتشهد دراسة هذه المجموعة المتفرّقة لتقليد محلّي تتجلّى ملامحه في تبنّي تأليف واحد، مع تعدّدية كبيرة في العناصر التصويرية، تثير أسئلة كثيرة أمام المختصين بفنون هذه الناحية من الجزيرة العربية.

يحضر مشهد صيد الأسود في عدد من هذه القطع، حيث يأخذ طابعاً محلياً واضحاً. يتميّز طبق الدُّوْر في هذا الميدان بزينته التي يطغى عليها طابع بلاد الرافدين، ويمثّل كما يبدو مرحلة انتقالية وسيطة تشهد لبداية تكوين النسق الخاص بجنوب شرقي الجزيرة العربية.