عناصر «المواجهة» مقابل «المنافسة» بين واشنطن وبكين

خبراء: أميركا لا يمكنها تجنب الصدام مع الصين

مارك تاكانو رئيس لجنة شؤون قدامى المحاربين بمجلس النواب الأميركي مع رئيسة تايوان تساي إنغ - وين (إ.ب)
مارك تاكانو رئيس لجنة شؤون قدامى المحاربين بمجلس النواب الأميركي مع رئيسة تايوان تساي إنغ - وين (إ.ب)
TT

عناصر «المواجهة» مقابل «المنافسة» بين واشنطن وبكين

مارك تاكانو رئيس لجنة شؤون قدامى المحاربين بمجلس النواب الأميركي مع رئيسة تايوان تساي إنغ - وين (إ.ب)
مارك تاكانو رئيس لجنة شؤون قدامى المحاربين بمجلس النواب الأميركي مع رئيسة تايوان تساي إنغ - وين (إ.ب)

رغم الآمال الكبيرة، لكثير من السياسيين والمراقبين، في أن يكون هناك تعاون بين الولايات المتحدة والصين بالنسبة للتحديات المشتركة، ورغم كل ما يقال في واشنطن عن «المنافسة» بين القوى الكبرى، فإن الحقيقة هي أن العلاقات الصينية - الأميركية تهيمن عليها بصورة متزايدة عناصرها التي تنطوي على المواجهة.
ورغم ذلك، يظل هناك بعض التعاون الهادف بين الطرفين، فواشنطن تريد من بكين، على سبيل المثال، الاستمرار في شراء المنتجات الزراعية الأميركية. وتريد بكين من واشنطن الحفاظ على التزامها بسياسة «صين واحدة»، فيما يتعلق بتايوان. ولكن حتى هذه العناصر المتبقية للتعاون، تتحول على نحو متزايد إلى قضايا للنزاع.
ويمثل هذا الطرح الفكرة الأساسية لتحليل أعده ماثيو كرونيغ، الخبير والأستاذ بجامعة جورج تاون، ونائب مدير مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن التابع للمجلس الأطلسي، ودان نجريا، الزميل البارز بالمركز، ونشرته مجلة «ناشونال انتريست» الأميركية.
وبحسب التحليل، ينصب جُل الحديث في واشنطن على «المنافسة» مع بكين. وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال في وقت سابق العام الجاري، إن سياسة بلاده تجاه الصين تشمل مزيجاً من «التعاون، والمنافسة، والمواجهة»، ولكن كرونيغ ونجريا يقولان إن بلينكن، للأسف، كان على حق في ثلث ما ذكر فقط.
وفي أعقاب «الاستراتيجية الوطنية الأميركية» لعام 2017، صار مصطلح «المنافسة بين القوى الكبرى» هو الشعار في واشنطن، حيث تقر الوثيقة على نحو صائب بأن الاستراتيجية الأميركية السابقة التي ركزت على محاولة جعل الصين «طرفاً مؤثراً مسؤولاً»، في إطار نظام عالمي يقوم على القواعد، قد فشلت، وبأن هناك حاجة لنهج جديد أكثر حدة. وقد طورت إدارة بايدن هذا المصطلح إلى «المنافسة الاستراتيجية»، وتعهدت بأن تعطي أولوية للمجالات الأكثر أهمية واستراتيجية. لكن المنافسة ليست الكلمة الأفضل في أي من الحالتين، حيث إن أي منافسة تنطوي على أن الأطراف المعنية ملتزمة بالقواعد نفسها المتفق عليها. ولكن العلاقة بين أميركا والصين، بحسب كرونيغ ونجريا، لا يمكن وصفها بالمنافسة، لأن حزب الشعب الصيني يخرق بشكل ممنهج القوانين والأعراف الدولية المقبولة بشكل عام. وفي المجال الاقتصادي، تنقض بكين بقوة على النظام الاقتصادي العالمي، في تحدٍ لالتزاماتها في إطار منظمة التجارة العالمية. كما ينتهك حزب الشعب الصيني القانون الدولي الإنساني من خلال «جرائم ضد الإنسانية» و«أعمال إبادة جماعية» ضد مسلمي الأويغور والأقليات الأخرى في البلاد. وعلى الصعيد العسكري، تفرض بكين سيطرتها على الأراضي المتنازع عليها مع جيرانها، بما في ذلك الجزر في بحر الصين الجنوبي، رغم الأحكام التي أصدرتها محكمة لاهاي ضد مزاعم بكين الزائفة. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الشهر الماضي: «نرحب بالمنافسة الشرسة» مع الصين. ويتساءل الخبيران كرونيغ ونجريا: هل واشنطن «ترحب» حقيقة بالغش التجاري، وبأعمال الإبادة الجماعية، والعدوان على الأراضي؟ ويقولان إن وصف هذه الخروقات المنهجية للمعايير الدولية المقبولة بأنها «منافسة»، أمر بالغ السخاء. ولكن وصفها بـ«المواجهة» يعد أكثر صدقاً. ومن الصعب إيجاد ما يبرهن على وجود علاقات تعاون حالية بين أميركا والصين. وحتى في المجالات التي يعبر فيها المحللون عن أملهم في المشاركة بين الطرفين، فإن أهم ما تتسم به هذه العلاقة هي «المواجهة». وفي مجال التغير المناخي، تعد الصين أكبر مصدر لغازات الاحتباس الحراري في العالم، بنحو 28 في المائة من الانبعاثات الكربونية العالمية، أي نحو ضعف الانبعاثات الأميركية، وأكثر من انبعاثات الدول المتقدمة مجتمعة. وفي الوقت الذي تتعهد فيه واشنطن وقوى أخرى بخفض الانبعاثات، تتعهد بكين بزيادتها حتى عام 2030. وفي مجال الصحة العامة على المستوى العالمي، تمثل الصين مشكلة رئيسية، بعدما أسفر تأخر بكين في الكشف عن «كوفيد - 19» إلى اندلاع جائحة عالمية، كما تقف بكين في وجه أي تحقيق يهدف إلى تحديد نشأة فيروس كورونا، وهو ما قد يؤدي إلى احتمال تكرار الجائحة مستقبلاً.
ويتكرر الأمر نفسه في مجال الحد من التسلح، حيث تجري الصين، على سبيل المثال، توسعاً شاملاً لأسلحتها النووية، بما في ذلك بناء مئات من صوامع الصواريخ النووية، وإنتاج قاذفات، وغواصات نووية، وصواريخ تتجاوز سرعة الصوت. وقد رفض الحزب الشيوعي الصيني الجلوس إلى مائدة التفاوض رغم مساعي الرئيسين الأميركيين السابقين باراك أوباما ودونالد ترمب. ولا يتوقع أن يكون بايدن أحسن حظاً. ولذلك فإن القول إنه يجب التعاون مع الصين بشأن التحديات العالمية، يشبه القول إنه يتعين التعاون مع اللصوص من أجل خفض عمليات السرقة.
ويقول كرونيغ ونجريا إن الكلمات التي يستخدمانها لها تأثير حقيقي على الطريقة التي يجب أن يفكر بها الأميركيون فيما يتعلق بالتحدي الصيني، وما يتعين القيام به تجاه ذلك. ويضيفان أنه يتعين على الحكومة الأميركية، والشعب الأميركي، والشركات والحلفاء والشركاء، أن يعوا جيداً أن هذه علاقة مواجهة على نحو متزايد، ويرجح أنها ستزداد سوءاً قبل أن تتحسن. ولا يعني هذا أن واشنطن تريد المواجهة مع بكين، بل من الواضح أنها تفضل علاقة تعاون، أكثر بكثير، ولكن لن يكون هذا ممكناً ما دام شي والحزب الشيوعي الصيني في السلطة. ولهذا السبب، يتعين على أميركا وحلفائها الرد بقوة على أي انتهاك من قبل الصين للقواعد، ليدافعوا عن أنفسهم، وليظهروا لقادة الصين أن تحدي أميركا وحلفائها صعب للغاية وذو تكلفة باهظة لبكين، وليس في صالح الصين.
وفي ختام التحليل، يقول كرونيغ ونجريا إن تحقيق تعاون مستقبلي مع الصين، سوف يتطلب مواجهة الآن، وعلى واشنطن وحلفائها وشركائها من أصحاب الفكر المتماثل، بذل الكثير لمواجهة الصين فيما يتعلق بممارساتها التجارية، والحقوقية المزرية، واعتداءاتها العسكرية، والتلوث، وسجلها المتدني للصحة العام، وتعزيز تسليحها النووي. ويؤكد الخبيران أن سياسة المواجهة الحازمة في الوقت الحالي هي أفضل أمل أمام الولايات المتحدة لدفع بكين إلى تغيير مسارها، في نهاية المطاف، ووضع الأمور على مسار مستقبل تنافسي، وتعاون حقيقي.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.