توتر في بوركينا فاسو بسبب «عجز» السلطات عن احتواء المجموعات المسلحة

رئيس النيجر «ممتن لفرنسا وتضحياتها» في الساحل

تشهد واغادوغو احتجاجات ضد الرئيس الذي اتهم بأنه «عاجز» عن احتواء عنف المجموعات المسلحة (أ.ب)
تشهد واغادوغو احتجاجات ضد الرئيس الذي اتهم بأنه «عاجز» عن احتواء عنف المجموعات المسلحة (أ.ب)
TT

توتر في بوركينا فاسو بسبب «عجز» السلطات عن احتواء المجموعات المسلحة

تشهد واغادوغو احتجاجات ضد الرئيس الذي اتهم بأنه «عاجز» عن احتواء عنف المجموعات المسلحة (أ.ب)
تشهد واغادوغو احتجاجات ضد الرئيس الذي اتهم بأنه «عاجز» عن احتواء عنف المجموعات المسلحة (أ.ب)

تشهد واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو توتراً بعد أن فرقت الشرطة صباح أمس (السبت)، مئات الأشخاص الذين حاولوا الاحتجاج ضد الرئيس الذي اتهموه بأنه «عاجز» عن احتواء عنف المجموعات المسلحة. ونصب شبان غاضبون حواجز وأضرموا النار في إطارات مطاطية في عدة أحياء بالعاصمة لمنع الدرك والشرطة من الوصول لتفريق تجمعات أخرى.
ومع تنامي الغضب في بوركينا فاسو، قررت الحكومة «تمديد تعليق خدمة الإنترنت عبر الهاتف الجوال لمدة 96 ساعة بدءاً من الأربعاء» في مختلف أنحاء البلاد، بعد انقطاع سابق دام أربعة أيام «لأسباب أمنية». ودخلت بوركينا فاسو منذ عام 2015 في دوامة عنف تشنه جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتتكرر الهجمات التي تستهدف المدنيين والعسكريين بشكل متزايد وتتركز غالبيتها العظمى في شمال البلاد وشرقها. وحظر مجلس مدينة واغادوغو التظاهرات المنددة بـ«عجز» الرئيس روش مارك كريستيان كابوري عن مواجهة العنف الذي يجتاح بوركينا فاسو منذ عام 2015.
وحضّ رئيس البلدية أرماند بيويندي في مذكرة موجهة إلى قادة الدرك والشرطة على اتخاذ جميع التدابير التي يرونها مفيدة حتى لا تحدث أي تظاهرة غير قانونية في واغادوغو. وأكد المتظاهر فابريس سوادوغو البالغ 28 عاماً لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «بعد سبع سنوات من العجز في مواجهة الهجمات الإرهابية التي نعانيها يومياً، حان الوقت للمطالبة برحيل النظام... لسنا مضطرين للتفاوض مع حكومة غير كفؤة يجب أن تعترف بفشلها».
ودعا تحالف 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الذي يضم ثلاث منظمات مدنية «كل بوركينا فاسو إلى الخروج بأعداد كبيرة السبت، في جو سلمي للتنديد بانعدام الأمن المتزايد والمطالبة برحيل رئيس الدولة» روش مارك كريستيان كابوري. ووصف المتحدث باسم التحالف موسى كوناتي الوضع في بوركينا فاسو بأنه «في حالة من الفوضى العارمة» في ظل «وضع أمني يرثى له»، وأكد أنه إضافة إلى واغادوغو تم التخطيط أيضاً لتظاهرات في ثاني مدن البلاد بوبوديولاسو ومدن كبرى أخرى. ورد وزير الإسكان بينويندي سانكارا: «نعيش في سياق من انعدام الأمن يندد به الجميع»، مستنكراً باسم الأغلبية الرئاسية «تظاهرات غير مبررة».
وقال الرئيس كابوري مساء الخميس: «يجب أن نضع حداً للخلل الوظيفي غير المقبول الذي يقوض الروح المعنوية لقواتنا المقاتلة ويعيق فاعليتها في القتال ضد الجماعات الإرهابية المسلحة». لكن خطابه صار مكرراً، ولم يعد يقنع كثيرين في البلاد.
وأسفر العنف للمجموعات المسلحة الذي يختلط أحياناً باشتباكات قبليّة، عن مقتل نحو ألفي شخص على مدى السنوات الست الماضية، وأجبر 1.4 مليون شخص على الفرار من ديارهم.
وتصاعد الغضب بسبب الوجود العسكري الفرنسي في مستعمراتها السابقة في النيجر وبوركينا فاسو وبلدان أخرى بمنطقة الساحل بغرب أفريقيا، حيث يوجد الآلاف من القوات الفرنسية لقتال جماعات محلية متحالفة مع تنظيمي «القاعدة» و«داعش».
وقال الجيش الفرنسي إن محتجين في النيجر اعترضوا طريق قافلة عسكرية فرنسية أمس (السبت)، بعد فترة وجيزة من عبورها الحدود من بوركينا فاسو، حيث ظلت عالقة لمدة أسبوع بسبب احتجاجات ضد فرنسا هناك. وذكر الكولونيل باسكال لاني المتحدث باسم الجيش الفرنسي، أن جنوداً فرنسيين وقوات من شرطة النيجر العسكرية أطلقوا طلقات تحذيرية لمنع المحتجين من الاقتراب من سياراتهم قبل أن تتمكن القافلة من مواصلة طريقها باتجاه العاصمة نيامي. وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع لمنع المتظاهرين من التجمع في ساحة الأمة (بلاس دو لاناسيون) وسط العاصمة التي انتشر فيها عناصر الأمن بكثافة، إضافة إلى غلق جميع الشركات، وفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وقال ضابط شرطة للمتظاهرين قبل فضّ تجمعهم: «التظاهر ممنوع، تفرقوا، اذهبوا إلى منازلكم».
وفي الأسبوع الماضي، اعترض مئات الأشخاص في مدينة كابا ببوركينا فاسو طريق مركبات مدرعة وشاحنات نقل فرنسية، احتجاجاً على إخفاق القوات الفرنسية في وقف العنف المتصاعد للمتشددين الإسلاميين. وتمكنت القافلة، التي كانت متجهة من ساحل العاج إلى شمال مالي، من مغادرة بوركينا فاسو الجمعة في نهاية الأمر. وأعرب رئيس النيجر محمد بازوم مساء الجمعة، عن «امتنانه» لفرنسا، مشيداً «بتضحياتها» في دول الساحل، في وقت تزداد فيه الانتقادات للوجود العسكري الفرنسي بهذه المنطقة.
وأكد بازوم في مقابلة مع إذاعة وتلفزيون النيجر، أن «من بين جميع الدول الملتزمة إلى جانبنا في مكافحة الإرهاب، فرنسا اليوم هي الدولة التي تقدم أكبر التضحيات». ويأتي هذا التأييد لفرنسا في وقت تزداد فيه الانتقادات للوجود العسكري الفرنسي في النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
ومنع متظاهرون في الأيام الماضية تقدم رتل لوجيستي فرنسي جاء من ساحل العاج متجهاً إلى النيجر، في بوبو ديولاسو (غرب) ثم في العاصمة واغادوغو، حيث اضطر الأمن البوركيني إلى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وأكدت هيئة الأركان الفرنسية أن هذا «الرتل المكون من ستين شاحنة ومائة عسكري فرنسي غادر أبيدجان متوجهاً إلى نيامي ثم غاو»، وهو ليس «رتلاً لنقل أسلحة لمتطرفين كما أشيع على شبكات التواصل الاجتماعي».
كما أشاد الرئيس بازوم بتدريب وتجهيز 12 كتيبة من القوات الخاصة في الجيش النيجيري من قبل الولايات المتحدة وبلجيكا وألمانيا وكندا وفرنسا. وقال إن هذه القوات الخاصة ستجعل من الممكن إقامة «توازن قوى في مواجهة عدونا».
وبالإضافة إلى هجمات «بوكو حرام» وتنظيم «داعش في غرب أفريقيا» (إيسواب)، يرى النيجر نفسه مضطراً للدفاع عن نفسه في مواجهة هجمات جماعات مسلحة مرتبطة بـ«القاعدة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».