الصفدي في رام الله بحثاً عن نقطة انطلاق لعملية السلام

تناول مع عباس الوضع الاقتصادي والتهدئة وملف الأقصى

لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في رام الله أمس (أ.ف.ب)
لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

الصفدي في رام الله بحثاً عن نقطة انطلاق لعملية السلام

لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في رام الله أمس (أ.ف.ب)
لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في رام الله أمس (أ.ف.ب)

استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس (السبت)، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي سلّمه رسالة من الملك عبد الله الثاني، أكدت استمرار التنسيق المشترك على أعلى مستوى في القضايا كافة.
وحملت الرسالة تفاصيل حول الجهود المبذولة لإيجاد أفق سياسي لإعادة إطلاق مفاوضات جادة للتوصل إلى حل الدولتين. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مؤتمر صحافي مشترك مع الصفدي: «استقبلنا اليوم نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، ممثلاً للملك عبد الله الثاني، لاستكمال المشاورات والتنسيق المعمق بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة فلسطين. ونحن سعداء بهذه الزيارة، واللقاء الذي جرى اليوم مع الرئيس محمود عباس كان لقاءً معمقاً، تمت فيه مناقشة كل القضايا المرتبطة بالقضية الفلسطينية».
وأضاف: «جرى طرح الكثير من القضايا والتفاصيل، وحاولنا وضع رؤية واضحة للعمل المشترك خلال الفترة المقبلة لمواجهة التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية». ووصل الصفدي إلى رام الله عبر طائرة مروحية حطت في مقر الرئاسة الفلسطينية بالمدينة، وهي ثالث زيارة للصفدي إلى رام الله في غضون 6 أشهر.
ويعمل الفلسطينيون مع مصر والأردن من أجل وضع خطة تحظى بدعم عربي ثم أميركي، من أجل إطلاق عملية سياسية جديدة في المنطقة تقود إلى مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يتم خلالها فرض تهدئة واسعة في كل المناطق، في الضفة والقدس وقطاع غزة، بما يشمل بدء إعمار القطاع.
وقالت مصادر سياسية في رام الله لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التنسيق بدأ قبل وصول إدارة الرئيس جو بايدن إلى الحكم واستمر بعد ذلك، وهو مستمر من أجل الوصول إلى نقطة انطلاق. وأكد الصفدي أنه جاء بتكليف من الملك عبد الله الثاني، لنقل رسالة إلى الرئيس محمود عباس، ترتبط بجهود المملكة المستمرة من أجل «ضمان إيجاد الأفق السياسي الحقيقي الذي يأخذنا للسلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين، الذي يجسّد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يوينو (حزيران) عام 1967، سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام».
وأضاف أن «الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، وهناك استحالة لبقاء الأمور في حالة الجمود التي هي عليه الآن، والتحديات تتفاقم، ولا بد من تحرك دولي حقيقي يأخذنا باتجاه انخراط فاعل للبحث عن حل للقضية الفلسطينية، التي كانت وستبقى القضية المركزية الأولى بالنسبة للأردن».
وقال الصفدي: «تحدثنا اليوم حول ثلاث قضايا؛ الأولى الاستمرار وتنسيق الجهود لضمان إيجاد الدعم الاقتصادي اللازم حتى تستطيع السلطة الوطنية الفلسطينية تقديم ما تستطيعه للشعب الفلسطيني الشقيق، خاصة أن هناك ضغوطاً اقتصادية كبيرة لا بد من إزالتها لتمكينها من القيام بدورها وفتح الآفاق الاقتصادية أمام الشعب الفلسطيني الشقيق، والقضية الثانية التي تناولها اللقاء هي الحفاظ على التهدئة، عبر الانخراط مع جميع الأطراف الفاعلة، انطلاقاً من أن الحفاظ عليها يتطلب عدم القيام بأي إجراءات لا شرعية تقوض فرص تحقيق السلام على أساس حل الدولتين، واحترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأقصى، وهو ما يشكل أولوية للملك والأردن، انطلاقاً من الوصاية الهاشمية. أما القضية الثالثة فهي إيجاد الأفق السياسي الحقيقي انطلاقاً من استحالة استمرار الوضع الراهن، وبالتالي العمل معاً من أجل تحقيق الزخم الإقليمي والدولي للعودة لجهد حقيقي يتيح التقدم باتجاه حل الدولتين».
وأردف الصفدي: «متفقون ونعمل بتنسيق كامل يومي ومستمر، ورسالتنا للعالم أنه لا يمكن القفز فوق القضية الفلسطينية، ولا يمكن تحقيق السلام العادل والشامل إلا من خلال حل أساس الصراع في المنطقة وهو القضية الفلسطينية. هذه الأسس هي التي تلبي الحقوق للشعب الفلسطيني الشقيق، وفي المقدمة حقه في الدولة المستقلة على كامل ترابه الوطني».
وشرح الصفدي أن «المملكة مستمرة في العمل والتنسيق المشترك مع الأشقاء في جمهورية مصر العربية والشركاء في المجتمع الدولي، من أجل إنهاء حالة الجمود الموجودة حالياً، وإيجاد أفق حقيقي يأخذنا باتجاه السلام العادل والشامل، الذي يشكل خياراً استراتيجياً للجميع».
وأضاف: «تحدثنا هنا عن خطوات مشتركة سنقوم بها من أجل إيجاد البيئة الإقليمية والدولية اللازمة لتحقيق الانفراج الذي لا بد من تحقيقه للحيلولة دون تفجر الأوضاع بشكل لن تحمد عقباه، ولن تكون إلا عامل عدم استقرار في المنطقة برمتها».
وبحسب الصفدي، فإن اللقاء تناول قضايا أخرى؛ بينها دعم «الأونروا» وقضية حي الشيخ جراح.
وقال الصفدي: «نظمنا بالتعاون مع مملكة السويد مؤتمراً دولياً لحشد الدعم للأونروا، بهدف التأكيد على أنه يجب الاستمرار بتقديم الدعم اللازم لها حتى تستطيع تأدية خدماتها للاجئين وفق تكليفها الأممي، وهذا يشكل أولوية مشتركة لنا، خاصة أن الوكالة تعاني من عدم توفر الأموال اللازمة للقيام بدورها».
وأضاف: «بالنسبة لحي الشيخ جراح، هذا موضوع أساسي بالنسبة للأردن، من الناحية القانونية قدمنا كل ما لدينا من أوراق ووثائق تثبت حق أهالي الشيخ جراح في بيوتهم، ومن الناحية السياسية تقوم المملكة بكل ما تستطيع من جهد لمنع تهجير أهالي الشيخ جراح من بيوتهم، لأن تهجيرهم جريمة حرب وفق القانون الدولي لا يمكن أن نقبل بها جميعاً».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.