تبون يتعهد بتوسيع صلاحيات المنتخبين وتعديلات في القانون

الجزائريون ينتخبون ممثليهم في 1541 بلدية و58 محافظة

TT

تبون يتعهد بتوسيع صلاحيات المنتخبين وتعديلات في القانون

تعهد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بتوسيع صلاحيات المنتخبين بالمجالس البلدية والولائية، الذين يشتكون منذ سنوات طويلة من «سطوة المحافظين» الذين يتبعون للسلطة التنفيذية مركزياً. وجاء ذلك، بمناسبة تنظيم الانتخابات المحلية أمس، التي دعي إليها 24 مليون ناخب جزائري، لاختيار الآلاف من المترشحين لـ1541 بلدية و58 محافظة.
وأكد تبون أمس، بعد أن خرج من مكتب انتخاب بالعاصمة حيث صوَّت مع زوجته وابنتيه، أن الاستحقاق المحلي «آخر محطة لبناء دولة عصرية مبنية بسواعد أبنائها، الذين يقع عليهم اختيار المسؤولين والمسيرين». ووعد بـ«بناء دولة قوية اقتصادياً في كنف الديمقراطية والحرية للمواطن». وقال تبون إنه يتوقع معدل تصويت كبيراً «لأن الانتخاب المحلي يهم المواطن بشكل مباشر».
وأفاد تبون أمس، خلال لقاء مع صحافيين بثه التلفزيون العمومي، بأنه يعتزم تعزيز صلاحيات المنتخبين في التسيير، بمناسبة مراجعة مرتقبة لقانون البلدية والولاية، مبرزاً أن النص «سيعرف تغييراً جذرياً، إذ سيتم منح صلاحيات أوسع للمنتخبين. لكن صلاحيات من دون إمكانيات مالية، لن يكون لها معنى». وكان يشير إلى غالبية البلديات العاجزة مالياً، والتي يواجه سكانها نقصاً فادحاً في البنية التحتية، فضلاً عن تفشي البطالة. وموضوع «توسيع صلاحيات المنتخبين وإنهاء سيطرة الوالي عليهم»، شكَّل منذ زمن طويل مطلباً أساسياً لدى الأحزاب، وكثيراً ما كان سبباً في عزوف النخبة عن المشاركة في الانتخابات المحلية.
وبحسب مراقبين، أطلق تبون تعهده عشية الاستحقاق لطمأنة الأشخاص الذين سيفرزهم الصندوق بأنهم سيمارسون تسيير البلديات في القريب، وهم مسلَّحون بسلطات تتيح لهم اتخاذ قرارات تتعلق بالتنمية والبنية التحتية والسكن الذي يكثر عليه الطلب في كل البلديات. كما وعد تبون باستحداث «مفتشية عامة» تابعة لرئاسة الجمهورية، تتولى، حسبه، مراقبة عمل ونشاط المسؤولين. وقال بنبرة تحذير: «لا يدري أي مسؤول متى تقصده هذه المفتشية».
وتم فتح أكثر من 50 ألف مكتب انتخاب صباح أمس، وجرت العملية في هدوء باستثناء مواجهة وقعت بين رجال أمن ومعارضين للاستحقاق بإحدى بلديات محافظة بجاية، بمنطقة القبائل (شرق). فيما صرح محمد شرفي رئيس «السلطة الوطنية للانتخابات»، أمس لصحافيين، بأن رئيس مكتب انتخاب بوهران غرب البلاد، «حاول الهروب بصندوق اقتراع». ويتوقع مراقبون نسبة تصويت ضعيفة، قياساً إلى وجود مؤشرات على عدم اكتراث الجزائريين بهذا الموعد. وبلغ معدل التصويت العام 13 في المائة على الواحدة ظهراً. وسيعلن شرفي، الاثنين، عن نتائج الاقتراع التعددي.
من جهة أخرى، عبَّر الرئيس تبون خلال اللقاء الصحافي، عن «أمله» في مشاركة سوريا في القمة العربية المقررة بالجزائر شهر مارس (آذار) المقبل. ورداً على سؤال حول ما إذا كان يؤكد حضور دمشق في القمة، قال تبون: «إن شاء الله ستشارك سوريا». مبرزاً «حرص الجزائر على أن يكون الموعد العربي ناجحاً». وبخصوص الخلافات بين بعض الدول العربية، واحتمال أن تكون المشاركة ضعيفة في القمة العربية، أكد تبون أن الجزائر «بلد يجمع ويصلح».
وتناول تبون، ضمناً، القطيعة بين الجزائر والمغرب فقال: «لا نعادي أحداً... إلا من عادانا». مشيراً إلى أن «إصلاح الجامعة العربية بات ضرورياً... لم يتغير أي شيء فيها منذ 1948... إنه أمر غير طبيعي... ليس طبيعياً أن نلتقي فنناقش القضايا وبعدها نعود إلى بلداننا دون أن يتحقق أي شيء». وكانت الجزائر قد طرحت، خلال القمة العربية التي احتضنتها عام 2005 «قضية تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية»، غير أن القاهرة ودولاً عربية أخرى، تحفظت بشدة على هذا الطرح وتخلى عنه الجزائريون في نهاية المطاف.
من جهة أخرى، قال تبون: «لأول مرة منذ تأسيس الكيان، (في إشارة إلى إسرائيل)، يأتي وزير منه إلى بلد عربي ليطلق تهديدات ضد بلد عربي آخر... هذا خزي وعار»، في إشارة إلى زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إلى المغرب في أغسطس (آب) الماضي، وتصريحاته للإعلام بأن تل أبيب والرباط «تتشاركان مع بعض القلق، بشأن دور دولة الجزائر في المنطقة، التي باتت أكثر قرباً من إيران وهي تقوم حالياً بشن حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب».
ولأول مرة يصدر رد فعل من أعلى سلطة في الجزائر، على هذه الزيارة.
واللافت أن تبون لم يتعرض، وهو ينتقد تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل، إلى زيارة وزير الدفاع بيني غانتس إلى المغرب الأربعاء الماضي. وكان رئيس «مجلس الأمة» صالح قوجيل، الذي يعد الرجل الثاني في الدولة، اعتبر الجزائر «مستهدفة من خلال الزيارة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.