إسرائيل تجمد الاستيطان في مطار قلنديا... وخطة لتهويد القدس

مشروع بديل لتخفيض عدد سكان العرب في المدينة المقدسة من 38 % إلى 12 %

منظر عام للآليات العاملة في مطار قلنديا المهجور (مطار القدس الدولي) لبناء مستوطنة (إ.ب.أ)
منظر عام للآليات العاملة في مطار قلنديا المهجور (مطار القدس الدولي) لبناء مستوطنة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تجمد الاستيطان في مطار قلنديا... وخطة لتهويد القدس

منظر عام للآليات العاملة في مطار قلنديا المهجور (مطار القدس الدولي) لبناء مستوطنة (إ.ب.أ)
منظر عام للآليات العاملة في مطار قلنديا المهجور (مطار القدس الدولي) لبناء مستوطنة (إ.ب.أ)

في الوقت الذي نُشر فيه أن الحكومة الإسرائيلية أبلغت الإدارة الأميركيّة بأنها لن تصادق على مشروع إقامة حي استيطاني ضخم على أرض مطار قلنديا المهجور، كُشف النقاب عن مخطط آخر لتهويد مدينة القدس يرمي إلى رفدها بنحو مئتي مستوطن يهودي ويؤدي إلى تخفيض نسبة الفلسطينيين في المدينة من 38% حالياً إلى 12%.
وقال الخبير الجيوسياسي خليل توفقجي، إن مشروع الاستيطان على أرض المطار الفلسطيني هو جزء من مخطط واسع أعدته الحكومة الإسرائيلية يشتمل على بناء لا أقل من 57 ألف وحدة سكن جديدة للمستوطنين في المدينة، ويهدف لتقليص الوجود الفلسطيني فيها إلى ما بين 11% و12%.
المعروف أن إسرائيل، ومنذ احتلالها مدينة القدس عام 1967م، وهي تعمل جاهدة لتغيير معالمها بهدف تهويدها وتقليص الوجود العربي فيها، ومنع إعادة تقسيمها إلى مدينتين وعاصمتين، خوفاً من أن يصبح قسمها الشرقي عاصمةً للدولة الفلسطينية العتيدة. وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل مثل مصادرة الأراضي والبيوت داخل أسوار البلدة القديمة وهدم حي المغاربة تماماً وإقامة أحياء يهودية جديدة واتخاذ إجراءات مدنية ضد السكان العرب.
وفي موضوع التهويد أقامت إسرائيل ثلاثة أطواق لمحاصرة الفلسطينيين ودفعهم إلى اليأس والرحيل، الأول داخل البلدة القديمة، حيث أصبحت ثكنة عسكرية ليل نهار مرصوفة بشبكة كاميرات ترصد كل حركة، والثاني بالأحياء الاستيطانية المنتشرة حول البلدة القديمة وتبلغ اليوم 14 حياً يهودياً، والطوق الثالث الذي يحيط بالمدينة الكبرى ويوسّع نطاقها، وذلك بضم مستوطنة «معاليه أدوميم» التي يقطنها نحو 35 ألف مستوطن، كمستوطنة رئيسية من الشرق، إضافة إلى المستوطنات العسكرية الصغيرة مثل «عنتوت، وميشور، وأدوميم، وكدار، وكفعات بنيامين» من الجهة الشرقية، «والنبي يعقوب، وكفعات زئييف، والتلة الفرنسية، وكفعات حدشا، وكفعات هاردار» من الشمال. وقد أدت هذه الممارسات إلى مضاعفة عدد اليهود في القدس الكبرى (الغربية الإسرائيلية والشرقية الفلسطينية المحتلة)، ليصبح 620 ألفاً مقابل 380 ألف فلسطيني. وحسب المخطط الجديد، تنوي سلطات الاحتلال التخلص من بضعة أحياء وقرى فلسطينية تابعة للمدينة قائمة خلف الجدار العازل، وإقامة مزيد من الحياء اليهودية داخل المدينة وعلى أطرافها ولكن داخل الجدار و«تشجيع» من يبقى من الفلسطينيين فيها على الرحيل عنها، بإجراءات قسرية أو بالمضايقات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
ويشير تقرير لدائرة الأراضي الفلسطينية إلى أن سياسة مصادرة الأراضي المملوكة للفلسطينيين في القدس من أجل توسيع المستوطنات، وتضييق الخناق على الوجود العربي فيها، يشهد تصعيداً منذ سنة 2004م، حيث صودرت 2000 دونم من أراضي قرية الولجة جنوبي القدس المحتلة، لإقامة 5000 وحدة استيطانية جديدة عليها، و14 ألف دونم من أراضي بيت إكسا شمال غربي القدس ومساحة مماثلة من أراضٍ تابعة لما لا يقل عن 28 قرية ومدينة فلسطينية، بهدف إخراج التجمعات السكانية الفلسطينية من حدود المدينة. وبواسطة الجدار العازل تم وضع عدة أحياء داخل غيتوات معزولة ومخنوقة، مثل مخيم شعفاط، وضاحية السلام، وعناتا وحزما، وهي في الشمال الشرقي ويقطنها معاً نحو 40 ألف نسمة. وغيتو شمال القدس: ويشمل ضاحية البريد، وبلدة الرام، ويقطنه نحو 60 ألف نسمة. وغيتو شمال غربي القدس: ويشمل 14 قرية، ويقطنه نحو 60 ألف نسمة. وغيتو جنوب شرقي القدس: ويشمل بلدات السياحره، وأبو ديس والعيزرية، ويقطنه 60 ألف نسمة.
وما زالت الحكومة الإسرائيلية تسحب هويات المقدسيين الذين يغيبون عن البلاد لأكثر من 7 سنوات، حتى لو كان ذلك بسبب التعليم أو العمل. وهي بذلك تسير وفقاً لتوصية اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون القدس لعام 1973م، برئاسة غولدا مائير، والتي تقضي بألا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيين في القدس 22% من المجموع العام للسكان. وقد تم حتى الآن سحب الهويات من أكثر من خمسة آلاف عائلة مقدسية.
يُذكر أن أهالي القدس تصدوا لهذه السياسية ووجدوا هم أيضاً وسائل صمود تجعلهم باقين في القدس ويزيدون نسبتهم فيها، والتي تبلغ اليوم 38% تقريباً.
إلا أن الفلسطينيين يشكّلون نحو 35% من مجموع السكان داخل حدود المدينة، وذلك نتيجة عودة آلاف المقدسيين للسكن داخل حدود القدس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».