الرؤساء الثلاثة تعهدوا «تعويم» الحكومة... وعون وعد بمتابعة التنفيذ

TT

الرؤساء الثلاثة تعهدوا «تعويم» الحكومة... وعون وعد بمتابعة التنفيذ

يسعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتعويم حكومته بإنهاء تعليق جلسات مجلس الوزراء بعد مطالبة وزراء «الثنائي الشيعي» بتنحية المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار احتجاجاً على اتهامه له بـ«الاستنسابية» في ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنواب الحاليين علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر والوزير السابق يوسف فنيانوس، فيما يستعد ميقاتي للتوقيع مع صندوق النقد الدولي على اتفاق الإطار لبدء المفاوضات.
وتأتي دعوة ميقاتي لعقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل لحث الأطراف المشاركة في الحكومة على تقديم «التنازلات» المطلوبة طالما أنهم يتمسكون ببقائها، لأن البديل سيبقى محصوراً في أخذ البلد إلى الفراغ، وهذا يشكل إحراجاً للحكومة أمام المجتمع الدولي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر نيابي بارز بأن ميقاتي بدعوته مجلس الوزراء للانعقاد لا يراهن على تجاوب الأطراف الداعمة للحكومة فحسب بتقديم التسهيلات، إنما يستند إلى الأجواء الإيجابية التي سادت اللقاء بين الرؤساء الثلاثة عون وميقاتي وبري في قصر بعبدا خلال احتفالات عيد الاستقلال.
وكشف المصدر النيابي أن الرؤساء اتفقوا على إيجاد مخرج يؤدي إلى تصحيح مسار التحقيق العدلي باتباع الأصول الدستورية وإعادة توزيع الصلاحيات المناطة حالياً بالقاضي البيطار بما يضمن إحالة دياب والوزراء السابقين على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وحصر التحقيقات الأخرى بالمحقق العدلي.
ولفت إلى أن رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي أبديا تفهماً لوجهة نظر رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدعوته للاحتكام للدستور في هذا المجال، وإعادة الاعتبار للمسعى الذي تولاه البطريرك الماروني بشارة الراعي، وقال إن ميقاتي وإن كان يرفض التدخل في شؤون القضاء التزاماً منه بمبدأ الفصل بين السلطات، فإنه في المقابل شدد على ضرورة تصويب مسار التحقيق العدلي بعيداً عن الانتقائية والاستنسابية تاركاً للمعنيين في القضاء التدخل لتصحيح الخلل.
وأكد المصدر نفسه أن الرؤساء الثلاثة اتفقوا على مبدأ الفصل، وقال إن عون وعد خيراً على أن يترك للقضاء المختص وضع الآلية القانونية لترجمة ما تم الاتفاق عليه، ووزع المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية معلومات في اليوم التالي وفيها أن الرئيس عون يتابع تنفيذ ما اتفق عليه الرؤساء الثلاثة.
ورأى أن بري وإن كان يتجنب تسليط الأضواء على الأجواء التي سادت لقاء بعبدا، فإن مصادر سياسية مواكبة للقاء الرؤساء تتخوف من الالتفاف على ما تم الاتفاق عليه أسوة بما أصاب المبادرة التي قام بها البطريرك الراعي والتي اصطدمت بالفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية.
وتغمز المصادر من قناة الوزير الأسبق سليم جريصاتي وتؤيد في هذا المجال ما سبق لبري قوله بأن المشكلة تحل بكلمة من جريصاتي، وتسأل في نفس الوقت إذا كان هذه المرة سيدخل لقطع الطريق على إيجاد المخرج القضائي الذي سيفتح الباب أمام إعادة توزيع ملف التحقيق بين القاضي البيطار وبين المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أم أنه سيعمد إلى إغلاقه، وبالتالي لا إمكانية لوضع الآلية القضائية لتأمين هذا النوع من الفصل الذي يؤدي للإفراج عن جلسات مجلس الوزراء.
وتعتبر المصادر السياسية أن استقالة الحكومة الميقاتية ليست مطروحة، وتقول إنها لا تؤيد الرأي القائل بأن الإبقاء على الحكومة في دائرة تصريف الأعمال أفضل من أن تستقيل وتنصرف إلى إدارة الأزمة، وتعزو السبب إلى أن تعليق جلسات مجلس الوزراء سيلاحق ميقاتي في جولاته الخارجية، وبالتالي يصعب عليه تبرير عدم انعقادها الذي سيفقدها الدعم الدولي.
ومع أن المصدر النيابي نفى أن يكون الرؤساء الثلاثة قد تطرقوا إلى الطعن الذي تقدم به «تكتل لبنان القوي» أمام المجلس الدستوري والمتعلق بالتعديلات التي أدخلت على قانون الانتخاب الحالي، فإن المصادر السياسية تتوقع في حال أصر عون على الامتناع عن التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للمشاركة في العملية الانتخابية ترحيل إجراء الانتخابات النيابية إلى الثامن من أيار (مايو) المقبل.
وأكد المصدر أن الرؤساء الثلاثة تفاهموا على المخرج الذي يحفظ ماء الوجه لوزير الإعلام جورج قرداحي ليقدم استقالته من الحكومة بعد أن يشارك في جلسة لمجلس الوزراء يدعى لحضورها من دون أن يترك له الإعلان عن مقرراتها، على أن يغادرها ويعلن استقالته التي توفر للحكومة فرصة لإنجاز مقاربة سياسية متكاملة يراد منها إخراج العلاقات اللبنانية - الخليجية من التأزم برغم أنه لا يزال ينسحب على الداخل مع تصاعد وتيرة الاعتراض على أداء «حزب الله» محلياً وإقليمياً ودولياً.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.