لبنان يستعيد «رفاهية» الجدل حول التدقيق في حسابات «المركزي»

بعد تلويح «ألفاريز ومارسال» بالانسحاب مجدداً وتعليق المهمة

الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع وزير المال وحاكم «مصرف لبنان» (رويترز)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع وزير المال وحاكم «مصرف لبنان» (رويترز)
TT

لبنان يستعيد «رفاهية» الجدل حول التدقيق في حسابات «المركزي»

الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع وزير المال وحاكم «مصرف لبنان» (رويترز)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع وزير المال وحاكم «مصرف لبنان» (رويترز)

حكمت المصادفة بتلويح شركة «ألفاريز ومارسال» تعليق مهمتها التعاقدية مع وزارة المال للتدقيق في حسابات البنك المركزي اللبناني في منتصف توقيتها الزمني المحدد بـ12 أسبوعا تنقضي بنهاية العام الحالي، وبعد سنة بالتمام من تعليق العقد السابق بذريعة عدم تمكينها من الحصول على كامل المستندات المطلوبة واصطدامها بتبريرات تعارض سرية هذه المعلومات مع قانون السرية المصرفية.
فقد ترددت معلومات بأن فريق الشركة، والذي تم تخصيصه بمكتب وتجهيزات تقنية في مبنى وزارة المال، اشتكى من تجدد الصعوبات في الحصول على كامل المستندات والبيانات التفصيلية التي يطلبها. ما استدعى صدور رد توضيحي غير مباشر من قبل مصرف لبنان عدد فيه وقائع التعاون بموجب العقد الجديد. وتلاه عقد اجتماع في القصر الجمهوري للتقصي وتأكيد التعاون.
ووفق البيان الرسمي، ترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اجتماعا في قصر بعبدا حضره وزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة، والوزير السابق سليم جريصاتي. وخصص الاجتماع لعرض الأوضاع المالية في البلاد والصعوبات التي تواجه مؤسسة «ألفاريز ومارسال» في عملية التدقيق المحاسبي الجنائي في حاكمية مصرف لبنان.
وأصر الرئيس عون، خلال الاجتماع، على «بدء مهام التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان من قبل المؤسسة المكلفة وتنفيذ العقد بينها وبين الدولة اللبنانية ممثلة بوزير المالية، ما يقتضي معه توفير «الداتا» والمستندات المطلوبة من المؤسسة بشكل كامل، كي تباشر مهامها وتصدر التقرير الأولي بنهاية 12 أسبوعا كحد أقصى وفق منطوق العقد. كما أنه لفت المجتمعين إلى أن «تداعيات عدم إجراء التدقيق سلبية على جميع الصعد، لا سيما أن القانون ينص على انسحاب التدقيق المالي على إدارات الدولة ومؤسساتها كافة».
وبالمقابل، أكد الوزير الخليل والحاكم سلامة بأنهما يجريان «ما يلزم وبالسرعة الممكنة لهذه الغاية». وهو ما يتفق مع تأكيد البنك المركزي على المنحى الإيجابي في التعاطي مع الشركة، حيث يقوم المصرف حالياً بدراسة هذه الملاحظات وتقديم الإيضاحات المطلوبة بغية تذليل أي عقبات. كذلك القيام بتحميل المعلومات المطلوبة على الحاسوب الرئيسي في المكتب المخصص لهذه الغاية في مبنى وزارة المالية. علما بأنه تم تحميل حوالي 900 ميغابايت من هذه المعلومات.
ويبدو بحسب مصادر مالية ومصرفية متابعة، «أن الجدال المستجد لا يخرج، كما سابقه، عن نطاق التجاذبات الداخلية الحادة وصراع الإرادات في إدارة شؤون البلد كافة. فالتدقيق المحاسبي والجنائي في كل حسابات الدولة والوزارات والمجالس والصناديق يعد أحد المحاور الأساسية التي يتوجب تضمينها في الخطة الإنقاذية الموعودة للتلاقي مع الشروط المحددة من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين وسائر الجهات المانحة بهدف الشروع بتصحيح الانحرافات الحادة في المالية العامة وإعادة هيكلة الدين العام الذي يربو على 100 مليار دولار».
وتلفت المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إلى أن مسار التدقيق يستغرق وقتا غير قصير لتبيان النتائج الموثقة عبر منهجية تحترم المعايير الدولية، ومن ثم بلوغ مرحلة المساءلة والمحاسبة. ولذا يتوجب على الجميع ضمان شموليته وعدم عرقلته في أي محطة لاحقة وتسهيل الحصول على بياناته وتبيان مسؤوليات ومشروعية الصرف والإنفاق، وخصوصا لجهة ما يتصل بقرار الحكومة السابقة إشهار «الإفلاس المالي» للدولة عبر تعليق دفع لبنان لسنداته المحررة بالعملات الأجنبية، وما تلاه من تبديد لمليارات الدولارات من الاحتياطيات الحرة لدى البنك المركزي التي تم إنفاقها على سياسات دعم تمويل استيراد سلع حيوية من دون التمكن من إيصالها سوى بنسبة لا تتعدى الثلث إلى المستحقين.
ويشير مسؤول مالي إلى حقيقة توسع دائرة الفقر المدقع لتنضم إليها شرائح واسعة من فئات الفقراء التي توازي نحو 80 في المائة من السكان بسبب اشتداد العواصف النقدية والمعيشية التي تضرب كامل مقومات الحياة في البلد، فيما تعجز الحكومة عن عقد اجتماعاتها الدورية. فمع تقدم انحدار سعر صرف العملة الوطنية إلى ما يوازي 94 في المائة من قيمتها بعد تخطي الدولار عتبة 24 ألف ليرة وانضمام الفاتورة الاستشفائية والطبية والدوائية إلى منظومة التسعير بدولار منصة البنك المركزي البالغة نحو 20 ألف ليرة لكل دولار، تشهد أسواق الاستهلاك موجة مستجدة للغلاء تتعدى نسبتها 35 في المائة، ومعززة بنسب إضافية جراء ارتفاع معدلات التضخم العالمية بسبب ارتفاع أسعار النفط والطاقة والمواد الأولية وارتباك سلاسل التوريد.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.