غروندبرغ: الهجوم على مأرب يقوّض فرص التسوية

TT
20

غروندبرغ: الهجوم على مأرب يقوّض فرص التسوية

أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن الهجوم المستمر على مأرب تسبب بالفعل في تداعيات متوالية في جميع أنحاء اليمن، «كما أنه يستمر في تقويض فرص الوصول إلى تسوية تفاوضية للنزاع». وشدد على أن الحلول الجزئية لن تؤدي إلى حل مستدام للصراع، قائلاً إن مشاوراته التي تجرى في مختلف المناطق والدول «إنما هي لبلورة أفكار بناءة لعملية السلام، والتي يعمل على إعداد خطة لها»، متمنياً على الأطراف الرئيسية أن يكون تعاطيها مع مهمته «تعاطياً بناءً يفضي إلى إيقاف معاناة اليمنيين السياسية والاقتصادية والعسكرية، وإيقاف نزف الدم»، وقائلاً إنه سيبذل «كل الجهود خلال الأسابيع المقبلة للوصول إلى هذه الغاية».
ووفق بيان وزعه مكتب المبعوث الأممي؛ فإنه، وخلال لقاءاته في القاهرة مع المسؤولين المصريين واليمنيين، شدد على أن «الهجوم المستمر على مأرب تسبب بالفعل في تداعيات متوالية في جميع أنحاء اليمن، كما يستمر هذا الهجوم في تقويض فرص الوصول إلى تسوية تفاوضية للنزاع». وقال إن «الحلول الجزئية لن تؤدي إلى حلّ مستدام. ويجب أن يكون هناك تركيز بشكل متساوٍ على الأولويات العاجلة الرامية لتخفيف أثر الحرب على المدنيين، وعلى القضايا طويلة المدى المطلوبة من أجل التوصّل إلى حلّ مستدام وعادل للنزاع». المناقشات في القاهرة تدور حول التطوّرات العسكرية الأخيرة في اليمن بما يشمل الحديدة، والوضع الإنساني المتدهور.
غروندبرغ الذي ترفض ميليشيات الحوثي حتى الآن استقباله في صنعاء؛ وفق تأكيدات مصادر في مكتبه، أكد على أنه «لا يوجد حلّ عسكري مستدام للنزاع في اليمن»، وأنه «يجب على جميع الأطراف المتحاربة خفض تصعيد العنف وإعطاء الأولوية لمصالح المدنيين بدلاً من تحقيق المكاسب العسكرية».
وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، التقى خلال زيارة إلى القاهرة وزير الخارجية المصري سامح شكري، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وناقشوا أهمية استقرار اليمن بالنسبة للمنطقة، والمسؤولية المشتركة لدولها في تجنّب مزيد من التصعيد في اليمن، كما تناولوا الحاجة لدعم اليمنيين من أجل الوصول إلى تسوية سياسية لإنهاء النزاع يتمّ التوصّل إليها من خلال التفاوض.
كما التقى أيضاً مجموعة من اليمنيين من النساء والرجال؛ بينهم برلمانيون وممثلون عن أحزاب سياسية ومنظمات للمجتمع المدني وإعلاميون، شدّدوا خلال لقائهم على الحاجة إلى خفض تصعيد العنف، وركزوا على تأثيرات التدهور الاقتصادي على حياة المدنيين. وتشاور غروندبرغ مع المشاركين اليمنيين حول طرق بدء حوار سياسي جامع يضع طلبات الأطراف في سياق أجندة يمنية أوسع تتضمن أولويات سياسية واقتصادية وأمنية.
ونقلت المصادر الرسمية اليمنية عن المبعوث الأممي القول إنه سيعمل «وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة للمضي نحو تحقيق السلام العادل الذي يستحقه الشعب اليمني» والتأكيد أن مشاوراته التي تجرى في مختلف المناطق والدول إنما هي لبلورة أفكار بناءة لعملية السلام، والتي يعمل على إعداد خطة لها، متمنياً على الأطراف الرئيسة أن يكون تعاطيها مع مهمته تعاطياً بناءً يفضي إلى إيقاف معاناة اليمنيين السياسية والاقتصادية والعسكرية، وإيقاف نزف دمائهم، وأنه «سيبذل كل الجهود خلال الأسابيع المقبلة للوصول إلى هذه الغاية».
المصادر ذكرت أن رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، ناقش خلال لقائه المبعوث الأممي مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية، والجهود الرامية لإيقاف الحرب، وسبل تحقيق السلام الشامل والعادل، في ظل استمرار تعنت الميليشيات الحوثية ورفضها المبادرات كافة التي من شأنها تخفيف المعاناة الإنسانية التي يشهدها اليمن. وجدد رغبة الشرعية في إحلال السلام والأمن في ربوع اليمن، وإنهاء حالة الاقتتال، وحقن دماء اليمنيين، والوصول إلى تسوية سياسية؛ وفقاً للمرجعيات الثلاث، والتعاطي الإيجابي مع الجهود الأممية ومع مختلف المبادرات.
وعدّ رئيس مجلس النواب أن تقويض ميليشيات الحوثي جهود السلام كافة والاستمرار في إشعال الحرب «مؤشرات لا تنبئ إطلاقاً عن رغبتهم في عملية القبول بخيارات السلام»، ونبه إلى خطورة «استمرار الانتهاكات الجسيمة، والجرائم الإرهابية المروعة، ومصادرة الحقوق والحريات، وتجنيد الأطفال، وإصدار أحكام إعدام صورية، ومحاكمات سرية، لا تتفق مع القوانين والشرائع السماوية، وفي تحد صارخ لإرادة العالم أجمع، وجميعها تكشف عن المفهوم الحقيقي لفكرة السلام لدى الحوثيين». وقال إن «استهداف المدنيين والتجمعات السكانية في مأرب وبقية المحافظات لم يتوقف؛ بل يزداد ضراوة، مما يفاقم من خطورة الوضع الإنساني والاقتصادي، ويقوض الجهود الدولية، فضلاً عن إطلاق الميليشيات الحوثية الصواريخ الباليستية والطيران المسيّر على الأشقاء في المملكة العربية السعودية بصورة عدائية سافرة».
البركاني شدد على أهمية دور الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن «للإسراع في اتخاذ خطوات عملية وجادة لما من شأنه إنهاء الانقلاب الحوثي، ووضع آليات فاعلة للوصول إلى حل شامل وعادل، وضرورة قيام المجتمع الدولي بالضغط على جماعة الحوثي للخضوع لعملية السلام»، منوهاً بـ«الاستغلال السلبي من قبل جماعة الحوثي لـ(اتفاق استوكهولم)، وتنصلهم من تنفيذه، واتخاذه فرصة لاستقدام الأسلحة الإيرانية واستمرار زعزعة الأمن والاستقرار».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.