فرنسا تراهن على الانتخابات الليبية لقيام سلطة شرعية

TT

فرنسا تراهن على الانتخابات الليبية لقيام سلطة شرعية

تنظر باريس بكثير من الأمل إلى الاستحقاق الانتخابي الليبي، بجناحيه الرئاسي والتشريعي، وتعد أن «قطار الانتخابات» قد انطلق من المحطة، وأنه سيكون من الصعب إيقافه، على الرغم من تيقنها من وجود صعوبات وعلامات استفهام كثيرة.
ووفق باريس التي احتضنت اجتماعاً على مستوى القمة قبل أقل من أسبوعين لدعم ليبيا، فإن الملاحظ اليوم أن هناك تحولاً قد حصل في ليبيا من منطق المواجهة العسكرية إلى منطق الانطلاق بمسار انتقالي جامع انتخابياً وسياسياً، يفترض أن تنبثق عنه سلطة منتخبة تتحلى بشرعية تنبثق من صندوق الانتخابات.
وفي دليل على أهمية المسار الجديد، وعلى الرغم من التحفظات المثارة حوله، إن على صعيد قانون الانتخاب أو على عدد من الشخصيات التي تقدمت بترشحها لرئاسة الجمهورية، فإن باريس ترى أن كثرة الترشحات في المناطق الثلاث «الغرب والجنوب والشرق»، ومن بينهم من ينتقد قانون الانتخاب، ويرى أنه قد فصل على مقاس مرشحين محددين، تعكس رغبة في الانخراط بالمسار المذكور، ما يسحب من الذين بقوا خارجه حجة رفض نتائجه لاحقاً.
وفي أي حال، ينظر إلى هذه الرغبة الجامعة على أنها عنصر يوفر الشرعية للعملية الانتخابية، بغض النظر عما ستقرره المفوضية العليا للانتخابات لجهة المصادقة على الترشحات أو رفض بعضها. وتعد باريس تقدم رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، بترشحه مؤشراً على رغبة ليبية في «تملك» العملية الانتخابية التي حظيت بدعم دولي إجماعي خلال اجتماع باريس الأخير، مع تأكيد المؤتمرين على أن من يعرقل العملية الانتخابية التي يفترض أن تجرى بحضور مراقبين دوليين وأفارقة، أو من يرفض القبول بنتائجها، يمكن أن يعرض نفسه لعقوبات دولية وأوروبية. وترفض العاصمة الفرنسية الخوض في من يحق له الترشح من عدمه، أكان سيف الإسلام القذافي أم المشير خليفة حفتر، وتعد ذلك من صلاحيات مفوضية الانتخابات والقضاء الليبيين. كما أنها تعد أن إعادة النظر ببعض مواد القانون الانتخابي لم تعد موضوع الساعة، وتنظر إلى من يؤكد رفضه للقانون ومعارضته الجذرية له على أنه يعارض أصلاً إجراء الانتخابات، ومنهم على سبيل المثال خالد المشري رئيس المجلس الأعلى.
وليست الانتخابات السبيل فقط لقيام سلطة جديدة، بل ينظر إليها على أنها الطريق الوحيد لاستعادة ليبيا لسيادتها، وللتحدث بصوت واحد. وفي هذا السياق، يندرج تنفيذ خطة انسحاب «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا.
وتبدي باريس بعض التفاؤل إزاء عمل اللجنة العسكرية «5+5»، وتشكيل لجان فرعية للتواصل مع الدول التي لديها مرتزقة على الأراضي الليبية، كالسودان وتشاد. كما أنها تعرب عن ارتياحها لتوصل اللجنة إلى تفاهم مع تركيا وروسيا، وزيارة هذين البلدين للنظر في ترحيل السوريين وغير السوريين من المرتزقة. كذلك تنظر إلى الاتفاق على ترحيل 300 من هؤلاء من الشرق الليبي، نزولاً عند طلب فرنسي «بادرة جيدة» تبين أن إنجاز الترحيل ليس مستحيلاً.
بيد أن الصعوبة الجدية تكمن في خروج القوات التركية «الرسمية» الموجودة في ليبيا التي تعد أنقرة أنها غير معنية بالرحيل لأنها موجودة بموجب اتفاق رسمي وقع بين الطرفين الليبي والتركي عام 2018. وحقيقة الأمر أن الجانب الفرنسي الذي يتحدث عن خروج «تدريجي» للمرتزقة والقوات الأجنبية، يضع هذه الأخيرة في نهاية المطاف، ويرى أن هناك «توازياً» بين قيام حكومة ليبية تتمتع بشرعية كاملة، منبثقة عن العملية الانتخابية الديمقراطية، والقدرة على طلب رحيل القوات التركية.
وفي أي حال، تتساءل الأوساط الفرنسية عن «شرعية» و«قانونية» الاتفاق المبرم مع تركيا، وتعد أن استعادة ليبيا لسيادتها سيمكنها لاحقاً من التفاوض مع تركيا على خروج قواتها من موقع أقوى. كما ترى باريس أن موضوع الانسحاب التركي لم يعد مجرد موضوع ثنائي، بل أمر دولي، وذلك بسبب القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن. وبالتالي، فإن الضغوط السياسية ستكون قوية على تركيا لدفعها للقبول بمطلب دولي يتناغم مع مطلب داخلي ليبي.
هذه المقاربة لها ما يبررها، لكن المسألة الرئيسية تكمن في معرفة ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ثم التشريعية ستفرز فريقاً حكومياً ونيابياً داعماً لخروج القوات التركية التي ينظر إليها بعض الأطراف على أنها الضامن لسلامته، بل لوجوده السياسي، ومشاركته في عملية اتخاذ القرارات لاحقاً، إن لم يكن الإمساك بها.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.