{الطاقة الذرية} وطهران تتفقان على «حوار معمق» لحل الخلافات

غروسي تمسك بـ«الشفافية» وعبد اللهيان حذّره من «مواقف سياسية»

عبد اللهيان يتحدث إلى غروسي في طهران أمس (أ.ف.ب)
عبد اللهيان يتحدث إلى غروسي في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

{الطاقة الذرية} وطهران تتفقان على «حوار معمق» لحل الخلافات

عبد اللهيان يتحدث إلى غروسي في طهران أمس (أ.ف.ب)
عبد اللهيان يتحدث إلى غروسي في طهران أمس (أ.ف.ب)

اتفقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران على «تعمق الحوار» بهدف التوصل إلى إطار للتعاون وحل الخلافات العالقة، وذلك قبل أيام من استئناف المحادثات بين إيران والقوى العالمية من أجل إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وبدأ غروسي، أمس، محادثاته في طهران، بلقاء رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي. وأعلن المسؤولان في مؤتمر صحافي مشترك بعد المحادثات، أنهما اتفقا على مواصلة الحوار لحل الجميع القضايا العالقة.
وقال غروسي، إن الوكالة الدولية تريد مواصلة المحادثات مع إيران «بهدف إيجاد أرضية مشتركة للتعاون». ونقلت «رويترز» قوله في هذا الصدد، إن «الوكالة تسعى لمواصلة وتعميق الحوار مع الحكومة الإيرانية... اتفقنا على مواصلة عملنا المشترك بشأن الشفافية». وتابع «نعمل جاهدين ونكثّف جهودنا لاختتام محادثاتنا اليوم».
في المقابل، حاول إسلامي أن يرمي الكرة في ملعب المسؤول الدولي في بداية كلامه. وقال، إن «غروسي قال مرات عدة في لقاءات وحوارات اليوم إنه لم يرَ أي انحرافات في البرنامج النووي الإيراني، وإن إيران تمارس أنشطها وفقاً للاتفاقيات والقواعد». وصرح أيضاً «ناقشنا القضايا الحالية التي تتعلق بتطوير التعاون»، وقال، إن القضية التي تهم الجانبين، هو أن كل القضايا بين إيران والوكالة الدولية «قضايا فنية»، معرباً عن ثقته بأن الوكالة الدولية «لا تنظر ولا تتأثر بالقضايا السياسة، والاختراقات المتآمرة التي يمارسها الأعداء على تقدم برنامجنا النووي»، وفقاً لوكالة «إيسنا» الحكومية.
وقال إسلامي «بعض الأسئلة أُثيرت بناءً على وثائق نشرها أعداؤنا. تمت الإجابة عن هذه الأسئلة، وبقيت أجزاء منها، وهي أجزاء تعود إلى المسائل المغلقة السابقة التي تم تناولها بالفعل». وتابع «اليوم اتفقنا على إنهاء هذه القضايا وعدم مواصلتها بالإجراء الذي سنعتمده وما زالت المفاوضات بشأنه جارية». وقال «ما هو مهم أن إيران مصممة على برنامجها النووي، لقد اتفقنا على أن الوكالة الدولية سوف تساعد على القضايا المتعلقة بحياة الناس».
وأشار بيان مقتضب للمنظمة الإيرانية إلى «وضع إطار واضح للتعاون بين بين الجانبين» كان أحد مواضيع النقاش الرئيسية بين المسؤولين.
وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي تقارير تفصيلية عن صراعاتها مع إيران، بدءاً من المعاملة الفظة لمفتشيها ووصولاً إلى إعادة تركيب الكاميرات التي تعتبرها «ضرورية» لإحياء اتفاق طهران النووي.
وفي وقت لاحق، قالت وسائل إعلام رسمية، إن غروسي التقى في وقت لاحق وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان للمرة الأولى، وإن الوزير حث الوكالة على «مواصلة التعاون مع إيران في إطار مهامها الفنية، وتجنب اتخاذ مواقف سياسية» وفقاً لوكالة «رويترز».
في غضون ذلك، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية، بأن الصحف الإيرانية المحافظة المتشدّدة تجاهلت كلياً زيارة غروسي «كدليل» على التوتر بين الأمم المتحدة وطهران.
وسيدرس مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا التقرير خلال اجتماع مرتقب الأسبوع المقبل، قبل أن تستأنف طهران وواشنطن المفاوضات غير المباشرة، المتوقفة منذ يونيو (حزيران)، في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في فيينا لإيجاد سُبُل لإعادة الاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب قبل ثلاث سنوات ثم أعاد فرض عقوبات قاسية على إيران؛ بهدف إجبارها على قبول إطالة أمد الاتفاق، وتعديل سلوكها الإقليمي والصاروخي.
وردت طهران بانتهاك القيود الرئيسية على الأنشطة النووي التي حددها الاتفاق، بما في ذلك إعادة بناء مخزونات اليورانيوم المخصب وتكريره إلى درجة نقاء انشطاري أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة لتسريع الإنتاج.
وفي سبتمبر (أيلول)، ألغت القوى الغربية في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة خططاً لإصدار قرار ضد إيران بعد أن وافقت طهران على إطالة أمد مراقبة بعض الأنشطة النووية. لكن لا تزال تلك القوى تطالب إيران باتخاذ إجراء بشأن مسألتين رئيسيتين، هما توضيح السبب في وجود آثار يورانيوم عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى ورشة لتصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي في مجمع تسا كرج لاستبدال كاميرات المراقبة التابعة للوكالة هناك.
وتعرضت تلك الورشة لتخريب واضح في يونيو عندما تم تدمير واحدة من أربع كاميرات تابعة للوكالة هناك. ولم تُسلّم إيران «وسيط تخزين البيانات»، الخاص بتلك الكاميرا، وقالت الوكالة إنها طلبت من إيران تحديد موقعها وتفسير ما حدث.
وخوفاً من الإضرار بالمحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية، يقول دبلوماسيون، إنه من غير المرجح اتخاذ أي إجراء ضد إيران عندما يعقد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجتماعه الفصلي اليوم في فيينا.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.