السيسي يتعهد تعزيز التكامل الإقليمي عبر «كوميسا»

مصر تترأس الدورة الـ 21 وتستضيفها بالعاصمة الإدارية الجديدة

ممثلو الدول المشاركة في تجمع «كوميسا» بالعاصمة الإدارية المصرية الجديدة أمس (الرئاسة المصرية)
ممثلو الدول المشاركة في تجمع «كوميسا» بالعاصمة الإدارية المصرية الجديدة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يتعهد تعزيز التكامل الإقليمي عبر «كوميسا»

ممثلو الدول المشاركة في تجمع «كوميسا» بالعاصمة الإدارية المصرية الجديدة أمس (الرئاسة المصرية)
ممثلو الدول المشاركة في تجمع «كوميسا» بالعاصمة الإدارية المصرية الجديدة أمس (الرئاسة المصرية)

تعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالعمل على تحقيق رؤية بلاده المتمثلة في «تعميق تكامل الأعمال بين دول الإقليم، لتوسيع وتيرة التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا».
وأكد السيسي خلال رئاسته لأعمال الدورة 21 لـ«تجمع السوق المشتركة لدول شرق وجنوب القارة الأفريقية (كوميسا)»، التي استضافتها العاصمة الإدارية الجديدة لمصر، على «الدور المهم الذي يضطلع به التجمع الاقتصادي الإقليمي، بهدف بلوغ التنمية المستدامة للدول الأعضاء».
وشدد السيسي، في خطاب القبول لرئاسة تجمع «كوميسا»، على «ضرورة تضافر الجهود المشتركة لمواجهة التحديات التي يشهدها الإقليم، على رأسها جائحة كورونا، مشيراً إلى أن الاقتصادين العالمي والإقليمي شهدا كثيراً من التطورات منذ انعقاد القمة الأخيرة لـ(الكوميسا) في 2018».
و«كوميسا» اتفاقية مشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقي، ويضم التجمع الخاص بها في عضويته إلى جانب مصر، 20 دولة، هي الكونغو الديمقراطية، وجزر القمر، وبوروندي، وإريتريا، وجيبوتي، وكينيا، وإثيوبيا، وإسواتيني (سوازيلاند)، ومالاوي، ومدغشقر، وليبيا، وسيشيل، ورواندا، وموريشيوس، وتونس، والسودان، والصومال، وزيمبابوي، وزامبيا، وأوغندا.
وقال السيسي إن «منطقة التجارة الحرة القارية دخلت حيز النفاذ في يناير (كانون الثاني) 2021. كما صاحب التقدم المحرز في التكامل الاقتصادي القاري كثيراً من التحديات التي واجهتها دول الإقليم والعالم، بسبب جائحة كورونا».
وأضاف أنه «على الرغم من الجهود المبذولة على المستويات الدولية والقارية والإقليمية لمواجهة جائحة كورونا، فإن الإقليم ما زال يعاني من آثارها السلبية، وتتسم وتيرة التعافي منها بالبطء. الأمر الذي يضع على عاتق هذه القمة كثيراً من المسؤوليات التي يتعين تضافر الجهود المشتركة لمواجهة هذه التحديات». ونوّه إلى أن «مصر قامت بوضع رؤيتها بهدف تعميق التكامل عبر تشجيع الأعمال، بمفهومها الشامل للأعمال التجارية والاستثمارية والإنتاجية، بما سيسهم بشكل كبير في تسريع وتيرة التعافي». وشدد الرئيس المصري على «المسؤولية المشتركة على عاتق أعضاء التجمع، قادة وزعماء، من أجل وضع سياسات وخطط تحرك عاجلة وتيسير الأعمال وتشجيع القطاع الخاص على التكامل وفتح آفاق لتكامل الأعمال في الإقليم؛ بما يسهم في تحفيز الطلبين المحلي والإقليمي وزيادة المعدلات الإنتاجية؛ بما ينعكس، بصورة إيجابية، على معدلات التشغيل ومستوى معيشة المواطن في الدول الأعضاء». وقال السيسي إن «الرؤية المصرية لرئاسة تجمع دول شرق وجنوب القارة الأفريقية (كوميسا) استهدفت طرح عدد من المبادرات للمساهمة في تعميق التكامل، في عدد من القطاعات الاقتصادية، ذات الأولوية بين دول الكوميسا، على الأجلين القصير والمتوسط».
وأكد سعي بلاده، بالتنسيق مع الدول الأعضاء والأمانة العامة، إلى «العمل على إزالة أي عقبات، تحول دون قيام الدول الأعضاء، بتقديم الإعفاءات اللازمة في هذا الصدد؛ حيث اقترحت وضع آلية لمراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء، بشكل دوري؛ وهو الأمر الذي سيسهم في مشاركة الدول بفعالية لتطبيق الامتيازات الجمركية، في إطار منطقة التجارة الحرة لإقليم (الكوميسا)، وستسعى مصر لمتابعة هذه الآلية، بالتعاون مع الأمانة العامة والدول الأعضاء».
وبالنسبة للتكامل في القطاع الصحي، أوضح السيسي أن «تداعيات جائحة كورونا أكدت أهمية التكامل الإقليمي، والعمل المشترك لمواجهتها، والحفاظ على صحة المواطنين، وأهمية قيام السوق المشتركة بدراستها على وجه السرعة، والعمل على وضع خطة واضحة لتنمية التكامل الإقليمي في هذا القطاع، فضلاً عن مواءمة السياسات الوطنية؛ لضمان سهولة نفاذ المنتجات الطبية والدوائية بين الدول الأعضاء، وحثّ الدول الأعضاء على المضي قدماً لرفع الوعي لدى مواطني إقليم (الكوميسا)؛ للاستفادة من اللقاحات الخاصة بمواجهة فيروس كورونا؛ لمنع تفشيه في دول الإقليم».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.