«يونيسيف»: ارتفاع عدد الأطفال الجوعى في لبنان... ومستقبلهم بات «على المحك»

أطفال يبحثون عمّا يحتاجون إليه بين القمامة في بيروت (أ.ب)
أطفال يبحثون عمّا يحتاجون إليه بين القمامة في بيروت (أ.ب)
TT

«يونيسيف»: ارتفاع عدد الأطفال الجوعى في لبنان... ومستقبلهم بات «على المحك»

أطفال يبحثون عمّا يحتاجون إليه بين القمامة في بيروت (أ.ب)
أطفال يبحثون عمّا يحتاجون إليه بين القمامة في بيروت (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أمس، من أنّ مستقبل الأطفال في لبنان بات «على المحك» جراء تفاقم تداعيات الانهيار الاقتصادي عليهم من نقص في التغذية والرعاية الصحية وارتفاع معدل العمالة. وأوضحت المنظمة في بيان أنه «في ظلِّ عدم وجود ضوء في الأفق يوحي باقترابِ إيجاد الحلول للأزمة اللبنانية، يشتدّ تأثير تلك الأزمة على الأطفال بشكلٍ تدريجي»، مشيرة إلى استطلاع جديد «أظهر ارتفاعاً في عدد الأطفال الذين يعانون من الجوع، والذين اضطرّوا للعمل لإعالة أسرهم، والأطفال الذين لم يتلقّوا الرعاية الصحية التي كانوا في أمسّ الحاجة إليها».
وقالت ممثلة «يونيسيف» في لبنان يوكي موكو: «يُفترض أن يشكّل حجم الأزمة وعمقها جرس إنذار للجميع ليستفيقوا الآن»، مضيفة: «هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم تضوّر أي طفل جوعاً أو إصابته بالمرض أو اضطراره للعمل بدل تلقّيه التعليم».
ونُشرت تلك التفاصيل التي خلص إليها الاستطلاع في تقرير «يونيسيف» الذي حمل عنوان «البقاء على قيد الحياة من دون أساسيات العيش: تفاقم تأثيرات الأزمة اللبنانية على الأطفال». وأظهرت الدراسة التي أجرتها المنظمة على مدى ستة أشهر أن «مئات آلاف الأطفال في لبنان معرضون للخطر»، متحدثة عن «تراجع دراماتيكي في أسلوب عيش الأطفال اللبنانيين» فيما لا يزال الأطفال اللاجئون يرزحون تحت «وطأة الضرر الكبير». وأورد تقرير المنظمة أن «مستقبل جيل كامل من الأطفال في لبنان على المحك».
وبيّنت الدراسة أن «53% من الأسر لديها طفل واحد على الأقل فوّت وجبة طعام في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنةً بنسبة 37% في أبريل (نيسان) الماضي». واضطرت ثلاث من عشر أسر إلى تخفيض نفقات التعليم.
وفي مواجهة التضخم الهائل، وتزايد الفقر، وندرة توافر الوظائف، اضطرّت 40% من الأسر لبيع الأدوات المنزلية والأثاث (بنسبة قاربت 33%)، وكان على 7 من كل 10 أسر شراء الطعام من خلال مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو عبر الاقتراض المباشر لشراء الطعام، مقارنةً بنسبة 6 من كل 10 أسر في شهر أبريل، حسب دراسة «يونيسيف».
ونقل تقرير «يونيسيف» عن حنان (29 عاماً)، المقيمة في طرابلس (شمال) أفقر مدن لبنان، قولها: «تزداد الحياة صعوبة يوماً بعد يوم. لقد أرسلت أولادي الأربعة إلى مدرستهم من دون طعام»، مضيفة: «فكرت بالانتحار لكني عدت واستبعدت تلك الفكرة بمجرد أن نظرت إلى أطفالي».
واضطرت أمل (15 عاماً) إلى العمل في قطاف الفاكهة لدعم عائلتها، ونقل التقرير عنها: «أهلنا بحاجة إلى المال الذي نكسبه، ماذا سيفعلون إذا توقفنا عن العمل؟»، مضيفة: «أكثر ما يقلقنا هو سداد إيجار البيت. لا نريد أن نفقد منزلنا».
وقالت «يونيسيف» إنه «كان للأزمة المستشرية تأثير خطير على صحة الأطفال. نحو 34% من هؤلاء لم يتلقوا الرعاية الصحيّة التي احتاجوا إليها، بعد أن كانت النسبة 28% في أبريل الماضي»، كما ارتفعت أسعار الأدوية بشكلٍ كبير، «ما جعل الكثير من الأسر غير قادرة على تحمّل تكاليف الرعاية الصحيّة المناسبة لأطفالها، في ظلِّ النقص الحاد في الأدوية الأساسية المتوافرة في البلاد».
وارتفعت أسعار الأدوية في لبنان أكثر بعد أن عمدت الحكومة، بدءاً من الأسبوع الماضي، إلى رفع الدعم تدريجياً عن أنواع معينة من الأدوية، بما فيها أدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية القلب وارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم وضغط الدم.
وعلى وقع الأزمة، وجد الكثير من الأطفال أنفسهم خياراً واحداً هو العمل، وفق التقرير الذي أشار إلى ارتفاع عدد الأسر التي أرسلت أطفالها إلى العمل من 9 إلى 12%، وقد ازدادت نسبة الأسر اللبنانية منها نحو سبعة أضعاف.
وفاقم وباء «كوفيد - 19» وانفجار مرفأ بيروت وطأة الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ أكثر من عامين والتي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، وفقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها وبات نحو 80% من السكان تحت خط الفقر، بينما يرتفع المعدل أكثر في صفوف اللاجئين الفلسطينيين والسوريين.
ولفتت «يونيسيف» إلى أنه يعيش 9 من كل 10 سوريين في فقر مدقع. وقالت ممثلة المنظمة الدولية في لبنان يوكي موكو: «تحتاج الحكومة إلى اتخاذ إجراءات سريعة لحماية مستقبل الأطفال. ويتطلب ذلك التوسع في تنفيذ تدابير الحماية الاجتماعية، وضمان وصول كل طفل إلى التعليم الجيّد، وتعزيز الرعاية الصحيّة الأوليّة وخدمات حماية الطفل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.