مصر: مشاجرة في شركة للاتصالات تفتح ملف «خدمة العملاء»

أثارت المشاجرة التي وقعت في فرع شركة محمول مصرية قبل أيام بين موظفي الفرع وطبيب أسنان جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، فبينما تواصل بعض الجهات الحكومية تحقيقاتها في الواقعة، أطلق مدونون حملات ضد مؤسسات تتهم بالتجاوز في حقوق العملاء. وفتحت هذه المشاجرة التي تم تداول مقطع فيديو لها على نطاق واسع ملف خدمة العملاء في البلاد.
وأعلنت نقابة أطباء الأسنان المصرية في وقت سابق تضامنها مع الطبيب صاحب واقعة الاعتداء عليه داخل أحد فروع شركة «فودافون»، وأرسل نقيب أطباء الأسنان إيهاب هيكل خطابات رسمية إلى الرئيس التنفيذي لفودافون مصر، ورئيس مجموعة فودافون في إنجلترا، ووزير الاتصالات، ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وجهاز حماية المستهلك، لدعم الطبيب والمطالبة بالتحقيق في الواقعة.
وأكد هيكل أن الطبيب لم يبدأ بالاعتداء، ولم يتقاض أي مبالغ تعويضية كما أشيع، ولم يطلب أي تعويض مادي، مؤكداً التمسك بكل السبل القانونية والإعلامية للحصول على حق الطبيب.
وقالت الشركة إنها اتخذت «إجراءات حاسمة بناءً على سياسة الإدارة بعدم قبول أي تجاوز في حق العملاء تحت أي ظرف، معلنة عن انتهاء التحقيق والتصالح رسمياً بالواقعة»، لكنها لم توضح ما هي الإجراءات التي اتخذتها ضد الموظفين».
وكشف طبيب الأسنان أحمد بيومي تفاصيل الخلاف الذي وقع في أحد فروع الشركة وتفاصيل المصالحة أيضا، قائلاً في تصريحات صحافية: «الأمر بدأ بمشادة كلامية بين أحد العملاء وموظف الفرع، ولم أكن طرفاً فيها، لكن عندما تحدث الموظف بصورة غير لائقة، ورأيته يطرد العميل خارج الفرع؛ تدخلت لحل الموضوع، لكن الموظف طردني أيضاً، وعندما وقفت أمام هذا الموظف جاء آخر وسحبني وبدوري دفعته جانباً وتطور الأمر إلى حد الاشتباك بالأيدي».
وأشار بيومي إلى أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من أحد مسؤولي فروع شركة فودافون، واعتذر له عما حدث، ووعده بتنفيذ مطالبه (معاقبة العاملين في الفرع ونقلهم) قبل أن يتوجه مجدداً إلى قسم الشرطة ليتنازل عن المحضر.
وعلى خلاف موظفي القطاع الخاص، فإن الموظفين العموميين أو (الحكوميين) يتمتعون بدعم قانوني لحمايتهم من تجاوزات العملاء أثناء عملهم اليومي، إذ يعاقب المعتدين عليهم، بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه مصري، بحسب المادة 136 من قانون العقوبات، وإذا اقترن مع التعدي أو المقاومة ضرب أو نشأ عنهما جرح تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تتجاوز 200 جنيه مصري.
ويقول خبير التنمية المحلية حمدي عرفة لـ«الشرق الأوسط» إن المؤسسات الحكومية المصرية يوجد بها نقص حاد في خدمة العملاء، حيث تقدر تغطية الوزارات المصرية البالغة نحو 34 وزارة، لخدمة العملاء بنحو 30 في المائة فقط، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية تبذل قصارى جهدها لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين عبر ميكنة هذه القطاعات وتعزيزها بالتكنولوجيا.
وأكد عرفة أن مراكز خدمة العملاء في القطاع الخاص تواجه تحديات كبيرة من بينها ضرورة رفع مرتبات الموظفين الذين يتقاضون رواتب متوسطة تتراوح بين 3 : 4 آلاف جنيه (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري)، وتدريبهم بشكل جيد على التعامل الجيد مع العملاء، مع وضع لوائح وضوابط للثواب والعقاب».
ويشكو آلاف المواطنين في مصر من سوء الخدمات في مراكز خدمة العملاء بقطاعات عادة أبرزها قطاع الاتصالات الذي يتم انتقاده دائماً بالبحث عن تحقيق أرباح مالية ضخمة من دون الاهتمام بتقديم خدمات فعلية مميزة، ووفق متابعين فإن الكثير من العملاء يشكون من مستوى الخدمة بفروع شركات الاتصالات ومراكز حكومية عدة، حيث يُعلن بشكل متكرر عن سقوط نظام العمل الرقمي أثناء ساعات العمل الرسمية، تحت شعار (السيستم واقع) وهو ما يعتبره البعض إحدى أبرز علامات تدني مستوى الخدمة.
لكن المهندس أحمد الليثي، استشاري التحول الرقمي، يرى أن مصر تمتلك مستوى مقبولاً وجيداً في ملف خدمة العملاء، وهو ما اجتذب شركات دولية إلى تقديم خدماتها بطريقة عابرة للحدود من مصر، لتنافسية الرواتب في ظل تدني سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية.
ويضيف الليثي لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «واقعة شركة المحمول لا تشير إلى أن التعامل مع المواطنين في جميع فرع شركات المحمول بمصر يتم بهذه الطريقة العنيفة كما يصور البعض عبر السوشيال ميديا، لافتاً إلى أنها واقعة فردية سيطرت فيها الجوانب الشخصية على الأمر».
وفسر تعطل نظم التشغيل في بعض فروع الاتصالات والخدمات التكنولوجية الأخرى إلى تحديث البنية التحتية وتغيير نظم تشغيل الخدمات إلى شبكات أكثر تطوراً وتغيير الكابلات أو التطبيقات وتحديثها، مشيراً إلى أن هذا الأمر يحدث في معظم بلاد العالم وليس في مصر وحدها فقط.