عباس يدين الاعتداء الإسرائيلي على ممثله في القدس

محافظ المدينة ما زال ممنوعاً من أي أنشطة سياسية أو لقاء مسؤولين فلسطينيين

طفلان خلال وقفة تضامنية مع السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل نُظمت في غزة أمس (أ.ف.ب)
طفلان خلال وقفة تضامنية مع السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل نُظمت في غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس يدين الاعتداء الإسرائيلي على ممثله في القدس

طفلان خلال وقفة تضامنية مع السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل نُظمت في غزة أمس (أ.ف.ب)
طفلان خلال وقفة تضامنية مع السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل نُظمت في غزة أمس (أ.ف.ب)

أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الاعتداء الإسرائيلي «الوحشي» على محافظ القدس عدنان غيث وأفراد أسرته أمس. وأشاد الرئيس عباس في بيان «بالدور الوطني الذي يقوم به المحافظ غيث في خدمة جماهير شعبنا في القدس وتعزيز صمودهم والتصدي لمخططات التهويد». وثمن «صمود المقدسيين مسلمين ومسيحيين في وجه الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته بحق المدينة المقدسة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية». وقال البيان إن الرئيس الفلسطيني «اطمأن خلال اتصال هاتفي على صحة المحافظ غيث وتمنى له الشفاء العاجل».
وكان غيث وهو ممثل الرئيس الفلسطيني في القدس الممنوع على الفلسطينيين العمل السياسي فيها، قد تعرض للضرب أمس أثناء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي، لمنزله في الحارة الوسطى من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى. واقتحمت وحدة خاصة منزل غيث، واعتدت عليه وعلى أبنائه وأبناء عمومته بالضرب، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بجروح، قبل أن تعتقل 3 منهم هم: وليد عادل غيث، والشقيقان ربيع وحمزة نضال غيث، بعد الاعتداء عليهم بوحشية. وتستهدف إسرائيل غيث منذ عينه الرئيس الفلسطيني محافظاً لمدينة القدس في عام 2018، ومنذ ذلك الحين تم اعتقال وتوقيف المحافظ 28 مرة على الأقل قبل أن يتسلم قبل نحو عام قراراً يقضي بتقيد حركته داخل المدينة ويمنعه من التواصل مع عشرات المسؤولين الفلسطينيين وعلى رأسهم الرئيس عباس.
وأبلغ «قائد الجبهة الداخلية» لجيش الاحتلال في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، المحافظ قراراً يستند لـ«قوانين الطوارئ 1975»، يقضي بتحديد وجوده في منطقة سكنه في بلدة سلوان، ويمنعه من الدخول أو التواجد في «مناطق شرق القدس ما عدا سلوان»، ويمنع عليه التواصل مع 50 شخصية فلسطينية وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتضم القائمة التي يمنع غيث من التواصل معهم رئيس الوزراء محمد أشتية ونائب عباس في رئاسة حركة «فتح» محمود العالول، وجبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح»، وحسين الشيخ وزير الشؤون المدنية، وفادي الهدمي وزير القدس، والكثير من المسؤولين في القدس وخارجها.
وجددت إسرائيل في شهر أغسطس (آب) المنصرم القرارات الصادرة بحق ممثل عباس في القدس انطلاقاً من أنه لا يسمح بأي «أعمال حكومية من قبل السلطة الفلسطينية في القدس». وتمنع إسرائيل أي مظاهر سيادية للسلطة في الشق الشرقي من القدس التي ينادي به الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة، وتقول إسرائيل إنه جزء لا يتجزأ من العاصمة الأبدية لها. والتضييق على غيث مس أيضاً بأنشطته داخل حركة فتح.
وأدانت الحركة اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي، على محافظ العاصمة القدس، عضو المجلس الثوري للحركة، عدنان غيث، وحملة الاعتقالات والبطش والتنكيل الهستيرية بحق المقدسيين. وأكدت الحركة «أن الصمود العظيم لأهلنا في القدس هو الذي يفشل مخططات التهويد والعبث بهوية القدس العربية الفلسطينية».
وحملت حركة «فتح»، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن حياة وسلامة المحافظ غيث، ودعت المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في وقف انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي في القدس وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرة إلى أن صمت وتراخي المجتمع الدولي، يشجع دولة الاحتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق أبناء شعبنا.
أما غيث نفسه، فقال إن الاعتداءات المتكررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، عليه وعلى أسرته، لن تمنعه من مواصلة الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى. وأضاف في حديث للوكالة الرسمية «هذا الاعتداء يأتي ضمن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها أبناء شعبنا في القدس. وتابع: «يسعى الاحتلال إلى تهويد كل شيء في القدس، حتى أسماء الشوارع يحاول تغييرها، ولا يترك أي شيء إلا ويعمل على تهويده في محاولة يائسة لفرض أمر واقع بالمدينة المقدسة». وأردف: «الاحتلال تمادى في جرائمه، وهو يتحمل مسؤولية تداعيات حقده وعربدته وانتهاكاته اليومية بحق أبناء شعبنا في القدس». وانتقد غيث صمت المجتمع الدولي، وقال إنه «يشجع دولة الاحتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق أبناء شعبنا».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».