جدل في البرلمان الأردني حول تعديلات دستورية توسّع صلاحيات الملك

TT

جدل في البرلمان الأردني حول تعديلات دستورية توسّع صلاحيات الملك

شهدت قبة البرلمان الأردني أمس جدلاً صاخباً في الجلسة التي خصصت للقراءة الأولى من مشروع التعديلات الدستورية التي أحالتها الحكومة الأسبوع الماضي، وتسببت بردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي ولدى نخب سياسية. 
وفي مطلع جلسات الدورة العادية الحالية التي كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد افتتح أعمالها الأسبوع الماضي موجهاً «لسرعة المضي في إقرار منظومة التحديث السياسي في البلاد»، أحال النواب مشروع تعديل الدستور إلى اللجنة القانونية قبل انتخابهم لأعضاء اللجنة التي تعتبر مركز ثقل العمل التشريعي، ما تسبب في توجيه انتقادات واسعة. 
وانتقد نواب تعديلات طالت نحو 30 بنداً في الدستور، ارتبط أبرزها بالتوسع في صلاحيات الملك من خلال دسترة تشكيل مجلس أمن وطني بصلاحيات أمنية وسياسية تم سحبها من السلطة التنفيذية. وانتقد نواب بارزون آلية محاسبة ورقابة مجلس يرأسه الملك ويضم رئيس الوزراء وقائد الجيش ومديري الأجهزة الأمنية ووزيري الخارجية والداخلية وعضوين يعينهم الملك، ما يخلق جسماً سياسياً موازياً للسلطتين التشريعية والتنفيذية. 
وفيما حاول رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي التصويت على إحالة مشروع تعديل الدستور إلى اللجنة القانونية، ومنع تكرار مداخلات النواب، بحسب اقتراح قدمه النائب خليل عطية، على أن يجري التوسع في النقاش داخل اللجنة المختصة قبل عرضها على المجلس للمناقشة الأخيرة والتصويت عليها، تصدى نواب للطلب باستمرار المناقشات. 
وأمام إحالة الحكومة لمشروع تعديل الدستور ومنحه صفة «الاستعجال والأولوية»، اختار نواب الحديث عن مشروعي قانوني الأحزاب والانتخاب، محذرين من العبث في خريطة الدوائر الانتخابية على حساب مصادرة حقوق تمثيل ناخبين في مناطق جغرافية ممتدة قد تؤدي إلى المساس بمعادلات ديمغرافية نتيجة دمج دوائر انتخابية ذات كثافة سكانية عالية. 
 ورفض رئيس الحكومة بشر الخصاونة في رده على مداخلتين ساخنتين لرئيس مجلس النواب السابق عبد المنعم العودات ونقيب المحامين الأسبق النائب صالح العرموطي، اتهام الحكومة «بالانقلاب على الدستور»، أو المساس «بالوحدة الموضوعية الجامعة» للدستور الأردني الذي تؤكد بنوده على «مبدأ تلازم السلطة والمسؤولية» في عمل المؤسسات. 
وتسببت إضافات حكومية في مشروع تعديل الدستور، أضيفت إلى توصيات أقرتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية (لجنة ملكية ضمت أطيافاً سياسية وحزبية واسعة أقرت توصيات تتعلق بتعديل الدستور وقوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية وسبل تمكين قطاعي المرأة والشباب سياسياً)، بخلافات تحت قبة البرلمان، ما عكس مزاجاً نيابياً حاداً حيال تعديلات دستورية وجد فيها نواب إفراغاً لدور السلطات التنفيذية والتشريعية تخوفاً من نشوء حكومات حزبية برلمانية مستقبلاً، وهو ما يتعارض مع توجيه الملك لصياغة تشريعات تواكب التحديث المنشود مع دخول المملكة مئويتها الثانية.
وهذه المرة الرابعة التي يُعاد فيها فتح الدستور الأردني في عهد الملك عبد الله الثاني، فقد عدلت 42 مادة دستورية عشية مطالبات شعبية عام 2011، كما جرى تعديل الدستور في عامي 2014 و2016، ليعاد فتح الدستور هذه المرة لمعالجة 30 بنداً قد ينتهي مجلس النواب الحالي من إقرارها قبل نهاية العام. 
ويخشى نواب أن تكون السرعة في مناقشة وإقرار مشاريع تعديل الدستور والانتخاب والأحزاب، سبباً في حل مجلسهم والدعوة المبكرة لإجراء انتخابات نيابية بموجب قانون جديد سينص لأول مرة في تاريخ المملكة على تخصيص 30% من مقاعد المجلس المقبل للقوائم الحزبية وبواقع 41 مقعداً نيابياً. 



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.