السلطات السودانية تفرج عن سياسيين موقوفين غداة الاتفاق السياسي

رجل سوداني مسن يرفع علامة النصر بينما يحتشد المتظاهرون للمطالبة بعودة الحكم المدني في العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
رجل سوداني مسن يرفع علامة النصر بينما يحتشد المتظاهرون للمطالبة بعودة الحكم المدني في العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

السلطات السودانية تفرج عن سياسيين موقوفين غداة الاتفاق السياسي

رجل سوداني مسن يرفع علامة النصر بينما يحتشد المتظاهرون للمطالبة بعودة الحكم المدني في العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
رجل سوداني مسن يرفع علامة النصر بينما يحتشد المتظاهرون للمطالبة بعودة الحكم المدني في العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

أفرجت السلطات السودانية عن بعض السياسيين الذين كان تم توقيفهم الشهر الماضي تزامناً مع إعلان قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان حل مؤسسات الحكم الانتقالي وفرض حال الطوارئ في البلاد.
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، أحد السياسيين المفرج عنهم، لوكالة الصحافة الفرنسية، اليوم الاثنين: «تم إطلاق سراحي وقت متأخر من مساء أمس (الأحد)».
وأضاف الدقير: «كنت طوال هذه الفترة في حبس انفرادي ومقطوعاً تماماً عن العالم».
وحسب الدقير، تم إطلاق سراح عدد من السياسيين ومن بينهم أعضاء في حزب الأمة، أكبر الأحزاب السياسية في البلاد.
وقاد البرهان انقلاباً في 25 أكتوبر (تشرين الأول) خلال مرحلة انتقال هشّة في السودان. واعتقل معظم المدنيين في السلطة، وأنهى الاتّحاد الذي شكّله المدنيّون والعسكريّون وأعلن حال الطوارئ.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1462776629927710725
والأحد، أُعيد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى منصبه وأُلغي قرار إعفائه بموجب «اتفاق سياسي» وقّعه مع البرهان في القصر الجمهوري بالخرطوم، الخطوة التي أثارت غضب البعض.
ورفضت قوى إعلان الحرّية والتغيير، الكتلة المدنيّة الرئيسة التي قادت الاحتجاجات المناهضة للبشير ووقّعت اتفاق تقاسم السلطة عام 2019 مع الجيش، اتفاق الأحد. وقالت في بيان: «نؤكد موقفنا الواضح والمعلن سابقاً، أنّه لا مفاوضات ولا شراكة ولا شرعيّة للانقلاب».
كما طالبت المجموعة بمحاكمة قادة الانقلاب بتهمة تقويض شرعيّة العمليّة الانتقاليّة وقمع المتظاهرين وقتلهم.
في الخرطوم ومدينتَي كسلا وعطبرة في شرق البلاد وشمالها، واصل آلاف السودانيين احتجاجاتهم ضدّ الانقلاب العسكري. وتحوّلت الاحتجاجات إلى تعبير عن رفض الاتفاق السياسي الجديد، حسب ما أكّد شهود عيان لوكالة الصحافة الفرنسية.
في المقابل، أطلقت الشرطة السودانيّة الغاز المسيل للدموع ضدّ متظاهرين خرجوا مساندين للحكم المدني قرب القصر الجمهوري بوسط الخرطوم.
وأفادت لجنة الأطبّاء المركزية المعارضة للانقلاب وللاتفاق بمقتل شاب يبلغ من العمر 16 عاماً بالرصاص ليرتفع عدد القتلى منذ إعلان الانقلاب إلى 41 شخصاً.
وبثّ التلفزيون تفاصيل الاتفاق السياسي الذي شمل 14 نقطة في مقدّمها: تولّي حمدوك مجدّداً رئاسة الحكومة و«إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والعمل على بناء جيش قومي موحّد».
ومن جهة أخرى، رحب المجتمع الدولي بالاتفاق بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومجموعة دول الترويكا (بريطانيا والنروج والولايات المتحدة).
كما رحبت القاهرة والرياض واللتان تربطهما علاقات عسكرية قوية مع الخرطوم بالاتفاق المعلن.
ويرى المحللون أنه بإتمام الاتفاق السياسي في السودان، يحاول البرهان إرضاء المجتمع الدولي شكلاً مع تثبيت هيمنة العسكر على المرحلة الانتقالية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».