مفاجأة الاغتراب اللبناني: نحو ربع مليون سجّلوا للمشاركة في الانتخابات

تضاعف عدد المغتربين اللبنانيين المسجلين للمشاركة في الانتخابات (الوكالة المركزية)
تضاعف عدد المغتربين اللبنانيين المسجلين للمشاركة في الانتخابات (الوكالة المركزية)
TT

مفاجأة الاغتراب اللبناني: نحو ربع مليون سجّلوا للمشاركة في الانتخابات

تضاعف عدد المغتربين اللبنانيين المسجلين للمشاركة في الانتخابات (الوكالة المركزية)
تضاعف عدد المغتربين اللبنانيين المسجلين للمشاركة في الانتخابات (الوكالة المركزية)

فاق عدد الناخبين اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية الذين تسجلوا للاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة كل التوقعات، ومع انتهاء مهلة التسجيل منتصف ليل السبت؛ بلغ العدد الكلّي للناخبين المسجلين 244.442 شخص، مقارنة بـ92.810 في انتخابات عام 2018.
وهذه المرة الثانية التي يتاح فيها للمغتربين اللبنانيين المخولين الاقتراع المشاركة في الاستحقاق الانتخابي. وفي وقت يؤكد فيه البعض أن الازدياد الكبير في التسجيل دليل على حماسهم ورغبتهم الشديدة في المشاركة في العملية الانتخابية، يرى البعض الآخر أن عدد المسجلين لا يعكس عدد المقترعين. وفي هذا الإطار؛ يوضح الباحث في شركة «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» أن «عدد اللبنانيين المسجلين بالاغتراب اليوم والذين يحق لهم الاقتراع في انتخابات 2022 هو 970000 ناخب، مقارنة بـ830000 ناخب، وعدد الذين سجلوا للاقتراع يشكل نحو 23 في المائة من الناخبين غير المقيمين، وهذه النسبة تعدّ متدنية، لكنها مقارنة مع عام 2018 تؤشّر إلى ارتفاع كبير».
وإذ يعدّ أن أعداد المسجلين لا تعني بالضرورة أن يكونوا كلهم مقترعين، يعدد العوامل المؤثرة، ويقول إن «هذا الارتفاع مؤشر مهم على حدوث تغير ما وحماسة أكبر، ولكن لمعرفة كيفية تأثير هذه الحماسة؛ علينا أن ننتظر طعن المجلس الدستوري الذي تقدّم به (تكتل لبنان القوي) والذي من الممكن أن يكرس انتخابات المسجّلين بستة نوّاب كلّ حسب قارّته، مما سيؤدي إلى أن تخف حماسة المغتربين للاقتراع».
نقطة أخرى يلفت إليها شمس الدين قد تعرقل عملية الاقتراع في الخارج، وهي أن «التسجيل للانتخابات يتطلب وثائق جديدة، ومن الممكن أن يحصل بجواز سفر أو إخراج قيد منتهي الصلاحية، إلا إن عملية الاقتراع تتطلب وثائق جديدة، وكثير من الأشخاص يسجلون أسماءهم لكن لا يستحصلون على تلك الوثائق، وبالتالي لا يقومون بعملية الاقتراع».
عامل ثالث يضيء عليه شمس الدين هو «احتمالية أن تكون مراكز الاقتراع بعيدة عن الناخبين، مما قد يعوق أو يمنع عملية انتخابهم»، ويذكر أنه في عام 2018 سجل ما عدده 83000 ألف ناخب، في حين اقترع منهم 47000؛ أي نحو 65 في المائة.
ورغم ذلك، فإنه يعد أنه «بمجرد أن يكون عدد المسجلين بهذا الشكل؛ فهذا مؤشر على أنه قد يكون هناك تأثير للاغتراب في الانتخابات المقبلة وشيء جديد، لكن علينا الانتظار لنعرف كيف وأين».
وينظر كثر إلى الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع إجراؤها في 27 مارس (آذار) المقبل بصفتها فرصة لتحدي النظام، وسط انهيار اقتصادي متسارع وبعد مرور أكثر من عامين على مظاهرات احتجاجية شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة الحاكمة.
وعمّا إذا كان هناك أي مؤشر على انتماءات المغتربين الذين تسجلوا، يقول شمس الدين إن «كل الدوائر الـ15 في لبنان شهدت ضغطاً على التسجيل، وتحديداً الدوائر المسيحية».
في المقابل؛ يشير مدير عام شركة «ستاتستيكس ليبانون» ربيع الهبر «لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الماكينات التي تنشط في الاغتراب تابعة للأحزاب السياسية، موضحاً أن أكبر عدد من المسجلين هو من أوروبا، وأكبر عدد منهم سجّل في فرنسا حيث تنشط ماكينات حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر».
وبحسب وزارة الخارجية، فقد سجل العدد الأكبر من الناخبين أسماءهم في أوروبا (نحو 75 ألفاً)، تلتها آسيا (أكثر من 61 ألفاً)، وأميركا الشمالية (نحو 60 ألفاً)، فيما لم يُسجل سوى 6350 شخصاً في أميركا اللاتينية.
وإذ يكاد الهبر يجزم بأن الفرق في الانتخابات المقبلة سيكون للقوى التغييرية التي ستحصد نحو 17 في المائة من البرلمان اللبناني، يعدّ أن الحراك المدني لن يحصل على أصواته من الاغتراب حيث تنشط ماكينات الأحزاب.
ويوضح الهبر أن أهمية عدد المسجلين للانتخابات تتمثل في الإقبال والحماسة واهتمامهم بالعملية الانتخابية في لبنان، مؤكداً أن نسبة 20 في المائة من المسجلين تعدّ كبيرة جداً؛ «إذ لا يتخطى عدد كل المغتربين المليون، وكل الكلام عن وجود 5 ملايين مغترب هو خارج إطار الواقع».
بحسب الهبر؛ فإنه «قد لا يتم قبول طلبات كل المسجلين في العملية الانتخابية، وفي عام 2018 تسجل 120000؛ قُبل منهم 84000».
عن إمكانية أن يحدث الاغتراب تغييراً ما في الانتخابات المقبلة، يجيب: «من الممكن أن يحصل تغيير، إلا إننا أمام لا حتمية ولا وضوح، ولكن عندما يضاف 200000 مقترع على العملية الانتخابية؛ فسيؤثر ذلك في مكان ما».
ويُشكك البعض في إمكانية إجراء الانتخابات في الموعد المحدد في مارس المقبل جراء اعتراض رئيس الجمهورية ميشال عون وحزبه السياسي «التيار الوطني الحر» وإصرارهما على أن تعقد في مايو (أيار) المقبل.
وفي هذا الإطار، يشرح الخبير الانتخابي سعيد صناديقي لـ«الشرق الأوسط»، أن «نسبة التسجيل في الاغتراب كبيرة، ولكن هناك كثير من العوامل التي تؤثر في عملية المشاركة؛ يذكر منها نسبة المشاركة التي ستكون محكومة بدورها بتوقيت حصول الانتخابات؛ أكان في شهر مارس أم مايو؛ مما سيحدث فرقاً كبيراً».
عامل مؤثر آخر يلفت له صناديقي؛ هو: «أين ستكون مراكز الاقتراع، وهل ستكون فقط في السفارات والقنصليات»، موضحاً أن «عدم افتتاح مراكز خارج مقار البعثات سيشكل عائقاً أمام المقترعين».
ويرى صناديقي أن «التأثير الأكبر للاغتراب غير مباشر، ومن خلال التسجيل استطعنا استنهاض المغترب اللبناني، مما ينعكس على عائلته في الداخل.
والأهم من صوت المغترب هو تأثيره على الداخل اللبناني؛ الأمر الذي يجب أن يعول عليه»، لكنه يؤكد أن «الرهان على أن كل من تسجلوا في الخارج سينتخبون الحركات التغييرية كلام غير دقيق؛ لأن المجتمع في الخارج يشبه الداخل، ومنهم من سينتخبون الأحزاب القائمة».



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.