بنيت يأمر بـ«التأهب» في القدس بعد عملية «حماس»

الحركة قالت إن العملية ثمن يجب أن تدفعه إسرائيل

انتنشار قوات شرطة الحدود في القدس الشرقية أمس بعد العملية (د.ب.أ)
انتنشار قوات شرطة الحدود في القدس الشرقية أمس بعد العملية (د.ب.أ)
TT

بنيت يأمر بـ«التأهب» في القدس بعد عملية «حماس»

انتنشار قوات شرطة الحدود في القدس الشرقية أمس بعد العملية (د.ب.أ)
انتنشار قوات شرطة الحدود في القدس الشرقية أمس بعد العملية (د.ب.أ)

أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، بزيادة اليقظة، خشية هجمات أخرى في القدس، بعد مقتل إسرائيلي وإصابة ثلاثة آخرين، في الهجوم الذي نفذه قرب باب السلسة، أحد قياديي حركة «حماس» في المدينة. وقال بنيت في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس الأحد: «هذا الهجوم هو الثاني في القدس خلال أيام. لقد أصدرت تعليماتي لقوات الأمن بالاستعداد وفقاً لهذه التطورات وإبداء اليقظة أيضاً، خوفاً من هجمات أخرى».
وأضاف «نحن بحاجة لمنع المزيد من الهجمات». وتابع: «يمكننا الحصول على الدعم المعنوي هذا الصباح من قرار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تعريف حماس، كمنظمة إرهابية. وحتى الآن، تم تعريف الذراع العسكرية فقط على هذا النحو. من الآن فصاعداً، سيتعرض أبناء الذراع السياسية أيضاً للعقوبات ذاتها».
التأهب خشية عمليات أخرى في القدس، جاء بعد أن تبنت حركة حماس الهجوم الذي نفذه المسؤول في الحركة في مخيم شعفاط في المدينة، فادي أبو شخيدم (42 عاماً). ونجح أبو شخيدم بالوصول إلى البلدة القديمة وهو يحمل سلاحاً من طراز «بيريتا M12» غير الشائع، ثم أطلق النار باتجاه أحد المستوطنين، وقتله، قبل أن يتحصن في أحد الأزقة ويواصل تقدمه ويشتبك مع مجندتين من عناصر «حرس الحدود» في الشرطة الإسرائيلية، ويصيبهما بجراح إلى جانب مستوطن آخر حالته خطيرة. وأدى الاشتباك إلى مقتل أبو شخيدم على الفور. وأظهر مقطع فيديو من موقع الهجوم، مطاردة الشرطة لمنفذ الهجوم مع خلفية لصوت يصرخ «النجدة» مراراً، يليه إطلاق نار.
وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومر بارليف: «إنه لولا تصرف مجندتين في المكان بشكل سريع خلال ثوانٍ، لواصل المنفذ عمليته». وأضاف، «لحسن الحظ أن الزقاق كان فارغاً وإلا كان سيقتل المزيد». واعتبر بارليف، أن الحادث الذي نفذه أحد رجالات حماس، كان مدبراً وتم التخطيط له جيداً لفترة من الزمن. واستند بارليف إلى أن زوجة منفذ العملية غادرت إسرائيل قبل أيام. وقال: «لقد درج على الحضور كل يوم للصلاة هنا في الحرم القدسي، واليوم قرر القدوم إلى هنا مع السلاح».
مضيفاً «أنه عضو في الجناح السياسي لحركة حماس. زوجته غادرت إلى الخارج منذ ثلاثة أيام، وابنه في الخارج أيضاً». وتابع، أن «حماس تحاول باستمرار تنفيذ عمليات في القدس والضفة، ثمة مخاوف من مزيد من الهجمات واستلهام هذا الهجوم من قبل آخرين».
ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مصدر أمني، قوله، إن «العملية مخطط لها منذ فترة». وجاء هجوم الأحد، بعد أيام من هجوم آخر نفذه فلسطيني في البلدة القديمة في القدس أيضاً، وأدى إلى إصابة عنصرين من الشرطة الإسرائيلية بجراح أثر طعنهما بسكين. لكن الفارق المهم، أن الهجوم الجديد بخلاف معظم الهجمات السابقة، كان مخططاً له وليس وليد تحرك منفرد من فلسطيني غاضب.
وعزز ذلك في إسرائيل، وجود خطة لإشعال القدس، وهي تهمة طالما ألصقتها إسرائيل بحماس التي تبنت الهجوم، وقالت إنها رساله واضحة بأن إسرائيل ستدفع ثمن تغولها في المدينة المقدسة. وقالت في بيان: «إن الشهيد الشيخ فادي أبو شخيدم منفذ عملية باب السلسلة في القدس، من قادة الحركة في مخيم شعفاط». وأضافت «لقد أمضى حياته بين دعوة وجهاد، وتشهد له أرجاء المدينة وجنبات المسجد الأقصى، وها هو يرتقي اليوم بعد معركة بطولية جندل فيها قوات الاحتلال، وأوقع فيهم قتلى وجرحى».
وأكدت حماس، أن «رسالة العملية البطولية تحمل التحذير للعدو المجرم وحكومته بوقف الاعتداءات على أرضنا ومقدساتنا، وأن حالة التغول التي تمارسها ضد المسجد الأقصى وسلوان والشيخ جراح وغيرها، ستدفع ثمنها». وتابعت: «خيار المقاومة الشاملة بأشكالها كافة وعلى رأسها المقاومة المسلحة هو القادر على لجم العدو ووقف عدوانه». وجاء في البيان «شعبنا الفلسطيني ماض في جهاده، وسيف القدس لا يزال مشرعاً».
وباركت غالبية الفصائل الفلسطينية العملية في القدس، والتزمت السلطة الفلسطينية الصمت التام. وقالت الجهاد الإسلامي، إن من يظن أن الفلسطينيين استسلموا، هو واهن، معتبرة أن العملية رسالة واضحة حول «قوة وحيوية المقاومة وتمسك الشعب الفلسطيني بها كنهج قادر على ردع الاحتلال وكسر عنجهيته». وقالت الجبهة الشعبية، إن المقاومة هي الخيار الأمثل لاقتلاع العدو. وأضافت، أن العملية «تأتي في إطار الرد الطبيعي على جرائم الكيان الصهيوني الفاشي، وليس آخرها استشهاد الأسير سامي العمور نتاج سياسة الإهمال الطبي».
أما إسرائيل التي تتجهز لمزيد من العمليات وتريد أن تحيط بكل ظروف العملية، فاقتحمت فوراً منزل أبو شخيدم في مخيم شعفاط عبر وحدة «اليمام» الخاصة، وعناصر من الشاباك، واعتقلوا ابنة منفذ الهجوم، آية، وشقيقه شادي، وابن شقيقه أحمد، كما سلمت شقيقه وسام، بلاغاً بالحضور للتحقيق، قبل أن تقتحم مدرسة الرشيدية الثانوية قرب باب الساهرة بالقدس، التي كان يعمل أبو شخيدم مدرساً فيها.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.