انهيار الليرة التركية يشعل الأسعار شمال غربي سوريا

أطفال إدلب يغنون احتفالاً بيوم الطفولة العالمي السبت الماضي (أ.ف.ب)
أطفال إدلب يغنون احتفالاً بيوم الطفولة العالمي السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

انهيار الليرة التركية يشعل الأسعار شمال غربي سوريا

أطفال إدلب يغنون احتفالاً بيوم الطفولة العالمي السبت الماضي (أ.ف.ب)
أطفال إدلب يغنون احتفالاً بيوم الطفولة العالمي السبت الماضي (أ.ف.ب)

تشهد أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في أسواق شمال غربي سوريا الواقعة ضمن مناطق المعارضة السورية، ارتفاعاً حاداً بالأسعار، تزامناً مع انهيار قيمة الليرة التركية (المتداول بها)، أمام العملات الأجنبية، منذ مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وقال الناشط وليد الحسن، إن انخفاض سعر الليرة التركية أمام العملات الأجنبية (وصل سعر صرفها، مؤخراً، أمام الدولار الأميركي إلى 1100 ليرة تركية)، تسبب في ارتفاع أسعار السلع بأكثر من 42 في المائة، في مناطق إدلب ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون بشمال حلب، لتبلغ خلال الأيام الماضية مستويات قياسية، هي الأعلى في المنطقة. يأتي ذلك، بعد رفع شركة «وتد للمحروقات» العاملة في مناطق إدلب، أسعار المشتقات النفطية (المازوت والبنزين المستورد والغاز)؛ الذي ترتبط أسعاره بالعملة التركية، الأمر الذي زاد من ارتفاع الأسعار بشكل عام، وعمق معاناة السوريين، في منطقة تعاني أصلاً من أعلى نسب في البطالة والفقر وتراجعاً في الأحوال المعيشية والمادية والاقتصادية، لا سيما لدى العوائل ذات الدخل المحدود.
وزادت حدة الاحتقان والغضب لدى الأهالي، بعد ارتفاع أسعار المحروقات إلى مستويات غير مسبوقة؛ إذ بلغ سعر أسطوانة الغاز المنزلي 137 ليرة تركية، أما سعر لتر البنزين 9.83، وسعر المازوت المستورد نوع أول 9.14 ليرة، أما المازوت المحسن (محلي) فوصل إلى 6.96 ليرة؛ ما أثر ذلك سلباً على أسعار باقي السلع في الأسواق وأجور الشحن والنقل. وقد وصل سعر كيلو لحمة العجل إلى 55 ليرة تركية، وسعر كيلو لحمة الخروف إلى 70 ليرة، وسعر كيلو الفروج الحي 14 ليرة، أما الزيت النباتي 18 ليرة. بينما ارتفعت أسعار الألبسة بنسبة 48 في المائة، تحديداً الألبسة الشتوية؛ نظراً للأجور المترتبة عليها أثناء الإنتاج والنقل، في الوقت الذي تعاني شريحة كبيرة من الناس من تردي الأوضاع المعيشية والمادية، وأجور عمال لا تتناسب مع الغلاء الراهن والمتسارع في أسعار السلع، إذ يتقاضى العامل في إدلب وريفها أجرة يومية لا تتجاوز 25 ليرة تركية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.