مساعٍ أميركية لإحياء المباحثات الكردية المتعثرة في سوريا

TT

مساعٍ أميركية لإحياء المباحثات الكردية المتعثرة في سوريا

كشفَ رئيس «المجلس الوطني الكردي» المعارض عن مساعٍ أميركية حثيثة لإحياء المباحثات الكردية المتعثرة، بعد عقد دبلوماسيين من الخارجية الأميركية، ثلاثة اجتماعات رسمية مع قادة الأحزاب الكردية المتناقضة خلال الشهر الحالي، وطرح حزمة أفكار وتوصيات لإعادة اللقاءات المباشرة بين طرفي الحركة الكردية، بهدف ترتيب الأوراق والأولويات بما ينسجم مع خطط الإدارة الأميركية من بوابة شرق الفرات.
وقال سعود الملا رئيس «المجلس الكردي»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن أعضاء المجلس عقدوا اجتماعين مع دبلوماسيين أميركيين؛ الأول كان في العاشر من الشهر الحالي، مع نائب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ديفيد براونشتاين، الذي نقل التزام واشنطن برعاية المفاوضات الداخلية، بين أحزاب «المجلس» و«أحزاب الوحدة الوطنية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي السوري»، والعمل على تذليل العقبات لإعادة إحياء المباحثات الكردية، وأن الاجتماع الثاني كان بين نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش، وممثلي المجلس في الائتلاف المعارض في مدينة إسطنبول التركية في 17 من الشهر.
وكان الاجتماع الثالث في 14 من الشهر الحالي في مدينة الحسكة، بين إيثان غولدريتش ومظلوم عبدي قائد قوات «قسد» وإلهام أحمد الرئيسية التنفيذية لمجلس «مسد». وقد نقل الدبلوماسيون الأميركيون تعهد واشنطن برعاية المباحثات الكردية.
وأوضح الملا أن أكثر القضايا الخلافية بين قطبي الأحزاب الكردية، هي سلة الحماية والدفاع، حيث يعد المجلس الغطاء السياسي لقوات «بيشمركة روج»، المنتشرة منذ تأسيسها، في عام 2012، في أراضي إقليم كردستان العراق المجاور. وقال: «بحثنا مع الأميركيين مساعي التحالف الدولي لتوفير الظروف المناسبة لعودة القوات إلى أرض الوطن، للمشاركة في الدفاع عن شعبهم ومناطقهم، لكن هذه الدعوات قُوبلت بالرفض من قبل (حزب الاتحاد الديمقراطي السوري)».
كما لفت إلى أن الطرفين الكرديين وقعا اتفاقية بالأحرف الأولى، منتصف العام الماضي؛ نصت على الاستناد إلى اتفاقية دهوك (وقعت نهاية 2014)، التي تضمنت الشراكة العسكرية بين قطبي الحركة.
\واتهم حزب الاتحاد بعدم تنفيذ مضمونها، مضيفاً: «بحثنا مع الأميركيين التهديدات التي تتعرض لها عوائل (بيشمركة روج) داخل سوريا للضغط على أبنائهم من أجل ترك صفوف القوات، بغرض إفشال دعوات استئناف المباحثات الكردية والتهرب من تنفيذ بنود الاتفاقيات».
في شأن آخر، خرجت مظاهرة أهلية بالقرب من دوار المدينة الصناعية شمال مدينة دير الزور، وعبر المشاركون عن رفضهم مرور رتل عسكري للقوات الروسية عبر قرى المنطقة. وأشعل المحتجون الإطارات واعترضوا طريق الرتل، وتدخلت قوات أميركية لتهدئة الأوضاع وحماية المشاركين. ونشرت صفحات محلية بينها «شبكة دير الزور 24» و«فرات بوست»، مقاطع فيديو وصور لحظة قيام المحتجين بإشعال إطارات على أحد الطرق الرئيسية لاعتراض الرتل الروسي.
وبعد توسع حركة الاحتجاجات، تدخلت القوات الأميركية وتوجهت نحو دوار الصناعة لتهدئة الوضع وحماية المتظاهرين الذين اعترضوا عبور الروس، لتنسحب القوات الروسية مع تحليق على علو منخفض للمروحيات الحربية باتجاه مناطق سيطرة القوات الحكومية جنوب نهر الفرات ودخلت عبر منفذ الصالحية.وتعد هذه الحادثة الثانية من نوعها، حيث منع أبناء بلدات ريف دير الزور الشرقي، الشهر الماضي، مرور دورية عسكرية روسية عبرَ مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) نحو مناطق تمركزها في مدينة الرقة شمال سوريا.
إلى ذلك قال المكتب الإعلامي لقوات «قسد»، إن الجيش التركي والفصائل السورية الموالية خرقت اتفاقيات خفض التصعيد 13 مرة خلال ثلاثة أيام فقط؛ حيث تعرضت مواقع القوات ومناطق نفوذها بريف مدينة الحسكة الشمالي، وبلدة عين عيسى وريف تل أبيض الغربي التابعة لمحافظة الرقة، للقصف المدفعي والصاروخي واستخدام الأسلحة الثقيلة وتحليق طيران الاستطلاع.
وقصفت المدفعية التركية في 18 من الشهر الحالي قرى هوشان والخالدية التابعة لبلدة عين عيسى والطريق الدولي السريع (إم 4)، كما قصفت في اليوم نفسه، قرى العريضة وخربة بقر في الريف الغربي لمدينة تل أبيض، وفي اليوم التالي، قصف الجيش التركي بالأسلحة الثقيلة، قرية الخالدية والطريق الدولي بريف عين عيسى الغربي. كما تعرضت قرية صكيرو وتقع بالجهة الشرقية من المنطقة ذاتها، لرشقات من الأسلحة الرشاشة. وكثف الجيش التركي قصفه بالأسلحة الثقيلة قرى الدبس والطريق الدولي، بالتوازي مع قصف آخر تعرضت له قرية الفاطسة في عين عيسى. كما تعرضت قريتا الصفاوية ومحيط صوامع الشركراك في المحور نفسه، لرشقات من الأسلحة الرشاشة أثناء توجه المدنيين إلى مزارعهم.
وحسب إحصاءات المركز الإعلامي لقوات «قسد»، حلقت طائرات الاستطلاع التركية المسيّرة 7 مرات في أجواء المنطقة، بينها مرتان في القامشلي بالحسكة، ومرة واحدة بعين عيسى في الرقة، و4 مرات بمدينة عين العرب (كوباني) الواقعة بريف حلب الشرقي.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.