اتفاق البرهان - حمدوك... بحساب الربح والخسارة

البرهان وحمدوك خلال توقيع الاتفاق (رويترز)
البرهان وحمدوك خلال توقيع الاتفاق (رويترز)
TT

اتفاق البرهان - حمدوك... بحساب الربح والخسارة

البرهان وحمدوك خلال توقيع الاتفاق (رويترز)
البرهان وحمدوك خلال توقيع الاتفاق (رويترز)

على وقع هدير المواكب، وبعد أيام وأسابيع دامية، سقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى، وانقسامات سياسية حادة... يجيء توقيع اتفاق البرهان - حمدوك، مفاجئاً في توقيته مثيراً للجدل في الشارع السياسي، وسط ترقب محفوف بالحذر في الشارع الغاضب.
هل ما حدث طوقُ نجاة للفترة الانتقالية، أم خطوة إلى الوراء في اتجاه الإجراءات الاستثنائية التي جرت في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفيما يرى بعض أنَّ الاتفاق يعد تاريخياً، ويضع حلولاً لأزمة سياسية ممتدة منذ شهور، تخشى قوى سياسية أخرى، من أن يختصر حضور المكون المدني، في شخصية حمدوك فقط.
فما الجديد في الاتفاق... وما الإيجابي فيه وما سلبيته؟
يرى المتفائلون إشارات إيجابية عديدة في الاتفاق منها «عودة الوثيقة الدستورية إلى الحياة»، و«إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين»، و«تكوين لجنة تحقيق في أحداث قتل المتظاهرين».
فرغم «العنف المفرط» الذي وقع خلال الفترة الماضية، ومقتل وجرح العشرات، فإن عودة العملية الانتقالية إلى مسارها، وإن لم تكن بشروط المدنيين، فإنها تصبُّ في خانتهم مستقبلاً، إذا ما تمَّ تنفيذ بنود هذا الاتفاق بحرفيته. وهو مطلب رئيسي للكثيرين.

وفي اتجاه ثانٍ فإنَّ إطلاق يد الدكتور حمدوك، في تشكيل حكومة مدنية من تكنوقراط مستقلين، من دون تدخل من قبل المكون العسكري، تعد نقطة إيجابية أيضاً... فالاتفاق حدّد مهام المجلس السيادي، وحصره في الإشراف على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية، من دون التدخل في مهام العمل التنفيذي.

وتعني هذه الخطوة أنَّ الحكومة المدنية، بات في مقدورها الآن، العمل على تشكيل بقية المؤسسات الانتقالية والعدلية بما فيها، المحكمة الدستورية ورئيس القضاء والنائب العام، التي كانت نقاط خلاف عميقة بين المكونين العسكري والمدني.
كما أنَّ الاتفاق على تكوين المجلس التشريعي (البرلمان) من «40 في المائة من شباب الثورة» هو ضمانة جديدة لثورة ديسمبر (كانون الأول) ومساراتها المختلفة، وقد يكون مبعث طمأنينة للشارع المشتعل.
وترى قوى سياسية في الساحة، أنَّ ما تمَّ هو «فن الممكن»، حيث لا يمكن لأي طرف إقصاء الآخر، فلا تستطيع القوى السياسية، تجاوز المكون العسكري، كما لا يستطيع المكون العسكري أن يحكم منفرداً.
كما أنَّ اللافت في الاتفاق هو إبعاد الأحزاب السياسية عن المشاركة في حكومة الفترة الانتقالية، وهي خطوة يرى فيها مراقبون فرصة لهذه الأحزاب من أجل أن تهتم بترتيب بيتها الداخلي، والاستعداد للانتخابات المقبلة في يوليو (تموز) 2023.
ولكن في المقابل فإنَّ هذا الاتفاق الذي قسم الآراء في الشارع حتى الآن، وأثار سجالات واسعة، وصفته بعض القوى السياسية بأنه «اتفاق خيانة» ومرفوض جملة وتفصيلاً، ولا يخص سوى أطرافه، وفقاً لما ورد من تجمع المهنيين، الذي اعتبر الاتفاق «مجرّد محاولة باطلة لشرعنة الانقلاب الأخير وسلطة المجلس العسكري». بل إنَّ هذا التجمع الذي يقود الحراك في الشارع عدَّه «انتحاراً سياسياً» لعبد الله حمدوك.
https://www.facebook.com/SdnProAssociation/photos/a.1066020196758000/5272981006061877/
ولكن رئيس الوزراء يقول إنَّه اتخذ هذا القرار من أجل «حقن دماء السودانيين وسيكون حصناً للفترة الانتقالية».
وعلى الرغم مما قيل في هذا الاتفاق، فإنَّه يبدو قابلاً للحياة، فما شاهدناه من رد الفعل الإيجابي للمجتمع الدولي والإقليمي، المؤيد لما حصل يمكن أن يكون حافزاً للطرفين على المضي قدماً في تنفيذ ما اتفقا عليه لإنقاذ البلد من الفوضى والالتفات لصنع التقدم.
وقد لعبت دول عدة دوراً في الوصول لهذا الاتفاق، أهمها دول الترويكا، والولايات المتحدة خصوصاً، التي زار عدد من مسؤوليها الخرطوم في الفترة الماضية، ومنهم مساعدة وزيرة الخارجية مورلي فيي، ومبعوث الولايات المتحدة للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، وما رافق ذلك من التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية أنطوني بلينكن، التي طالبت بإعادة الحكم المدني وإطلاق المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. كما أنَّ الضغوط التي فرضها الكونغرس بضرورة معاقبة معرقلي الفترة الديمقراطية لعبت دوراً في الوصول إلى هذه النتائج.
https://twitter.com/alekhbariyatv/status/1462410775373438976
ويبقى السؤال... هل سيهدأ الشارع المشتعل بعد الوصول إلى هذا الاتفاق الذي باركته دول عدة، أم أنه سيستمر مشتعلاً وغاضباً؟
وهل ستسكت لغة السلاح في الشارع، تقديراً لهذا الاتفاق، وقد سقط شهداء أثناء التوقيع.
وهل سيتم إطلاق المعتقلين السياسيين، والبدء في التحقيق جرائم القتل، وتقديم الفاعلين إلى المحاكمة، كما جاء في الوثيقة الجديدة.
وهل سيفي قادة الجيش بوعودهم هذه المرة، والقيام بخطوة توحيد الجيوش التي فشلت المرحلة السابقة.
تبقى أسئلة مطروحة... ويبقى الأمل معقوداً لإنقاذ البلاد.
والأيام المقبلة حبلى بالأحداث... وتحمل الإجابات الشافية.



مصر: مطالبات بمراجعة دورية للبنايات مع تكرار حوادث الانهيار

أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)
أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)
TT

مصر: مطالبات بمراجعة دورية للبنايات مع تكرار حوادث الانهيار

أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)
أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)

جدد انهيار بناية في محافظة الإسكندرية في الساعات الأولى من صباح (الأحد) المطالبات بمراجعة دورية لحالة البنايات مع تكرار وقائع انهيارها، بينما أسفر الحادث عن وفاة شخصين وإصابة 5 آخرين.

والعقار المنهار مكون من دور أرضي و4 أدوار علوية بالإضافة إلى جزء من دور خامس، ويضم 6 وحدات سكنية، وصادر بحقه قرار منذ عام 1993 يقضي بهدم الدور الرابع والجزء الخاص بالدور الخامس مع ترميم بقية العقار، وهو القرار الذي لم ينفَّذ حتى انهيار أجزاء منه، فجر الأحد، بحسب بيان رسمي صادر عن المحافظة.

ووجَّه محافظ الإسكندرية أحمد خالد والذي زار المصابين بسرعة صرف التعويضات المستحقة، ورفع الأنقاض مع التأكد من سلامة العقارات المجاورة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة المواطنين فيها.

وجَّه محافظ الإسكندرية بالتأكد من سلامة العقارات المجاورة (محافظة الإسكندرية)

وتتكرر حوادث انهيار العقارات في الإسكندرية بين الحين والآخر لأسباب متباينة كان من بينها مخالفات البناء، وعدم تنفيذ قرارات الإزالة والترميم الصادرة للمباني، بالإضافة إلى مخالفات البناء التي زادت بشكل كبير بعد عام 2011، بحسب تقارير رسمية صدرت عن المحافظة في وقت سابق.

وأكد أستاذ التخطيط العمراني سيف الدين فرج لـ«الشرق الأوسط» أن تكرار وقائع انهيار العقارات في مصر لا يشكل أزمة مقارنة بعدد البنايات الموجودة، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في غياب وجود شركات لصيانة العقارات تعمل على معالجة أي مشكلات تطرأ عليها بشكل سريع.

وأضاف فرج أن بعض العقارات المنهارة يكون السبب فيها مشكلة بالصرف تُركت فترة طويلة دون إصلاح أو مشكلات كان يمكن إصلاحها بشكل سريع، وتجنب الوصول لمرحلة الانهيار، الأمر الذي يتطلب جهوداً من الدولة للدفع نحو إنشاء مثل هذه الشركات التي سيكون وجودها ضماناً للحد من حوادث الانهيارات.

ورصدت إحصائيات رسمية صادرة عن محافظة الإسكندرية عام 2022، شكاوى الانهيارات الجزئية والكلية والسقوط بـ484 شكوى، بينما قدَّر رئيس «لجنة التنمية المحلية» بالبرلمان المصري أحمد السجيني عدد المباني المخالفة في مصر بـ3 ملايين مبنى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

انهار العقار على سيارات مصطفة أمامه (محافظة الإسكندرية)

وأكد محافظ الإسكندرية الأسبق رضا فرحات لـ«الشرق الأوسط» أن جزءاً من مشكلة تنفيذ قرارات الإزالة في المباني الصادر بحقها هذه القرارات يرجع لصعوبة توفير مساكن بديلة، وعدم قدرة السكان على الخروج من العقار، بل إنه في بعض الحالات يوقِّع السكان على إقرارات بالإقامة على مسؤوليتهم الشخصية.

وأضاف: «العقارات بالإسكندرية لها طبيعة خاصة بسبب العوامل المناخية التي تجعل هناك ضرورة لمتابعة المباني وسلامتها من جميع النواحي بشكل أكثر من غيرها، بجانب وجود بعض العقارات المتهالكة التي لم تخضع للصيانة أو التي بها مشكلات في الأعمال الإنشائية».

وشهدت مصر في الأسابيع الأخيرة تكراراً لوقائع انهيار بنايات في عدد من المحافظات، من بينها القاهرة التي شهدت الشهر الماضي انهيار 4 بنايات أدت لمقتل 18 شخصاً على الأقل وإصابة آخرين.

وأكد أستاذ التخطيط العمراني سيف الدين فرج مرة أخرى أن الصيانة والمتابعة الدورية لسلامة العقارات بعد إنشائها ستحدان بشكل كبير من تكرار هذه الحوادث التي لا يمكن وصفها بالظاهرة، مؤكداً أن وجود «اتحاد لشاغلي العقارات» والتنسيق مع الجهات المعنية فيما يتعلق بتنفيذ الاشتراطات المطلوبة للسلامة سيحدان من هذه الحوادث التي تقع نتيجة - في الغالب - استمرار تجاهل وتأجيل أعمال الترميم أو الإزالة للمخالفات.