تدين تيريز لوكين غيزيل سفيرة النرويج، إحدى دول «الترويكا» حول السودان، القمع «الذي لا يحتمل» ضد المعارضين للانقلاب في هذا البلد الذي كان يبني عليه العالم «آمالا كبيرة»، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية.
ومنذ سنوات، تواكب بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج، السودان في طريقه المتعثر نحو الديموقراطية. ووصلت غيزيل إلى السودان في خريف 2020 عندما كانت الخرطوم تصنع السلام مع متمردين سابقين وتنهي نزاعات دموية.
لكن الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) وحملات التطهير واعتقال المئات والقمع الذي خلف 40 قتيلاً ومئات الجرحى، أوقف هذه الفترة الانتقالية التي بدأت مع إطاحة الرئيس عمر البشير بعد حكم استبدادي دام ثلاثين عاما، تحت ضغط الشارع.
وروى أطباء أن قوات الأمن بعدما قطعت الاتصالات، أطلقت مجددا النار على المتظاهرين الأربعاء وطاردتهم داخل المستشفيات والمنازل.
قالت الدبلوماسية النرويجية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «عرقلة الوصول إلى المستشفيات (...) أمر غير مقبول وغير قانوني مثل قطع الاتصالات»، مؤكدة أن «كل هذه الأعمال لا تؤدي إلى أي حوار بناء». وأوضحت أنها أبلغت العسكريين باعتراضها على «الاستخدام غير المتكافئ للقوة».
يبدو الفريق أول البرهان ثابتا في موقفه. وهو يقسم بأنه تحرك واعتقل معظم المدنيين الذين تقاسم معهم السلطة منذ 2019 من أجل «تصحيح مسار الثورة» فقط.
لكن غيزيل ترى في ذلك «إجراء أحادي الجانب من قبل أحد الشركاء في المرحلة الانتقالية، الشريك العسكري». وقالت إن الحكومة النرويجية «تعتبره انقلابًا» لهذا السبب.
وحصل الانقلاب بسلاسة فجر 25 أكتوبر في بلد تهزه أزمة منذ أسابيع. فقد كانت الكتلة المدنية تتصدع ومئات المتظاهرين معتصمون للمطالبة بـ«حكومة عسكرية»، بينما أعلن البرهان نفسه أنه أحبط انقلابا في نهاية سبتمبر (أيلول).
وقالت غيزيل «كنا نعرف أن هناك مشاكل لكن كان يمكن مناقشتها وحلها من قبل الشركاء أنفسهم».
وهي تلتقي بانتظام منذ الانقلاب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي يخضع لإقامة جبرية والفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة، أعلى المؤسسات الموقتة. وقالت سفيرة النرويج أن كلا منهما يريد مثل القادة الآخرين «إعادة رسم الشراكة بين العسكريين والمدنيين» التي تشكل حجر الأساس لما بعد البشير وتحولت بسرعة «شراكة دم» بين القادة المدنيين غير القادرين على فرض أنفسهم والعسكريين الذين يعتقدون أنه لا يمكن عزلهم ومتمردين سابقين سارعوا للانضمام إلى الجيش.
وقالت غيزيل «في كل لقاءاتنا أسمع غضب وإحباط الجانبين». كان الجميع يريدون إعادة خلط الأوراق، لكن البرهان هو من قام بذلك في نهاية المطاف عبر إرسال جنود لاعتقال حمدوك الذي يخضع حاليا للإقامة الجبرية. أوردت غيزيل «فوجئنا لأننا كانت لدينا آمال كبيرة» بالنسبة للسودان الذي كان قد بدأ خفض معدلات التضخم إلى حوالى 400 في المائة وعاد إلى الأسرة الدولية مع شطبه من «لائحة الإرهاب» الأميركية ووعد بانتخابات حرة في 2023، بحسب غيزيل.
إلى درجة أن أوسلو رفعت مساعداتها ثلاثة أضعاف في 2020، لتبلغ 27 مليون يورو. وأوضحت الدبلوماسية أن التحويلات المالية معلقة الآن مثل مساعدات الولايات المتحدة أو البنك الدولي «لأننا نريد أولاً خطة لإنهاء الأزمة». وهذه الخطة حسب سفيرة النرويج ونظرائها الأميركي والأوروبيين في الخرطوم، تمر بعودة حمدوك إلى منصبه. لكن يبدو أن الفريق أول البرهان مصمم على ترسيخ الأمر الواقع الجديد. ففي 11 نوفمبر (تشرين الثاني) أعاد تعيين نفسه في منصب رئيس مجلس السيادة الذي أقال منه آخر الأعضاء المؤيدين لسلطة مدنية بالكامل.
وشددت الترويكا على أن هذه الخطوة «تعقد الجهود لإعادة الانتقال إلى مساره الصحيح». وقالت السفيرة النرويجية إن «الضغوط الدولية مستمرة»، مشيرة إلى أن «هناك أيضا ضغطا قويا من الداخل». وأضافت أنه «لا يزال هناك أمل» في الانتقال في السودان، الذي ظل في شكل شبه منقطع تحت حكم الجيش منذ استقلاله.
الترويكا: القمع «غير المحتمل» أحبط «آمالاً كبيرة» في السودان
الترويكا: القمع «غير المحتمل» أحبط «آمالاً كبيرة» في السودان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة