مصر تعرض لمسؤولين أميركيين «تداعيات وأضرار» سد النهضة

أكدت ضرورة وجود «إجراءات محددة» للتعامل مع حالات الجفاف

صورة أقمار صناعية لسد النهضة الإثيوبى (رويترز)
صورة أقمار صناعية لسد النهضة الإثيوبى (رويترز)
TT

مصر تعرض لمسؤولين أميركيين «تداعيات وأضرار» سد النهضة

صورة أقمار صناعية لسد النهضة الإثيوبى (رويترز)
صورة أقمار صناعية لسد النهضة الإثيوبى (رويترز)

بعد أسبوعين تقريباً من ختام جولة الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن، التي تطرقت لملف «سد النهضة» الإثيوبي، استقبل وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، أمس، ماثيو باركس، خبير المياه بالحكومة الأميركية، ونيكول شامبين، نائب السفير الأميركي بالقاهرة، فضلاً عن ممثلين للسفارة، في لقاء تركز في جانب كبير منه على التحديات التي يمثلها السد الذي تبينه أديس أبابا وخلفيات عملية التفاوض المتعثرة بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى.
وقال عبد العاطي إن بلاده أبدت «مرونة كبيرة خلال مراحل التفاوض المختلفة لرغبتها في التوصل إلى اتفاق عادل وملزم فيما يخص ملء وتشغيل السد»، مشيراً إلى «ضرورة وجود إجراءات محددة للتعامل مع حالات الجفاف المختلفة في ظل اعتماد مصر الرئيسي على نهر النيل». وأضاف عبد العاطي أن مصر «قامت بمحاولات عديدة لبناء الثقة خلال مراحل التفاوض، إلا أن ذلك لم يقابل بحسن نية من الجانب الإثيوبي، كما سبق لمصر اقتراح إنشاء صندوق للبنية التحتية بالدول الثلاث (مصر، والسودان، وإثيوبيا)، ليفتح مجالاً للتعاون ولكن لم يتم تفعيله حتى الآن، كما طرحت مصر فكرة ربط شبكات الكهرباء بالدول الثلاث، ولكن إثيوبيا رفضت هذا المقترح أيضاً».
الوزير المصري، أوضح كذلك للمسؤولين الأميركيين، أن «أي نقص في المياه سيؤثر على العاملين بقطاع الزراعة، ما سيسبب مشاكل اجتماعية وعدم استقرار أمني في المنطقة ويزيد من الهجرة غير الشرعية». واتهم عبد العاطى الجانب الإثيوبي بأنه «يقوم بالإيحاء بأنه مضطر للملء باعتباره ضرورة إنشائية وبغرض توليد الكهرباء، وهو أمر مخالف للحقيقة»، وفق تقديره، مدللاً على ذلك بإجراء «الملء الإثيوبي خلال العام الماضي على الرغم من عدم جاهزية توربينات السد لتوليد الكهرباء، كما قام بتكرار السيناريو نفسه هذا العام دون توليد الكهرباء أيضاً حتى الآن، حيث لم يتم تشغيل توربينات التوليد المبكر بالسد، وهو الأمر الذى يثير كثيراً من التساؤلات حول إصرار إثيوبيا على ملء السد من دون توليد كهرباء».
وفيما بدا حرصاً مصرياً على تفنيد الإفادات الإثيوبية بشأن السد، قال عبد العاطي إن «الجانب الإثيوبي تعمد إصدار بيانات مغلوطة وإدارة السد بشكل منفرد، ما تسبب في حدوث أضرار كبيرة على دولتي المصب والتي تتكلف مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات لمحاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن هذه الإجراءات الأحادية التي أحدثت ارتباكاً في نظام النهر، كما تمت الإشارة إلى الأضرار التي تعرض لها السودان نتيجة الملء الأحادي في العام الماضي، والذي تسبب في معاناة السودان من حالة جفاف قاسية أعقبتها حالة فيضان عارمة بسبب قيام الجانب الإثيوبي بتنفيذ عملية الملء الأول من دون التنسيق مع دولتي المصب، ثم قيام الجانب الإثيوبى بإطلاق كميات من المياه المحملة بالطمي خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 دون إبلاغ دولتي المصب، ما تسبب في زيادة العكارة بمحطات مياه الشرب بالسودان».
وتطرق اللقاء إلى «مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط»، الذي يهدف لتحويل نهر النيل لشريان ملاحي يربط بين دول حوض النيل، ويشتمل على ممر ملاحي وطريق وخط سكة حديد وربط كهربائي وكابل معلومات لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل، فيما نقل البيان المصري عن الخبير الأميركي، ونائب السفير «اهتمامهما بالمشروع باعتباره أحد أهم المشروعات الإقليمية الواعدة التي تدفع عجلة التنمية، وتحسن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لكل الدول المشاركة فيه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».