ماليزيا تعيد العمل بقانون مثير للجدل يسمح بالاحتجاز من دون محاكمة

إقرار المشروع تزامن مع الإعلان عن توقيف 17 بشبهة التخطيط لهجمات

صورة وزعتها وكالات الأنباء أمس لتمرين قامت به قوة أمنية خاصة لمواجهة هجوم إرهابي مفترض في كوالالمبور في 25 مارس الماضي (أ.ب)
صورة وزعتها وكالات الأنباء أمس لتمرين قامت به قوة أمنية خاصة لمواجهة هجوم إرهابي مفترض في كوالالمبور في 25 مارس الماضي (أ.ب)
TT

ماليزيا تعيد العمل بقانون مثير للجدل يسمح بالاحتجاز من دون محاكمة

صورة وزعتها وكالات الأنباء أمس لتمرين قامت به قوة أمنية خاصة لمواجهة هجوم إرهابي مفترض في كوالالمبور في 25 مارس الماضي (أ.ب)
صورة وزعتها وكالات الأنباء أمس لتمرين قامت به قوة أمنية خاصة لمواجهة هجوم إرهابي مفترض في كوالالمبور في 25 مارس الماضي (أ.ب)

أقر البرلمان الماليزي أمس مشروع قانون لمكافحة الإرهاب يسمح باحتجاز المشتبه بهم من دون محاكمة، في خطوة وُصفت بأنها تشكل انتهاكا واسعا لحقوق الإنسان. وتزامنت المصادقة على هذه المشروع مع إعلان الحكومة عن أن 17 شخصا تم توقيفهم نهاية الأسبوع الماضي خططوا لاختطاف شخصيات مهمة وتنفيذ هجمات إرهابية تأثرا بتنظيم داعش.
واقترح أعضاء المعارضة في البرلمان عددا من التعديلات على مشروع القانون الذي يمكن بموجبه اعتقال أشخاص لمدة تصل إلى عامين مع إمكانية التمديد لمدة عامين بعد ذلك، إلا أن التصويت عليه جرى دون تعديل. وكان لماليزيا سلطة الاحتجاز دون محاكمة بموجب «قانون الأمن الداخلي» الذي ألغاه رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق في 2012 في إطار برنامجه الإصلاحي.
وقال النائب المعارض نغارجان سوريندران إن القانون «ينص على احتجاز طويل الأمد ومن دون محاكمة»، وبالتالي فإنه يشكل انتهاكا خطيرا للديمقراطية. أما نائب مدير مكتب آسيا في منظمة «هيومان رايتس ووتش» فيل روبرتسون، فوصف الخطوة بأنها انتكاسة كبيرة لحقوق الإنسان في ماليزيا. وقال في بيان أمس: «مع العودة إلى قانون الاحتجاز إلى أجل غير مسمى دون محاكمة تعيد ماليزيا فتح صندوق الشرور لإجراءات الدولة التعسفية المدفوعة سياسيا التي اعتقد كثيرون أنها انتهت عندما ألغي قانون الأمن الداخلي المتعسف في عام 2012».
ويسمح القانون الجديد للشرطة باعتقال واحتجاز الأفراد المشتبه في قيامهم بأنشطة إرهابية مع إمكانية اتخاذ مجلس مكافحة الإرهاب قرارات لتمديد فترة الاعتقال. ويتخطى القانون السلطة القضائية ولا يسمح للمحاكم بالولاية القضائية على القرارات التي يتخذها المجلس.
وطالما حذرت السلطات الماليزية من الخطر الوشيك للهجمات الإرهابية تزامنا مع صعود تنظيم داعش في سوريا، مشيرة إلى أن العشرات من هذا البلد ذات الغالبية المسلمة تطوعوا للقتال إلى جانب التنظيم الجهادي. وواصلت الشرطة حملتها يوم الأحد الماضي على المتشددين المشتبه بهم، إذ اعتقلت 17 شخصا بينهم اثنان عادا في الآونة الأخيرة من سوريا. وأعلن رئيس الشرطة الماليزية الوطنية خالد أبو بكر أن المعتقلين استوحوا أفكارهم من تنظيم داعش، وكانوا يخططون لاختطاف شخصيات مهمة وشن هجمات إرهابية. وأضاف أنهم خططوا لسرقة مصارف بهدف تأمين التمويل ولاقتحام منشآت عسكرية ومراكز للشرطة للحصول على السلاح. وأوضح المسؤول في بيان أن «17 شخصا تتراوح أعمارهم بين 14 و49 عاما اعتقلوا خلال اجتماع سري للتخطيط لهجمات إرهابية في منطقة كوالالمبور». وتابع أن «هدف هذه المجموعة الإرهابية الجديدة كان تشكيل تنظيم مشابه لتنظيم داعش في ماليزيا. وتضمنت مخططاتهم خطف شخصيات رفيعة المستوى». وكان من المفترض أن تستهدف الاعتداءات مواقع خارج العاصمة كوالالمبور ومنطقة بوتراجايا القريبة التي تشكل مقرا لدوائر الحكومة الفيدرالية.
وتحتج المعارضة السياسية على عدم إفصاح الحكومة عن تفاصيل بشأن عشرات الاعتقالات أو حتى عن حجم الخطر الإرهابي الذي تحذر منه. وفي هذا الصدد أشار سوريندران إلى أنه ليس مصادفة الجمع بين الإعلان عن الاعتقالات وطرح قانون مكافحة الإرهاب. ويخشى معارضون للتحالف الحكومي الحاكم منذ الاستقلال في عام 1957 أن يستخدم لتبرير الاعتقالات من دون محاكمة. وعادة ما لجأت السلطات إلى قانون أمني سابق يسمح بهذا النمط من الاعتقالات، وكان يُستخدم أساسا لاعتقال معارضين سياسيين لفترات طويلة. وتم إبطال العمل به عام 2012 إثر ضغوط سياسية واسعة.
وواجه حزب المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة، المسيطر على التحالف الحكومي الحالي، تراجعا في الانتخابات الأخيرة مقابل تقدم حزب معارض يتهمه بالفساد واستغلال النفوذ. وتعهد رئيس الوزراء عبد الرزاق عام 2011 بتعزيز الديمقراطية وأطلق حملات للانفتاح السياسي، إلا أنه تغير بالكامل منذ التراجع الذي تم تسجيله في انتخابات عام 2013. واتُّهم العشرات من المعارضين السياسيين والأكاديميين والناشطين والصحافيين بالتحريض فضلا عن اتهامات أخرى في حملة يقول محللون سياسيون إن هدفها الضغط على المعارضة.
وصادق البرلمان على القانون المثير للجدل في وقت مبكر فجر أمس بعد نقاش استمر طوال الليل. وفي أغسطس (آب) الماضي، قالت الشرطة إنها أحبطت هجمات مستوحاة من تنظيم داعش لتفجير حانات ونوادٍ ليلية ومصنع لإنتاج الجعة. واعتقلت أكثر من 10 أشخاص. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أعلنت الشرطة توقيف 120 شخصا في الإجمال للاشتباه بصلتهم بتنظيم داعش أو السعي للذهاب إلى سوريا أو العراق. وأوضحت آنذاك أن 67 ماليزيا توجهوا إلى الخارج للالتحاق بتنظيم داعش و5 منهم قاتلوا في صفوف التنظيم المتطرف وسقطوا قتلى.



القضاء الكوري الجنوبي يُصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
TT

القضاء الكوري الجنوبي يُصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه، فيما أعلن زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون أن بلاده اختبرت بنجاح، الاثنين، صاروخاً فرط صوتي جديداً سيساهم في ردع «جميع الخصوم» في المحيط الهادئ، على ما أوردت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية الثلاثاء.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائه نظيره الكوري الجنوبي شو تاي-يول (أ.ف.ب)

ويجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

تحاول الشرطة إيقاف المتظاهرين خلال مظاهرة ضد الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)

واضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين. وعزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن 5 سنوات.

وجاء في بيان أصدره المحققون، الثلاثاء، «إن مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر، الاثنين، دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا حوالى 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي، وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

موالون للرئيس المعزول يون سوك يول يتظاهرون في سيول صباح اليوم احتجاجاً على أمر الاعتقال (أ.ب)

وأعلن الحزب الديموقراطي المعارض، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أنه قدم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون. وطلب الجهاز المكلف التحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديموقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمض على تأسيسه أربع سنوات، ويعمل فيه أقل من مائة موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك عن اعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال، ورغبته بتولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب. وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد، وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير، الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان، يون، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران). وتبدأ المحاكمة في 14 يناير وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صادقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.

من جهة أخرى، أجرت بيونغ يانغ التجربة الصاروخية الجديدة أثناء زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى كوريا الجنوبية، وقبل أسبوعين من تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. وقال كيم الذي أشرف على عملية الإطلاق برفقة ابنته جو إي إن «نظام الصواريخ الفرط صوتي المتوسط المدى» يهدف إلى تعزيز الردع النووي للبلد تدريجياً. وأكد أن هذا السلاح الجديد «سيردع بشكل موثوق أي خصوم في منطقة المحيط الهادئ يمكن أن يؤثروا على أمن دولتنا».

وذكرت الوكالة الرسمية أنه تم استخدام «مركّب جديد من ألياف الكربون» لمحرك الصاروخ، كما «أدخلت وسيلة جديدة... إلى نظام التحكم في الطيران والتوجيه».

A photo released by the official North Korean Central News Agency (KCNA) shows the launch of an intermediate-range ballistic missile (IRBM) with a hypersonic warhead as payload, at an undisclosed location in North Korea, 06 January 2025 (issued 07 January 2025). EPA/KCNA EDITORIAL USE ONLY

ويسمح استخدام ألياف الكربون في صنع صاروخ بتخفيف وزنه، بالتالي زيادة مداه وقدرته على المناورة، لكنه يصعب السيطرة على هذه التكنولوجيا بسبب ضعف قدرة هذه المادة المركبة على مقاومة درجات حرارة مرتفعة. ويصنف صاروخ بأنه فرط صوتي حين تزيد سرعته عن 6 آلاف كلم في الساعة، ما يزيد بـ5 مرات عن سرعة الصوت.

وأوضح يانغ مو جين، رئيس جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «ما هو مقلق في هذا الصاروخ أن هذه التكنولوجيا لا تمتلكها حالياً سوى روسيا والصين والولايات المتحدة». وتابع: «من أجل الوصول إلى مثل هذه السرعة، لا بد من استخدام مواد قادرة على مقاومة ظروف قصوى».

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية أن الصاروخ أطلق من منطقة بيونغ يانغ واجتاز 1500 كلم بسرعة «ماخ 12» التي تزيد 12 مرة عن سرعة الصوت، قبل أن يسقط في بحر اليابان أو بحر الشرق، حسب التسمية الكورية. وأكد كيم جونغ أون «أن هذه الخطة والجهد هما حتماً للدفاع عن النفس وليسا خطة وعملاً هجوميّين». لكنّه شدد على أنه «لا يمكن للعالم تجاهل أداء» هذا الصاروخ القادر، على حد قوله، على «توجيه ضربة عسكرية خطرة لخصم بكسره بفاعلية أيّ حاجز دفاعي صلب». وأكد كيم أن «تطوير القدرات الدفاعية لكوريا الشمالية التي تهدف لأن تكون قوة عسكرية، سيتسارع بشكل أكبر».

وهذه أول عملية إطلاق صاروخ تقوم بها كوريا الشمالية في العام الجديد، بعد آخر عملية أجرتها في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) قبل ساعات من الانتخابات الرئاسية الأميركية. وندد بلينكن بعملية الإطلاق، مؤكداً أن بيونغ يانغ تتلقى «معدات وتدريباً عسكرياً» من روسيا.

من جانبه، ندد رئيس كوريا الجنوبية بالوكالة، تشوي سانغ موك، الثلاثاء، بـ«تهديد خطير» للأمن الإقليمي. ورأى المحللون في إطلاق الصاروخ وتصريحات كيم جونغ أون رسالة موجهة إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.