بدء عملية عسكرية في الأنبار.. واستمرار الجدل حول مشاركة الحشد الشعبي

ضابط كبير لـ {الشرق الأوسط}: لن تكون واسعة النطاق.. بل ستقوم على قضم الأرض

بدء عملية عسكرية في الأنبار.. واستمرار الجدل حول مشاركة الحشد الشعبي
TT

بدء عملية عسكرية في الأنبار.. واستمرار الجدل حول مشاركة الحشد الشعبي

بدء عملية عسكرية في الأنبار.. واستمرار الجدل حول مشاركة الحشد الشعبي

رغم إعلان قائد عمليات الأنبار، اللواء الركن قاسم المحمدي، عن قرب انطلاق عملية تحرير محافظة الأنبار من تنظيم داعش، فطبقا للتفاهمات التي توصل إليها رئيس الوزراء حيدر العبادي مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني والقيادة الكردية بخصوص ترتيبات تحرير نينوى، فإن الطريقة التي سينتهجها الجيش العراقي في الأنبار تقوم استنادا إلى ما أبلغ به «الشرق الأوسط» ضابط عراقي رفيع المستوى «على سياسة قضم الأرض من (داعش) وليس البدء بعملية واسعة النطاق على غرار ما حصل في تكريت».
من جهته، قال محافظ الأنبار صهيب الراوي لـ«الشرق الأوسط» إن «التعزيزات العسكرية وصلت لمدن الأنبار ونحن بانتظار استكمال التحضيرات للبدء بالعملية العسكرية لتحرير الأنبار». وأضاف الراوي أن القوات الأمنية وبمساندة فاعلة من متطوعي العشائر تمكنوا من استعادة السيطرة على مناطق مهمة وحيوية شرق الرمادي مما سهل الإسراع بإيصال التعزيزات العسكرية إلى المناطق المراد تحريرها.
في السياق نفسه، قال العقيد مهدي عباس، آمر «لواء الرد السريع»، إن قواته بدأت بعملية عسكرية لطرد مسلحي تنظيم داعش من منطقة الحوز وسط مدينة الرمادي. وأضاف عباس: «بدأنا عملية استعادة وتطهير الأراضي في منطقة الحوز بشكل بطيء لكون المنطقة مفخخة بالكامل».
ومع سير العمليات العسكرية في مدينة الرمادي أطلقت مجموعة من الشباب من أهالي محافظة الأنبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة إعلامية سموها «الأنبار تبتسم» ترقبا لعملية تحرير محافظتهم.
وكان قائد عمليات الأنبار أعلن في بيان أمس أن «الاستعدادات جارية لطي صفحة الدواعش في الأنبار من خلال شن عملية عسكرية كبيرة بمشاركة أبناء العشائر والحشد الشعبي». وأضاف أن «العصابات الإرهابية تحاول خلق فوضى في مناطق الرمادي من خلال محاولتها التعرض للقطعات العسكرية».
وفي السياق ذاته أكد مصدر في قيادة عمليات الأنبار بأن تعزيزات عسكرية ومدرعات ودبابات وصلت إلى مدينة الرمادي (110 كلم غرب بغداد)، للمشاركة في معارك تطهير المدينة من تنظيم داعش. وقال المصدر في تصريح صحافي أمس إن «معارك تطهير للمدينة ومحيطها مستمرة ضد تنظيم داعش». وأضاف أن «القوات الأمنية ستعمل على تنفيذ عمليات عسكرية وضربات موجعة ضد تجمعات عناصر التنظيم وتدمير معاقلهم ونقاط تمركزهم في مناطق متفرقة من الرمادي».
لكن الضابط العراقي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» ويدير أحد محاور القتال هناك أوضح أن «محافظة الأنبار تختلف من حيث التضاريس والمساحة والسكان عن محافظتي نينوى وصلاح الدين وبالاستناد إلى الدروس التي يمكن استخلاصها من معركة تكريت التي لم تنتهِ في الواقع بعد، بدءا من بيجي حتى الشرقاط، تضعنا أمام مسؤولية تحديد خياراتنا بدقة»، مشيرا إلى أن «مساحة الأنبار كبيرة جدا وليست كلها محتلة من تنظيم داعش، بما في ذلك مدينة الرمادي فضلا عن حديثة، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة الناجحة هي القيام بعمليات عسكرية نوعية، ومن ثم مسك الأرض والتوجه إلى منطقة أخرى لأنه لا يمكننا، سواء كقوات عسكرية من جيش وشرطة أو حشد شعبي في حال حصل ترتيب لمشاركته وقوات عشائر، الزحف على كامل مساحة المحافظة».
وأوضح الضابط الرفيع المستوى أن «المعلومات التي وصلت إلينا تفيد بأن أبرز قيادات تنظيم داعش في قضاء هيت بدأت تغادر المدينة لإحساسها أن ساعة الصفر لتحرير هيت قد بدأت، علما بأن تحريرها سيكون مفتاحا لحرير مناطق شاسعة أخرى وعزل (داعش) بعد أن كان راهن كثيرا على عزل هيت وحديثة عن باقي مناطق الرمادي، لأن ذلك يوفر له مساحة خالية بدءا من هيت وانتهاء براوة وعانة والقائم على الحدود العراقية - السورية».
في الوقت نفسه، يستمر الجدل بشأن مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الأنبار، لا سيما بعد حصول عمليات سلب ونهب واسعة النطاق بعد معركة تكريت. وعلى هذا الصعيد أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار غازي الكعود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معركة تكريت التي انتهت بهزيمة (داعش) تنطوي على دروس مهمة على صعيد كيفية مواجهة هذا العدو الذي لم يعد قادرا على تبرير وجوده تحت أي ذريعة وبات مطلوبا من قبل كل العراقيين». وأضاف أن «أهالي الأنبار الذين كان لهم عامي 2006 و2007 شرف مواجهة تنظيم القاعدة وطرده من المحافظة قادرون اليوم بعد توفير السلاح والعتاد على طرد تنظيم داعش»، مبينا أن «أبناء العشائر يشعرون الآن بالثقة ومعنوياتهم مرتفعة جدا من أجل طرد هذا التنظيم الإرهابي». وشدد الكعود على أن «أهالي الأنبار هم الأولى والأقدر على تحرير مناطقهم بمعاونة الجيش والشرطة والمتطوعين من أبناء العشائر في مختلف مناطق الأنبار وعشائرها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.