العراق يستعيد 431 مهاجراً برحلة «استثنائية»

كانوا عالقين عند الحدود البيلاروسية ـ البولندية

مهاجرون عراقيون في طريقهم للعودة إلى وطنهم (أ.ف.ب)
مهاجرون عراقيون في طريقهم للعودة إلى وطنهم (أ.ف.ب)
TT

العراق يستعيد 431 مهاجراً برحلة «استثنائية»

مهاجرون عراقيون في طريقهم للعودة إلى وطنهم (أ.ف.ب)
مهاجرون عراقيون في طريقهم للعودة إلى وطنهم (أ.ف.ب)

هبطت مساء أمس (الخميس) طائرة تقل مئات المهاجرين العراقيين كانوا عالقين عند الحدود بين بيلاروس وبولندا، في مطار اربيل في شمال العراق، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وأقلعت الطائرة التابعة للخطوط الجوية العراقية، من مينسك، ناقلة 431 شخصاً، وفق ما أكد مسؤول دبلوماسي عراقي لوكالة «إنترفاكس» الروسية.
وأفاد المتحدث باسم حكومة اقليم كردستان أن في المجمل، بلغ عدد المهاجرين الذين كانوا على متن طائرة البوينغ 747 التابعة لشركة الخطوط الجوية العراقية، 431 شخصًا، ويتحدر غالبيتهم من إقليم كردستان.
وأعلن خلال مؤتمر صحافي اعتقال عشرة مهرّبين خدعوا المهاجرين الذين نزل معظمهم في أربيل، على أن تُكمل الرحلة طريقها إلى بغداد.
وكان المدير العام لشركة الخطوط الجوية العراقية عباس عمران قال، في بيان، إنه «تم صباح اليوم (أمس) تسيير رحلة استثنائية بواسطة طائرة بوينغ B747 بعد الحصول على الموافقات الرسمية من قبل السلطات العليا العراقية والبيلاروسية». وأشار إلى تأمين جميع الاحتياجات المطلوبة وتخصيص كادر متخصص من طواقم الشركة لتنفيذ هذا النوع من الرحلات الإنسانية، لا سيما أن القادمين يعانون من أوضاع صعبة.
من جانبه، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، في بيان أمس، أن «430 مهاجراً عراقياً تم توثيق سفرهم إلى العراق على متن رحلة الإجلاء التي ستكون هذا اليوم». وقال الصحاف إن الوزارة تعمل بجهد عالٍ لتوفير أعلى مستوى من الاستجابة للعودة الطوعية.
وكانت وزيرة الهجرة والمهجرين في العراق إيفان فائق جابرو أكدت، أمس، خلال اجتماعها مع سفير الاتحاد الأوروبي فيلا فاريولا، ضرورة «تعاون الوزارة والاتحاد الأوروبي للتعامل مع هذا الملف بشكل إنساني وإيجاد حلول جدية، بالتعاون مع جميع المنظمات الدولية».
وقالت إن «الحكومة العراقية أوقفت جميع الرحلات المباشرة إلى بيلاروسيا حفاظاً على سلامة العوائل العراقية التي قد تقع ضحية لجشع المهربين». وأضافت: «نرفض العودة القسرية لجميع العراقيين في الخارج». وبحسب إحصائية لوزارة الخارجية العراقية، وقع أكثر من 751 عراقياً ضحية شبكات التهريب والاتجار بالبشر، وهم الآن عالقون على الحدود البيلاروسية الليتوانية والبولندية.
وقالت وزارة الخارجية العراقية إن مئات العراقيين الذين أقاموا في خيام على مدى أسابيع على حدود روسيا البيضاء مع الاتحاد الأوروبي حجزوا على رحلة طيران عائدة إلى العراق، أمس (الخميس).
ويمثل العراقيون، خاصة الأكراد منهم، نسبة كبيرة من بين مهاجرين يقدر عددهم بنحو أربعة آلاف ينتظرون في غابات روسيا البيضاء شديدة البرودة، ويحاولون عبور الحدود إلى ليتوانيا أو لاتفيا أو بولندا.
وعلى مدى شهور، اتهمت دول الاتحاد الأوروبي رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو بتدبير أزمة مهاجرين رداً على العقوبات التي فرضت على بلاده بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 2020، وتصدي السلطات للاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت ضده.
وقالت هذه الدول إن روسيا البيضاء سهلت للمهاجرين من الشرق الأوسط الطيران إلى مينسك ومحاولة دخول التكتل، وهو الاتهام الذي ينفيه لوكاشينكو.
والآن يعود مئات المهاجرين إلى وطنهم بعد فشلهم في عبور الحدود شديدة الحراسة. ووصف بعضهم الظروف القاسية للحياة في الغابة خلال الشتاء، خاصة مع وجود أطفال، وتعرضهم للضرب من حرس الحدود.
وقال شاب من أكراد العراق يبلغ من العمر 30 عاماً، رفض الإفصاح عن اسمه، إنه قرر تسجيل اسمه في رحلة الإجلاء مع زوجته بعدما حاولا عبور الحدود ثماني مرات على الأقل من روسيا البيضاء إلى ليتوانيا وبولندا. وقال لـ«رويترز» قبل يوم من موعد الرحلة: «لم أكن لأعود إلى العراق لولا زوجتي. إنها لا تريد العودة معي إلى الحدود لأنها رأت الكثير من الأهوال هناك».
ويأمل الاتحاد الأوروبي في أن تنحسر الأزمة في نهاية المطاف بفعل الضغط على شركات الطيران للامتناع عن نقل المهاجرين إلى مينسك، فضلاً عن تخلي المهاجرين عن محاولات دخول التكتل. ووافقت شركات طيران عدة بالفعل على وقف الرحلات إلى عاصمة روسيا البيضاء لمعظم الركاب من بلدان تشمل العراق وسوريا.
ولقي ثمانية أشخاص على الأقل حتفهم على الحدود في الأشهر الأخيرة، منهم شاب سوري (19 عاماً) غرق في نهر أثناء محاولته العبور إلى الاتحاد الأوروبي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.